خاص: أصدرت منظمة “فريدوم هاوس” الدولية مؤشرها بشأن الحريات في العالم بالعام 2020، وحصلت فيه المملكة العربية السعودية على 7 من 100 في درجات الحرية العالمية، بينما حصلت على 26 درجة من 100 في مقياس حرية الإنترنت.
وفي مقدمة مؤشرها حول الحريات في السعودية، قالت منظمة “فريدوم هاوس” إن “الملكية المطلقة في المملكة العربية السعودية تقيد جميع الحقوق السياسية والحريات المدنية تقريبًا”، مشيرة إلى أنه “لم يتم انتخاب أي مسؤول على المستوى الوطني، كما أن النظام هناك يعتمد على رقابة واسعة النطاق، وتجريم المعارضة، والطائفية والعرقية، والإنفاق العام المدعوم من عائدات النفط للحفاظ على السلطة”.
كما ذكرت المنظمة أن النساء والأقليات الدينية يواجهان تمييزًا واسع النطاق في القانون والممارسة بالمملكة، وأنه غالبًا ما تكون ظروف العمل للقوى العاملة الوافدة الكبيرة استغلالية.
التطورات الرئيسة في السعودية بعام 2020:
أوضحت المنظمة أن الإجراءات الاحترازية لمنع انتشار فيروس “كورونا” أثرت بشدة على الحريات بالمملكة، فأغلقت السلطات السعودية الحدود، وفرضت حظر التجوال، ومنعت المسافرين الأجانب من أداء فريضة الحج كجزء من جهودها للسيطرة على وباء “كورونا”، ورغم كل تلك الإجراءات سجلت البلاد واحدة من أعلى معدلات الإصابة في الشرق الأوسط، حيث بلغت الإصابات ذروتها في يونيو، وأبلغت منظمة الصحة العالمية عن 362000 حالة وما يزيد قليلاً عن 6200 حالة وفاة في نهاية العام بالمملكة.
كما أشار التقرير إلى أنه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، أعلنت الحكومة السعودية عن إصلاحات من شأنها تفكيك أجزاء من نظام الكفالة، والسماح للعمال الأجانب بمغادرة المملكة العربية السعودية بسهولة أكبر. ومن المقرر أن تدخل الإجراءات حيز التنفيذ في عام 2021.
وهي تلك الإجراءات التي تحدثت عنها العديد من الجهات الحقوقية الدولية أنها لا تكفي لوقف ما يحدث من انتهاكات لحقوق العمال في المملكة، مطالبين الحكومة السعودية بزيادة المكتسبات الممنوحة للعمالة الوافدة بالمملكة.
كما تطرق التقرير إلى الحكم الصادر ضد الناشطتين في مجال حقوق الإنسان (لجين الهذلول، ومياء الزهراني)، والذي صدر في ديسمبر/ كانون الأول، حين سلمت محكمة الإرهاب الناشطتين اللتين اعتقلتا في 2018، أحكامًا بالسجن قرابة ست سنوات، وكيف تم تعديل حكم “الهذلول”، التي تعرضت للتعذيب أثناء الاحتجاز.
المقاييس المستخدمة في المؤشر:
1- العملية الانتخابية:
أول المقاييس التي استخدمتها “فريدوم هاوس” في مؤشرها كان (العملية الانتخابية)، والتي حصلت فيه السعودية على مجموع درجات صفر من 12 درجة هي مجموع درجات هذا المقياس.
وأوضحت المنظمة أنه لا يوجد عملية انتخابية في المملكة لأي من مسؤوليها، بدءًا من الملك مرورًا بولي عهده، إلى مجلس الشورى الذي يعين الملك أعضائه البالغين 150 عضوًا، وليست لهم أي صلاحيات تشريعية، فهم فقط مستشارون.
وعرج التقرير إلى انتخابات البلديات التي يتم فيها انتخاب ثلثا عدد المقاعد، ويعين الثلث الأخير من خلال وزير الشؤون البلدية والقروية، وما يحدث فيها من تجاوزات تنزع عنها الشفافية والحرية، حيث تم استبعاد مرشحين بدون إبداء أسباب، كما يمنع القانون المرشحين من عرض برامجهم الانتخابية على النساء أو الاجتماع بهن.
2- التعددية السياسية والمشاركة:
حصلت المملكة على صفر من 16 درجة هي مجموع درجات ذلك المقياس، فلا يوجد أحزاب أو تنظيمات سياسية مسموح بها في البلاد، كما لم تعط القيادة الحالية أي مؤشر على أنها تخطط للسماح بإجراء انتخابات تنافسية لشغل مناصب في السلطة التنفيذية أو التشريعية في المستقبل.
كذلك أبدت والحكومة عدم تسامح مع الحركات المعارضة والمنتقدين المعتدلين، مثل جماعة الإخوان المسلمين، وهي منظمة سياسية إسلامية سنية تتعاطف معها نسبة كبيرة من السعوديين، وتم تصنيفها على أنها جماعة إرهابية منذ عام 2014.
كما أشار التقرير إلى أنه على الرغم من تقليص الحقوق السياسية لجميع المواطنين السعوديين، إلا أن النساء والأقليات الدينية والشواذ جنسيًا يواجهون عقبات إضافية أمام المشاركة نظرًا لقوانين المملكة وأعرافها الصارمة في الأمور بما في ذلك الفصل بين الجنسين والنشاط الجنسي، وعدم تسامحها مع الجماعات الدينية التي تنحرف عن الوهابية. حسبما جاء في التقرير.
3- عمل الحكومة:
وحصلت فيه المملكة على درجة واحدة من أصل 12 درجة، فلا يوجد رئيس حكومة منتخب، وكذلك المجالس التشريعية لا تحدد السياسة العامة للحكومة.
وحول شفافية الحكومة، أوضح التقرير أن أداء الحكومة مبهم إلى حد كبير، فرغم أن توافر بعض البيانات الاقتصادية آخذ في التحسن، ولكن بشكل عام، هناك القليل من الشفافية حول ما إذا كان يتم أو كيف يتم صرف أموال الدولة، أو بشأن عملية صنع القرار الداخلية.
وأعطى التقرير درجة واحدة للحكومة في محاربتها للفساد، مشيرًا إلى اتخاذ الحكومة بعض الخطوات لمكافحة الفساد واستعادة الأصول المختلسة، لكن أساليبها ظلت الغامضة ما أثار مخاوف جدية بشأن التسييس والافتقار إلى الإجراءات القانونية الواجبة.
4- حرية التعبير والمعتقد:
حصلت السعودية على درجتين من أصل 16 درجة هم مجموع درجات ذلك المقياس، فوسائل الإعلام في المملكة مسيطر عليها من قبل الحكومة، كما تحتفظ الحكومة بنظام واسع النطاق لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي.
وأشار التقرير إلى أن الحكومة تمارس تأثيرًا كبيرًا على رجال الدين المسلمين – سواء الشخصيات المعينة رسميًا التي تعتمد على رعاية الحكومة وعلماء الدين المستقلين الذين يحتاجون إلى قدر من حسن النية الرسمية من أجل العمل علانية، والظهور على شاشات التلفزيون، وتجنب العقوبات.
ورغم تأكيد التقرير على أن الحرية الأكاديمية مقيدة بالسعودية، حيث يقوم المخبرون بمراقبة الفصول الدراسية للتأكد من امتثالها لقواعد المناهج الدراسية، بما في ذلك حظر تدريس الفلسفة العلمانية والأديان الأخرى غير الإسلام، إلا أنه منح درجة واحدة للسعودية في ذلك المجال.
كما منح درجة واحدة كذلك للمملكة بشأن حرية الأفراد في التعبير عن آرائهم، لافتًا إلى أن السعوديون قادرون على الانخراط في درجة معينة من النقاش الخاص حول الموضوعات السياسية وغيرها، بما في ذلك انتقاد جوانب معينة من الأداء الحكومي، سواء عبر الإنترنت أو خارجها. ومع ذلك، فإن العقوبات الجنائية الشديدة تمنع المزيد من الانتقاد المباشر للنظام والمناقشة الحرة حول مواضيع مثل الدين أو العائلة المالكة.
5- الحقوق النقابية والتنظيمية:
حصلت المملكة على صفر من 12 في ذلك المقياس، فحرية التجمع ممنوعة، وتوجد عقوبات رادعة وقاسية تصل للإعدام، كما تواجه منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان مضايقات تصل للاحتجاز لمدد طويلة، كذلك لا توجد منظمة غير حكومية محلية تدافع علنًا عن حقوق أو قضايا الشواذ وثنائيي الجنس والمتحولين جنسيًا –حسبما جاء في التقرير-، أيضًا لا توجد قوانين تحمي الحق في تشكيل نقابات عمالية مستقلة.
6- حكم القانون:
حصلت فيه السعودية على درجتين من 16 فقط، ففي مسألة استقلالية القضاء أشار التقرير إلى أن السلطة القضائية تتمتع باستقلالية قليلة جدًا في الممارسة العملية، فيتم تعيين القضاة من قبل الملك ويشرف عليهم مجلس القضاء الأعلى، الذي يرأسه أيضًا وزير العدل المعين من قبل الملك.
ورغم عدم وجود حماية قانونية لحقوق المتهمين بشكل جيد، حصلت المملكة على درجة في هذه النقطة، مشيرة إلى أنه غالبًا ما يُحرم المعتقلون من الاتصال بمحام أثناء الاستجواب، كما أن الحبس الاحتياطي المطول والاحتجاز دون تهمة أمر شائع. ومزاعم التعذيب من قبل الشرطة وموظفي السجون شائعة، والوصول إلى السجناء من قبل منظمات حقوق الإنسان والمنظمات القانونية المستقلة محدود للغاية.
وقالت المنظمة إن تطبيق عقوبة الإعدام تتم على مجموعة واسعة من الجرائم بخلاف القتل العمد، بما في ذلك الجرائم المتعلقة بالمخدرات والاحتجاج. كما تمارس المحاكم تمييزًا روتينيًا ضد مجموعات مختلفة، حيث يمكن للقضاة أن يتجاهلوا شهادة أي شخص آخر غير المسلمين السنة الملتزمين.
7- الحقوق الفردية للمواطنين:
حصلت فيه المملكة على درجتين من 16، وأشارت المنظمة إلى أن الحكومة تعاقب النشطاء والمنتقدين بالحد من قدرتهم على السفر خارج البلاد، ويُجرّد دعاة الإصلاح بشكل روتيني من جوازات سفرهم. يمكن أيضًا منع أفراد عائلات النشطاء من السفر.
وأشار التقرير إلى عدد من القيود الرسمية على الزواج؛ حيث يطلب المواطنون إذن وزارة الداخلية للزواج من غير المواطنين، ويمنع الرجال من الزواج من نساء من دول معينة.
أما بالنسبة للعمالة، فأوضح التقرير أنه قد منحت عدد من التعديلات على قانون العمل التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2015 حقوقًا وحماية أوسع للعاملين في القطاع الخاص. ومع ذلك، لا ينطبق القانون على عمال المنازل، الذين تحكمهم لوائح منفصلة توفر ضمانات أقل ضد ظروف العمل الاستغلالية.
هذه باختصار كانت أبرز النقاط التي وردت في التقرير، والتي تؤكد بصورة قاطعة استحقاق النظام الحالي في المملكة للحصول على هذه الدرجة المتدنية على مؤشر الحريات العالمي. ويستطيع أي مواطن أو مقيم في المملكة أن يلمس هذا الواقع الذي يعيشه يوميًا في ظل حالة القمع والاستبداد التي تفشت في البلاد بصورة غير مسبوقة في هذا العهد الذي نتمنى أن يتغير قريبًا.