نشرت صحيفة “بوبليكو” الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن قرار السعودية إصدار حكم الإعدام ضد ثلاثة من رجال الدين الإصلاحيين الذين ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، المنظمة السنّية التي تعتبر إرهابية في هذا البلد.
وقالت الصحيفة في تقريرها، إن رجال الدين هؤلاء يعدّون من المعارضين الذي سُجنوا منذ سنة 2017 وحُكم عليهم بالإعدام مؤخرا. وبحسب الأخبار التي جرى تداولها مؤخرا في وسائل الإعلام الغربية وفي الشرق الأوسط، سيتم تنفيذ الإعدام مع موفّى شهر رمضان الحالي.
وبينت الصحيفة أن الداعية السعودي علي العمري، وهو أحد المعتقلين الثلاثة، وعرف بنشاطه على الشبكات التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي قد دافع عن حقوق المرأة في السعودية وأدان العنف المسلط ضدها. من جهة أخرى، يعد رجل الدين عوض القرني أيضا أحد المؤيدين لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في المملكة العربية السعودية، في حين يعتبر الداعية سلمان العودة الأكثر شعبية من بين الثلاثة، إذ يحظى بأكثر من 14 مليون متابع في حسابه على “تويتر”.
وأوردت الصحيفة أنه بحسب منظمة العفو الدولية، فقد نفذت المملكة العربية السعودية منذ بداية سنة 2019، أحكام إعدام في حق أكثر من 100 سعودي، معظمهم من الشيعة. وقد جرى القبض على رجال الدين السنيّين الثلاثة المذكورين في أيلول/ سبتمبر سنة 2017، بعد فترة وجيزة من تولي محمد بن سلمان لجميع الصلاحيات في المملكة.
وأوردت الصحيفة أنه في أيلول/ سبتمبر سنة 2018، بدأت محاكمة سلمان العودة، حيث عرف حينها أنه متهم بحوالي 37 جريمة، معظمها يتعلق بالإرهاب. وقبل أيام قليلة من اعتقاله، أي في التاسع من أيلول/ سبتمبر سنة 2017، دعا العودة إلى الوساطة وتحقيق المصالحة في ما يتعلّق بالنزاع الناجم عن مقاطعة السعودية وحلفائها لقطر، الدولة التي تعترف بشرعية جماعة الإخوان المسلمين، على عكس المملكة السعودية، ليتمّ بعد ذلك إلقاء القبض عليه على الفور.
وأفادت الصحيفة بأن العودة كان رهن السجن الانفرادي ولم يُسمح له بالتشاور مع محاميه. وفي هذا الصدد، قال أقاربه إنه تعرض للتعذيب والاعتداء، كما أنه ألقي القبض على أحد إخوته بسبب الإعلان عن عملية اعتقاله، ومُنع حوالي 17 فردا من أسرته من السفر إلى الخارج. والجدير بالذكر أن المحاكمة ضد الداعية سلمان العودة بدأت منذ الرابع من أيلول/ سبتمبر سنة 2018، أمام محكمة مختصة في القضايا الإرهابية. وقد استخدمت السلطات سابقا هذه المحكمة نفسها ضد نشطاء حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين بحجة حماية الأمن القومي.
وتجدر الإشارة إلى أن العودة متهم بانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين، التي تصنّفها السعودية منظمة إرهابية، فضلا عن تبرير الاحتجاجات في العالم العربي والدفاع عنها إلى جانب متابعة الإصلاحات السياسية والدينية في المملكة العربية السعودية. ويواجه الداعية تهمة إقامة علاقات مع العائلة المالكة القطرية وعدم دعم الحصار المفروض على هذا البلد.
وأكدت الصحيفة أن الصحفي السعودي جمال خاشقجي كان قد دافع عن العودة إلى حين ساعات من اختفائه في القنصلية السعودية في إسطنبول.
وفي خريف سنة 2018، واجه ابن سلمان عدة انتقادات بسبب الاشتباه في تورطه، على الرغم من أن ما حدث منذ ذلك الحين يشير إلى أنه لا يزال الرجل القوي في البلاد وأنه لا شيء يحصل دون إذنه.
وأفادت الصحيفة بأنه، في فترة التسعينيات، شارك سلمان العودة في حركة الصحوة السعودية، وهي حركة إسلامية مستوحاة من جماعة الإخوان المسلمين التي دعت إلى إقامة نظام ملكي دستوري وعارضت وجود الجيش الأمريكي في المملكة العربية السعودية. وكنتيجة لذلك، فقد وجد العودة نفسه بين قضبان السجن خلال الفترة الممتدة بين سنة 1994 و1999.
وأشارت الصحيفة إلى أنه، عندما بدأ الغزو الأمريكي للعراق في سنة 2003، دافع العودة عن “الجهاد” ضد القوات الأمريكية، على الرغم من دعمه في الوقت نفسه للتدابير التي اتخذتها المملكة العربية السعودية ضد القاعدة، وأدان صراحة أسامة بن لادن وهجمات 11 أيلول/ سبتمبر سنة 2001 في الولايات المتحدة. وفي بلده، يعتبر كل شخص يدافع عن سيادة القانون والمؤسسات التي تخدم مصلحة الشعب، إسلاميا ليبراليا.
وفي الختام، نقلت الصحيفة أن النظام الديني الوهابي يسود في المملكة العربية السعودية، إذ يتطلب ولاء مطلقا للملكية، في الوقت الذي يشكك فيه سلمان العودة والمعارضون الآخرون في هذا النظام ويدافعون عن نهج الإسلام السياسي للإخوان المسلمين. وعموما، كانت حركة الصحوة في السابق حركة سلمية وإصلاحية، على الرغم من وصف السلطات لها بالجهادية.