تفيد جميع المؤشرات بأن المدارس الحكومية السعودية لا ترقى لمستوى التعليم الجيد، وأنها تراجعت بشكل كبير، في مقابل تقدم المدارس الخاصة التي تواصل الانتشار في مختلف مدن المملكة.
ارتفاع عدد المدارس الخاصة في السنوات الخمس الأخيرة بنسبة 13%، في مقابل ارتفاع عدد المدارس الحكومية بنسبة 1% فقط، دليل واضح على المستوى الذي آلت إليه المدارس الحكومية في المملكة، بحسب ما تشير دراسة نشرتها صحيفة “الوطن أون لاين” المحلية، في سبتمبر الماضي.
وبينت الدراسة التي حملت عنوان “إمكانيات نمو التعليم الخاص في المملكة”، ونفذتها “Strategic Gears”، أن من العوامل التي تؤثر على القطاع التعليمي خطط خصخصة التعليم، والحاجة إلى تحسين جودته، وزيادة تفضيل الآباء التعليم الخاص.
وتوقعت الدراسة ارتفاع نسبة التعليم الخاص في المملكة لأكثر من الضعف خلال السنوات القادمة.
وذكرت أن من أهم عوامل الارتفاع زيادة أعداد الطلاب والمبادرات التعليمية المتعلقة برؤية المملكة 2030، وزيادة تفضيل التعليم الخاص، لافتة النظر إلى أنه بحلول عام 2025 سيتطلب إنشاء 980 مدرسة خاصة جديدة لاستيعاب الطلاب.
الدراسة ذكرت أيضاً أن “إجمالي عدد المدارس في المملكة يبلغ 30.625 مدرسة، 26.248 منها مدارس حكومية، و 4.377 منها مدارس خاصة”.
وأضافت أن من المتوقع ارتفاع معدلات الالتحاق بالمدارس الخاصة إلى 15% عام 2025، مشيرة إلى أن هناك نسبة ازدياد سنوي لإجمالي عدد الطلبة في المملكة بواقع 3.5% حتى عام 2025.
وأكدت أن “نتائج الاختبارات الدولية للمملكة في الرياضيات والعلوم تتدنى، ولتحسين ذلك يجب تطوير المناهج الدراسية، أو تبني مناهج عالمية أكثر، في الوقت نفسه كفاءة المعلمين في المدارس منخفضة، ففي عام 2016 بلغ معدل ساعات التطوير المهني التي قضاها المعلمون 10 ساعات سنوياً”.
من جانب آخر فإن مؤشر “دافوس” لجودة التعليم، الذي يحرص على إصدار ترتيب عالمي للدول في مستوى جودة التعليم، يؤكد انخفاض جودة التعليم بالسعودية.
خسائر اقتصادية كبيرة
في يونيو الماضي، خلص تقرير صادر عن مؤسسة الملك خالد الخيرية لـ2019، إلى أن تراجع جودة التعليم، بالإضافة إلى الصحة والبيئة في المملكة، أدى إلى خسائر اقتصادية تقدر بـ300 مليار ريال سنوياً، تعادل 10% من الناتج المحلي الإجمالي.
وذكر التقرير الذي صدر بعنوان “العدالة عبر الأجيال نحو إطار وطني للازدهار”، أنه “على الرغم من ارتفاع معدلات الالتحاق بالتعليم، تراجعت الجودة؛ إذ يخسر كل طالب 4 سنوات تعليمية؛ وهو ما يشكل هدراً بقيمة 67 مليار ريال سنوياً، وتتسبب الخسائر في الصحة والتعليم في تهديد حقيقي لرأس المال البشري السعودي”.
لكن وعلى الرغم من انخفاض جودة التعليم فإن الرسوم في المدارس الخاصة ارتفعت؛ وهو ما أثار استياء أولياء أمور الطلبة، الذين لم يعد أمامهم لنيل أبنائهم تعليماً أفضل سوى إلحاقهم بالمدارس الخاصة، بعد أن تراجعت كثيراً المدارس الحكومية.
ففي تقرير لها، نشرته الخميس (21 أغسطس الجاري)، وصفت صحيفة الرياض المحلية، الحديث عن رسوم المدارس الأهلية بأنها “ظاهرة يتم تداولها مع بداية كل عام دراسي”، مؤكدة أن “الكثير من أولياء الأمور يرون أن تلك الرسوم أصبحت مرتفعة بشكل كبير”.
ونقلت الصحيفة عن عضو الجمعية السعودية للاقتصاد، عبد الله بن أحمد المغلوث، قوله: إن “الرسوم المدرسية أصبحت مرتفعة ولا بد من زيادة دعم الدولة في هذا الجانب المهم والحيوي بالنسبة لأولياء الأمور، ولفتح المزيد من المدارس الجديدة مع الحفاظ على جودة التعليم والتدريب”.
يُذكر أن المملكة أصدرت الكثير من القرارات الرامية إلى رفع جودة التعليم، وحل مشاكل القطاع، لكن الكثير من الانتقادات ما زالت تطول المؤسسة التعليمية، وتنتظر حلولاً جذرية.