كشف تقرير لوكالة “رويترز”، الاثنين، معلومات جديدة حول تفاصيل حملة اعتقال الأمراء في السعودية، التي شملت شقيق الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد السابق ووزير الداخلية.
وأكد التقرير، نقلاً عن مصادر مقربة من دائرة الحكم، أن الهدف الرئيسي لولي العهد السعودي محمد بن سلمان من اعتقال الأمراء البارزين “هو توجيه رسالة قوية لمنتقديه من داخل العائلة الحاكمة مفادها: لا تجرؤوا على معارضة صعودي للعرش”.
خطوة استباقية
وقالت أربعة مصادر على صلة بالعائلة الحاكمة إن الخطوة تهدف إلى ضمان “الإذعان” داخل عائلة آل سعود الحاكمة، التي شعر بعض أفرادها بالاستياء قبيل انتقال السلطة في حال وفاة الملك أو تخليه عن العرش.
أحد مصادر الوكالة وصف الاعتقالات بأنها “مساع استباقية لضمان موافقة هيئة البيعة على تسليم العرش للأمير محمد عندما يحين الوقت”.
وكان هدف الحملة الرئيسي هو الأمير أحمد بن عبد العزيز، الشقيق الأصغر للملك سلمان، وهو واحد من ثلاثة فقط من أعضاء هيئة البيعة، المسؤولة عن اختيار الملك وولي العهد، عارضوا تولي الأمير محمد ولاية العهد في انقلاب قصر عام 2017.
وتوافقت عدة مصادر صحفية على تأكيد 4 أسماء بين عدة أمراء معتقلين؛ هم الأمير أحمد (78 عاماً)، ونجله نايف رئيس جهاز المخابرات والأمن للقوات البرية، بالإضافة إلى ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف وأخيه نواف.
وقال مصدران لـ”رويترز” إن الأمراء اعتقلوا في فيلات ملكية في العاصمة الرياض، وسُمح لبعضهم بالاتصال بأفراد أسرته.
فيما أضاف مصدران ودبلوماسي أجنبي بارز أن ولي العهد، الذي سعى جاهداً لإحكام قبضته على السلطة، خشي من احتمال أن يحتشد الأمراء الساخطون حول الأمير أحمد والأمير محمد بن نايف باعتبارهما بديلين محتملين لتولي العرش.
وبيّن أحد المصادر: “هذا تحضير لانتقال السلطة… إنها رسالة واضحة للعائلة بأنه ليس بوسع أحد أن يعترض أو يجرؤ على تحديه”.
وأكد الدبلوماسي الأجنبي البارز أن الاعتقالات تمثل “صفعة أخرى لصورة المملكة في الخارج، في الوقت الذي بدا فيه أنها تتعافى من أثر موجة الغضب بعد قتل الصحفي جمال خاشقجي في عام 2018، والانتقادات المتعلقة بالحرب الدائرة في اليمن”.
استياء داخل الأسرة الحاكمة
مصادر الوكالة شددت على أن الاعتقالات جاءت رداً على تراكم “سوء تصرف” وليس مؤامرة ضد ولي العهد. واستخدم مصدران العبارة نفسها فقالا إن الأمراء تلقوا تحذيراً بـ”شدة أذن”، للتوقف عن انتقاد ولي العهد.
ونقل التقرير عن أحد المصادر قوله إن الأمير أحمد، الذي استضاف عدة مجالس، أثار الشكوك حول موقف ولي العهد من عدة قضايا، منها الخطة الأمريكية لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المعروفة إعلامياً بـ”صفقة القرن”، التي لم يعارضها بن سلمان رغم كونها تسعى للاستيلاء على الحق الفلسطيني.
وقال مصدران، أحدهما على صلة بالعائلة الحاكمة، إن الأمير أحمد طلب يوم السبت من أسرته إحضار “البشت”، وهو عباءة تلبس في المناسبات الرسمية، في مؤشر على أنه قد يظهر علناً قريباً.
ووفق المصادر، فإن أفراد العائلة الحاكمة الذين يريدون تغيير خط ولاية العرش، يعتبرون الأمير أحمد اختياراً محتملاً يمكن أن يحظى بدعم أفراد العائلة وقوات الأمن وبعض القوى الغربية.
وقال المصدر الرابع الذي تربطه صلات بالعائلة الحاكمة: “معسكر المستائين كان يتجمع حوله (الأمير أحمد) وكان هو يسمح بذلك”.
وتقول المصادر إن المعارضين يشككون في قدرة ولي العهد على قيادة البلاد بعد اغتيال خاشقجي بيد عملاء سعوديين في عام 2018، والهجوم العام الماضي على منشأة نفطية سعودية.
وشعر بعض أفراد الأسرة بالاستياء عندما قلص ولي العهد مخصصات العديد منهم وقيد حركتهم بدرجة كبيرة، واستبدل أمنهم بحرس تابع له.
يذكر أن حركة الأمير محمد بن نايف مقيدة ومراقبة بدرجة كبيرة منذ 2017، فيما قلل الأمير أحمد من الظهور العام منذ عودته إلى الرياض في أكتوبر 2018، بعد أن أمضى شهرين ونصف شهر بالخارج، وبدأ ينتقد القيادة السعودية أثناء رده على محتجين خارج مقر إقامته في لندن.
ما علاقة أمريكا؟
مصدر آخر لـ”رويترز”، ذو صلة بالعائلة الحاكمة، قال إن ولي العهد ربما أراد تمهيد طريقه للوصول للعرش قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية؛ خوفاً من أن تؤثر هزيمة دونالد ترامب على موقفه.
وقال دبلوماسيون أجانب إنه ربما تحرك ضد عمه وابن عمه من باب الحرص؛ خوفاً من أن “يتحول الأمريكيون ذات يوم لدعمهما”.
وسيكون تولي بن سلمان (34 عاماً) العرش خلفاً لوالده، في حال حدوث ذلك، أول انتقال للسلطة من جيل إلى جيل منذ وفاة الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس الدولة عام 1953، الذي خلفه ستة من أبنائه.