MBS metoo

“دافوس الصحراء”.. هل سجل اقتصاد السعودية المتهاوي فشلاً جديداً؟

اختتمت الجمعة 1 نوفمبر 2019، أعمال مؤتمر “دافوس الصحراء” السعودي للاستثمار، الذي سعى ولي العهد محمد بن سلمان من خلاله إلى ترميم صورته التي دمرت بفعل ممارساته وانتهاكاته بحق المواطنين بالمملكة ودوره في جريمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي، التي تسببت بواحدة من أسوأ الأزمات السياسية والاقتصادية للمملكة.

واعتبر مراقبون اقتصاديون أن مؤتمر “دافوس الصحراء” لم يحقق إلا “الفشل” و”خيبة الأمل” للمملكة التي تحاول أن تُخرج اقتصادها من مستنقع الأزمات الذي علقت به في السنوات الأخيرة بسبب حربها في اليمن، وعدم قدرتها على الخروج من ظلال عباءة اقتصاد النفط، علاوة على قضايا الفساد وواقعة قتل خاشقجي.

وفي نهاية المؤتمر أعلِن عن 20 مليار دولار فقط من اتفاقيات الاستثمار، مقارنة بـ56 مليار دولار حققها المؤتمر في العام الماضي.

وإضافة إلى التراجع في حجم الاتفاقيات، فإن معظم هذه الاستثمارات ذهبت إلى شركة أرامكو، وهو ما يعني فشل السعودية في خلق استثمارات غير نفطية.

 

اتفاقيات الوعود

كما أن هذه الاستثمارات، بحسب خبراء، تقع تحت وصف “اتفاقيات الوعود”، إذ يمكن أن تتراجع الشركات العالمية عنها بسهولة إذا فشلت السعودية في إنقاذ اقتصادها المنهَك، وفي إنهاء تهديدات مليشيات الحوثيين باليمن لأراضيها ومنشآتها الحساسة، فتكرار استهداف شركة أرامكو أو غيرها من المنشآت الاقتصادية، كما حدث قبل أكثر من شهر، سيكون كفيلاً بهروب الاستثمارات من المملكة بلا عودة.

ويقول المحلل الاقتصادي عبد الرحمن العساف، في تصريح لـ”الخليج أونلاين”: إن “السعودية حاولت من خلال هذا المؤتمر، الخروج من الصعوبات المالية والمخاطر الجيوسياسية التي تواجهها منذ سنوات”.

ويضيف العساف: “تواجه السعودية صعوبات في جذب الاستثمارات الأجنبية التي تحتاجها، خصوصاً بعد حملة مكافحة الفساد التي بدأت نهاية عام 2017، عندما تم احتجاز مئات من رجال الأعمال والأمراء”.

ويرى أن المملكة تحاول التخلص من هذه الصعوبات وتخطي تبعات قضية خاشقجي، وفي سبيل تحقيق ذلك خففت القيود المفروضة على حرية المرأة وحقوقها، وبدأت بإصدار تأشيرات سياحية واستضافة حفلات موسيقية ومباريات مصارعة.

لكن رغم كل هذه الفعاليات، فإن أزمة العلاقات العامة التي تعانيها السعودية إضافة إلى أزمتها الاقتصادية الخانقة ما تزال قائمة، وفق العساف.

 

سلعة سامة

وكانت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” الأمريكية قد قالت في تقرير سابق لها: إن “حكومة آل سعود أصبحت سلعة سامة بسياسة الولايات المتحدة، بعد مقتل خاشقجي وفي ظل انتهاكاتها الواسعة لحقوق الإنسان واعتقال مئات المعارضين ونشطاء حقوق الإنسان”.

ويقول العساف إنه “رغم مشاركة عديد من الشركات ورجال الأعمال من حول العالم في النسخة الأخيرة من مؤتمر دافوس الصحراء، فإن كثيراً من الشركات الكبرى العالمية ما تزال على موقفها بعدم القيام بأعمال في المملكة؛ خوفاً على سمعتها في ظل ما يثار عن سجل المملكة السيئ بمجال حقوق الإنسان”.

ويشير إلى أن أكبر دليل على فشل السعودية في تحسين صورتها أنه لم يتم الإعلان في مؤتمرها إلا عن اتفاقيات استثمار بقيمة 20 مليار دولار مقارنة مع 56 مليار دولار في دورة عام 2018 من المؤتمر نفسه.

ويوضح أن هذه الاستثمارات انتزعت معظمها شركة أرامكو النفطية، وهو ما يشير إلى فشل المملكة في تنويع اقتصادها وإيجاد موارد مالية جديدة للبلاد بعيداً عن النفط.

وإضافة إلى أن معظم الصفقات كانت من نصيب “أرامكو”، فإن هذه الاتفاقيات -كما يرى العساف- “مجرد وعود بالاستثمار وليست صفقات قطعية، وهو ما يعني أن الأمر سيكون متروكاً لتقديرات الشركات ورجال الأعمال الأجانب، الذين لن يغامروا بأموالهم في حال شعروا بوجود تهديدات لمشاريعهم مهما كانت ضئيلة، وأعتقد أن استمرار السعودية في حربها مع الحوثيين باليمن كفيل بوقف كل هذه الصفقات”.

يُذكر أن جماعة الحوثيين أعلنت، في سبتمبر الماضي، استهداف حقلي نفط بقيق وخريص في المنطقة الشرقية للمملكة، بـ10 طائرات مسيَّرة، وهو ما تسبب في اندلاع 7 حرائق ضخمة ألحقت أضراراً هائلة بالمنشأتين وعطّلت الإنتاج فيهما.

وتقع بقيق على بُعد نحو 75 كيلومتراً جنوبي مدينة الدمام في المنطقة الشرقية، وتُعد من المدن المهمة بالمنطقة؛ لوجود الموقع الرئيس لأعمال شركة “أرامكو”، وتضمّ أحد أكبر معامل تكرير النفط في العالم.

 

مستثمرون مفلسون

في السياق، يقول المحلل الاقتصادي جمال جبون: إن “شركات تكنولوجية عالمية عمِلت على استغلال مؤتمر الصحراء للترويج لمنتجاتها، كما أن مسؤولين بالدول المشارِكة كانوا يستعرضون بيانات اقتصادات بلادهم، وهو ما يعني أن المشاركين في هذا المؤتمر هم من استفادوا منه وليس المملكة، التي حصلت على صفقات ضئيلة”.

ويضيف جبون في تصريح لـ”الخليج أونلاين”: “الجميع ما زالوا يفضّلون الاستثمار بقطاع النفط السعودي، لأنه مضمون. المملكة لم تنجح في تنويع اقتصادها، وفشلت في إقناع الشركات العالمية بالاستثمار في مشاريع غير نفطية”.

وإضافة إلى ذلك، فإن الشركات التي أبرمت الصفقات مع السعودية في المؤتمر، تواجه متاعب مالية كبيرة، وقد استغلت حاجة المملكة للخروج من عزلتها السياسية والاقتصادية، مقابل الحصول على عقود ستكون مكلِّفة لاقتصاد المملكة، وفي الوقت ذاته ستُنقذ هذه الشركات من متاعبها المالية التي تهدد بانهيارها، وفق جبون.

وحسب تقرير لوكالة “بلومبيرغ” الأمريكية، فإن من بين الشركات التي حضرت المؤتمر مجموعة “سوفت بانك” اليابانية، التي تواجه متاعب مالية بسبب استثماراتها في شركة “وي روك” الأمريكية التي تقترب من الإفلاس.

وذكرت الوكالة أن مجموعة “سوفت بانك” ترغب في مقايضة العزلة التي تعيشها السعودية، مقابل الحصول على وعود استثمارية تتمكن لاحقاً من استغلالها في الحصول على قروض جديدة تُنقذها من أزمتها.

ويقول جمال جيون في هذا السياق: “يمكن القول إن المملكة تواجه عقبات سياسية واقتصادية ومالية كبيرة، وإنها لم تنجح حتى الآن في تخطي هذه العقبات رغم أنها تملك بيئة جاذبة لكل أنواع الاستثمار”.

ويضيف: “ما يجعل المملكة غير قادرة على تخطي عقباتها هو سياساتها الخاطئة، فهي تخوض حرباً في اليمن، وأقحمت نفسها في توتر مع إيران، ولديها سجلٌّ حافل من انتهاكات حقوق الإنسان، إضافة إلى قضية خاشقجي التي ما زال شبحها يطارد وليَّ العهد محمد بن سلمان، وعلاوة على كل ذلك مستنقع الفساد الذي تغرق فيه”.

والثلاثاء الماضي، وصفت صحيفة “فايننشال تايمز” في افتتاحيتها، إصلاحات السعودية بأنها “ضحلة وسريعة الزوال”.

وذكرت أن “الأمير محمد بن سلمان، الذي ورَّط بلاده في حرب لن ينتصر فيها، لا يفهم التعقيدات الجيوسياسية ولا خطورة المنصب الذي تسلَّمه، كما لم يتأدب -على ما يبدو- من تداعيات مقتل خاشقجي”.

Exit mobile version