نشرت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية تقريرا تحدثت فيه عن تزايد الدعوات الرامية إلى زيادة الضغط على المملكة العربية السعودية من قبل البرلمانيين الأوروبيين، تزامنا مع توزيع المناصب الرئيسية في الهياكل الإدارية الأوروبية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها إنه في خضم توزيع المناصب الرئيسية في الهياكل البيروقراطية الأوروبية في بروكسل، برزت دعوات جديدة للتخلص من جماعات الضغط السعودية.
ويعتبر حزب الخضر من بين الفصائل السياسية في البرلمان الأوروبي التي تدعو إلى التصدي للضغط السعودي، ولعل ذلك ما جعل الدبلوماسيين السعوديين يحاولون منع مثل هذه الاتجاهات السياسية من الوصول إلى البرلمان الأوروبي.
وذكرت الصحيفة أن الأعضاء والنواب الأوروبيين التابعين لحزب الخضر في ألمانيا وبلجيكا، وجّهوا رسالة إلى البرلمان الأوروبي لتقييد الشركات والمنظمات التي تعمل لصالح المملكة العربية السعودية أو نيابة عنها، كما طالبوا بتعليق مشاركة المسؤولين السعوديين في أي اجتماعات رسمية في مقر البرلمان سواء على مستوى اللجان أو الوفود.
وفي وقت سابق، نشرت المقررة الخاصة للأمم المتحدة، أنييس كالامار، تقريرها الخاص حول التحقيق في الفضيحة المتعلقة بمقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، وتشير كالامار في هذا التقرير إلى أدلة موثوقة تثبت تورط ولي العهد محمد بن سلمان في اغتيال هذا الصحفي.
وأوردت الصحيفة أنه في شباط/ فبراير من هذه السنة، وضعت المفوضية الأوروبية السعودية ضمن القائمة السوداء للبلدان والأقاليم التي لديها آليات غير موثوقة فيما يتعلق بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وحيال هذا الشأن، قالت مفوضية العدل الأوروبية فيرا يوروفا: “نريد وضع أعلى المعايير فيما يتعلق بالمسائل المالية ومنع الضرر الذي قد يلحق بالاتحاد الأوروبي من خلال المعاملات غير القانونية”، كما دعت يوروفا لاتخاذ إجراءات عاجلة، نظرا لأن هذه المخاطر باتت منتشرة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في خضم ما يحدث، كثفت الرياض جهودها لتلميع صورتها في الخارج والترويج لنفسها على أنها واحدة من الحلفاء الرئيسيين للغرب، كما تحاول الرياض الحد من النقد الأوروبي لانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب المرتكبة في اليمن، وفي هذا الصدد، لجأ النظام السعودي إلى خدمات وكالات العلاقات العامة وشركات الاتصال الفرنسية.
وقبل يوم واحد من إدراج السعودية ضمن القائمة السوداء، دفعت الرياض لكلية أوروبا في بروج لتنظيم اجتماع لسفرائها في أوروبا مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي وأعضاء البرلمان الأوروبي، ونتيجة لذلك، وصل خطاب إلى كلية أوروبا من قبل 125 من خرّيجيها “المصدومين”، أعربوا فيه عن قلقهم إزاء علاقات المؤسسة مع السعودية، التي تعتبر دولة غير ملتزمة بقيم الاتحاد الأوروبي، كما طالبوا الكلية بقطع جميع علاقاتها مع المملكة، وفي وقت لاحق، أكدت الكلية أن السعوديين دفعوا لها مقابل تنظيم اجتماعات خاصة مع أعضاء البرلمان الأوروبي.
وأكدت الصحيفة أن إدراج السعودية ضمن القائمة السوداء قوبل بانتقاد شديد من قبل عدد من دول الاتحاد الأوروبي، الذين تجمعهم علاقات اقتصادية قوية مع السعودية، من أبرزهم المملكة المتحدة وفرنسا، من جهتها، وصفت السعودية هذا الإجراء بأنه مخيب للآمال، وهرعت لطمأنة بروكسل بأن التزام الرياض بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب يمثل “أولوية استراتيجية” بالنسبة لها.
وفي أواخر شباط/ فبراير، أرسل محمد بن سلمان خطابات إلى جميع زعماء الاتحاد الأوروبي لثنيهم عن إدراج الرياض في القائمة السوداء، مشيرا إلى أن هذه الخطوة من شأنها أن تعيق التجارة والاستثمار بين السعودية والاتحاد الأوروبي، وبناء على ذلك، رفض رؤساء دول الاتحاد الأوروبي بالإجماع إدراج السعودية ضمن القائمة السوداء، ما يعني أن جماعات الضغط السعودية بذلت قصارى جهدها.
وأضافت الصحيفة أن دول الاتحاد الأوروبي لديها حجتها لرفض هذه الخطوة، فعلى سبيل المثال، تستورد السعودية على نطاق واسع أسلحة من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإسبانيا، بينما يعد الاتحاد الأوروبي من أكبر مستهلكي النفط السعودي والمستفيد الأول من استثمارات الصندوق السيادي السعودي التي تناهز قيمتها 230 مليار دولار.
وحسب الخبير الروسي يوردي بارمين فإن دعوات البرلمانيين الأوروبيين قد تؤدي إلى إغلاق أروقة السلطة في بروكسل أمام جماعات الضغط السعودية، وعلى عكس الولايات المتحدة، حيث تلعب جماعات الضغط السعودية دورا خطيرا في بلورة صورة البلاد، تبدو آلية الاتحاد الأوروبي أكثر تعقيدا نظرا لأنها تؤثر على مصالح العديد من الدول.
وأوردت الصحيفة إلى أنه بالإضافة إلى السعوديين، تعمل جماعات ضغط تابعة للإمارات العربية المتحدة وقطر وتركيا وإسرائيل في الاتحاد الأوروبي، والمثير للاهتمام أن جماعات الضغط السعودية تعمل في الاتحاد الأوروبي بشكل منظم، ما يعني أنه من الصعب إيجاد ثغرة لهم يمكن إدانتهم من خلالها.