نشرت مجلة “فانيتي فير” الأمريكية تحقيقا مطولا، عن كيفية محاولة السعودية اختطاف مواطنين تعتبرهم أعداء للدولة وإعادتهم إلى البلاد، بل ومحاولة قتلهم في حالاتٍ معينة، مشيرة إلى أن اغتيال الصحفي جمال خاشقجي لم يكن انحرافا في سياستها مع معارضيها.
وبدأت التحقيق بالحديث عن الأمير المطارد خالد بن فرحان آل سعود المقيم في مدينة دوسلدورف الألمانية، حيث وصف خوفه الدائم من الاختطاف، والاحتياطات التي يتخذها عند مغادرته لمنزله، وكيف يقوم المسؤولون في ألمانيا بمتابعته للتأكد من سلامته.
على طريقة خاشقجي
وذكرت المجلة، أنه في الآونة الأخيرة، أثار بن فرحان، الذي نادرا ما يمنح مقابلات مع المراسلين الغربيين، غضب قادة المملكة من خلال دعواته لإصلاحات حقوق الإنسان وهذه شكوى غير عادية لأمير سعودي. علاوة على ذلك، تحدث إلينا بصراحة عن رغبته في إنشاء حركة سياسية قد تؤدي في النهاية إلى تثبيت زعيم للمعارضة في سدة الحكم، وإنهاء حكم العائلة الملكية.
وتحدث خالد للمجلة الأمريكية، أنه ذات يوم في يونيو/حزيران 2018، اتصلت به والدته، التي تعيش في مصر، معتقدة أنها تزف إليه خبرا سارا. وقالت إن السفارة السعودية في القاهرة اتصلت بها وكان لديها اقتراح: تريد المملكة إصلاح العلاقات مع الأمير وهي على استعداد لتقديم 5.5 مليون دولار له؛ كبادرة حسن نية. نظرا لأن بن فرحان كان يعاني ماليا، رحبت والدته بهذه الفرصة للمصالحة.
وذكرت أن بن فرحان لم يتعامل مع العرض بجدية، وعندما تابع مع المسؤولين السعوديين، أدرك أن الصفقة تنطوي على مخاطرة. أخبروه أنه لا يمكنه تحصيل مدفوعاته إلا إذا حضر شخصيا إلى سفارة أو قنصلية سعودية. حينها عرف أن الأمر فيه مكيدة، ورفض العرض.
وأوضحت المجلة، بعد مدة قصيرة، في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، شاهد بن فرحان تقريرا مذهلا عن توجّه جمال خاشقجي إلى القنصلية السعودية في إسطنبول لإنهاء معاملة حكومية تتعلق بزواجه، وبعد دقائق من وصوله تعرض خاشقجي للتعذيب والخنق على أيدي فرقة اغتيال سعودية. ثم تم التخلص من جثته عبر تقطيعه بمنشار عظم، ونقله إلى مكان ما، بحسب شريط تسجيل صوتي سربته السلطات التركية.
ولفت التحقيق إلى أن عملية اغتيال خاشقجي، أدانتها دول العالم، إلا أن دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر وآخرين في إدارة الرئيس الأمريكي لا يزالون على علاقة وثيقة مع القيادة السعودية استمروا في “العمل بشكل طبيعي” مع المملكة. في يونيو / حزيران، استضاف الرئيس ترامب محمد بن سلمان على مأدبة إفطار، وأثنى عليه في المؤتمر الصحفي بعدها، قائلا له: “أريد أن أهنئكم. لقد قمت بعمل رائع حقا”.
وأشارت المجلة إلى أن من بين الحاضرين في القنصلية التي قُتل فيها خاشقجي، كان ماهر عبد العزيز مطرب، أحد المساعدين المقربين لمحمد بن سلمان، الذي قام بإجراء مكالمات متعددة أثناء العملية، مع سعود القحطاني، رئيس الأمن السيبراني في المملكة والمشرف على العمليات الرقمية السرية. وربما يكون قد اتصل هاتفيا ببن سلمان نفسه، كان بن فرحان يتابع بدهشة البرامج الإخبارية التليفزيونية وفي متابعته للقطات كاميرات المراقبة لآخر ساعات خاشقجي، أدرك الأمير بكل وضوح: من خلال رفضه الذهاب إلى قنصلية سعودية لاستلام المبلغ الموعود به، أنه ربما تجنب مصيرا مشابها.
مونتريال
وانتقل تحقيق المجلة لتسليط الضوء على الناشط السعودي الذي يعيش في مونتريال الكندية، عمر عبد العزيز، وهو مثل بن فرحان، معارض سعودي، وكان شريكًا لجمال خاشقجي في العمل على إفشال الدعاية السعودية الخارجية لمحمد بن سلمان. وروى جوانب حادث لم يناقشه بتفصيل كبير من قبل. وقال إنه في مايو/أيار 2018، حضر ممثلان عن الديوان الملكي في كندا يحملان رسالة من بن سلمان.
وذكر التحقيق، نقلا عن الناشط السعودي، بأن الممثلان رتبا، مع مرافقهما وهو شقيق عبد العزيز الأصغر أحمد، سلسلة من اللقاءات في مقاهي مونتريال والحدائق العامة. شجعوه على وقف نشاطه والعودة إلى الوطن، وحثوه على زيارة السفارة السعودية لتجديد جواز سفره. وقال لي إنه فهم من فحوى كلامهم أنه إذا واصل أنشطته السياسية، فقد تتعرض أسرته للخطر.
وبحسب المجلة، فإنه على مدار مناقشاتهم، أصبح عبد العزيز مقتنعا بأن أخاه يتعرض لضغط من رفاقه السعوديين، فقام بتسجيل محادثاتهم، وقرر رفض عرضهم، لكن اختياره جاء باهظ الثمن. عندما عاد أخوه إلى المملكة، تم احتجازه في السجن، وهو باق فيه حتى يومنا هذا. بعد شهر من زيارة شقيقه – وقبل أربعة أشهر من مقتل خاشقجي – اكتشف عبد العزيز أن هاتفه قد تعرض للاختراق، وهو ما سيعرض الخطط الحساسة التي كان يطورها مع خاشقجي للخطر.
ولم يرد المسؤولون السعوديون على أسئلة “فانيتي فير” حول ما إذا كانت المملكة حاولت إعادة عمر عبد العزيز قسرا والعديد من الأشخاص الآخرين المذكورين في هذا التقرير. علاوة على ذلك، لم تستجب الحكومة السعودية ولا السفارة السعودية في واشنطن العاصمة لطلبات متعددة للتعليق على اختفاء واحتجاز مختلف المواطنين السعوديين المشار إليهم في هذا التحقيق.
وذكرت المجلة، أنه خلال المقابلات التي أجريت في ثلاث قارات مع أكثر من 30 شخصا – ناشطون وخبراء أمنيون وأقارب المختفين قسرا ومسؤولين حكوميين أمريكيين وأوروبيين وعرب – ظهرت صورة أوضح حول طريقة سجن السعودية في إعادة أو حتى قتل مواطنين يجرؤون على الاحتجاج على سياسات المملكة أو يشوهون صورة البلاد –في زعمهم- بطريقة أو بأخرى.
سعود القحطاني
وتطرق التحقيق إلى انتهاكات قامت بها الحكومة السعودية، ومنها الرقابة السيبرانية، ففي كثير من الحالات، بدأت مراقبة المنشقين السعوديين على الإنترنت. لكن الإنترنت كان في البداية شريان الحياة لملايين الناس في المنطقة. خلال الربيع العربي 2010-2012، ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي في إسقاط المستبدين في مصر وتونس وليبيا. بدأ الملوك في عدد من دول الخليج العربي يخشون المعارضة في بلادهم، حيث بث الكثير منهم مظالمهم أو نظّموا احتجاجاتهم عبر الإنترنت.
وذكرت المجلة، إنه في السعودية، على النقيض من ذلك، فقد رأى الحاكم في ذلك الوقت – الملك عبد الله – قيمة حقيقية في وسائل التواصل الاجتماعي، معتقدين أن الشبكة قد تعمل في الواقع على تضييق الفجوة بين الأسرة الحاكمة ورعاياها. “في البداية، لم يكن هوس المملكة بتتبع وسائل التواصل الاجتماعي هو مراقبة المنشقين أو المعارضين، بل تحديد المشكلات المجتمعية في وقت مبكر”، هذا ما قاله أحد الوافدين الغربيين الذين يعيشون في السعودية ويقدمون المشورة للنخبة الحاكمة والوزارات المختلفة في شؤون الأمن القومي. “كان لإعطاء المملكة فرصة لتحديد نقاط الضعف الاقتصادية والبقع العمياء بحيث يمكن أن تتدخل قبل أن ينفجر هذا الإحباط”.
وأوضحت، أنه خلال أوائل عام 2010، كان رئيس الديوان الملكي خالد التويجري، وفقا لمختلف الروايات الصحفية، قد اعتمد بدوره، على خريج شاب طموح في كلية الحقوق يدعى سعود القحطاني، كُلف بجمع فريق لمراقبة جميع أشكال وسائل الإعلام، مع التركيز بشكل خاص على الأمن السيبراني. كان القحطاني عضوا في سلاح الجو السعودي.
وأشار التحقيق إلى أنه على مرّ السنين، تعلم يحيى عسيري وغيره من منتقدي الحكومة أن إحدى غرف الدردشة الشعبية على شبكة الإنترنت الحديثة كانت في الواقع بمثابة فخ. قام نشطاء الإنترنت السعوديون بإعداده لإغراء الآخرين على الانضمام والتعليق بحرية، ليتم خداعهم في الكشف عن التفاصيل التي تكشف عن هوياتهم.
وبحسب المجلة، فإن العديد من النشطاء قالوا إن أحد هذه المنتديات، تم إنشاؤه من القحطاني، الذي كان في وقت مبكر، قد أوصى النظام الملكي بمعاملة الإنترنت كأداة مراقبة قوية وفعالة، (لم يستجب القحطاني لطلبات التعليق منا).
وبيّن التحقيق، أنه منذ ذلك الوقت، يتصدر القحطاني جهود الأمن السيبراني في البلاد. تضمنت شبكته الإلكترونية – وفقا لمراقبي حقوق الإنسان وخبراء الكمبيوتر- أجهزة المستخدمين السعوديين والمتسللين المستعدين لملاحقة منتقدي الحكومة في الداخل والخارج. عمل القحطاني عن كثب مع “هاكنك تيم”، وهي شركة مراقبة إيطالية تبيع أجهزة الاختراق وقدرات “الأمن الهجومية” في جميع أنحاء العالم. تتبع آخرون علاقات الحكومة السعودية مع شركة المراقبة الإسرائيلية “أن أس أو”، التي طورت نظام تجسس “بيجاسوس”، الذي كان له دور في محاولة حبس ما لا يقل عن ثلاثة معارضين تمت مقابلتهم في هذا التقرير.
ولفتت المجلة إلى أنه ظهر هذا الموقف العدواني لأول مرة في الوقت الذي أصبح فيه محمد بن سلمان مستشارا في الديوان الملكي، ثم تم تكثيفه في عام 2017، عندما تم تعيينه كولي للعهد.
مطاردة ناشطين وأمراء
وأورد تحقيق المجلة، أنه في أبريل/ نيسان الماضي، فوجئ إياد البغدادي، وهو ناشط عربي منفي يعيش في أوسلو، عندما جاء مسؤولو الأمن النرويجيون إلى شقته، وأخبروه أنهم تلقوا معلومات من المخابرات تقتضي بأنه في خطر. كان البغدادي، وهو فلسطيني، مقرب من خاشقجي. في الأشهر التي سبقت مقتل خاشقجي، كان الرجلان يعملان برفقة زميل أمريكي لتطوير مجموعة مراقبة لتتبع الرسائل الخاطئة أو التي يتم التلاعب بها والتي يتم نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنافذ الصحفية من السلطات السعودية وعملائها. وكان البغدادي قد حذر من أن قيادة بن سلمان تعتبره عدوا للدولة.
وذكر التحقيق، أنه في الواقع، بحسب البغدادي، قبل أسابيع قليلة من قيام المسؤولين النرويجيين بزيارته، كان يكتب عن جيف بيزوس مدير شركة أمازون وكيف صار موضوع مؤامرة سعودية للقرصنة والابتزاز. لم يخاطر النرويجيون وبادروا بنقله هو وأسرته إلى منزل آمن.
وأشارت المجلة إلى أن بعض هذه المهام لإسكات أو إلحاق الأذى بالنقاد السعوديين حدثت في دول متحالفة بشكل وثيق مع الرياض. عملية وقحة واحدة في فرنسا، على سبيل المثال، شارك فيها الأمير سلطان بن تركي، الذي عاش في أوروبا لسنوات. حفيد الملك عبد العزيز بن سعود، مؤسس المملكة، كان الأمير عدوا منذ فترة طويلة مع أعضاء نافذين في النظام الملكي واتهمهم بالفساد.
وأوضحت، أنه في عام 2003، ووفقا لشكوى قدمتها النيابة السويسرية، فقد تم تخدير الأمير ونقله سرا خارج سويسرا إلى المملكة العربية السعودية. منذ ما يقرب من عقد من الزمان بقي رهن الإقامة الجبرية وممنوع من مغادرة البلاد، مع مرور الوقت، تدهورت صحة الأمير وسعى للحصول على الرعاية الطبية الحرجة في الولايات المتحدة. فطلب السفر إلى الولايات المتحدة، وحصل عليها، بعد أن تلقى العلاج، تعافى لدرجة أنه شعر بالجرأة الكافية للرد على خاطفيه السابقين.
واستطرد التحقيق: تم رفع دعوى في عام 2014 ضد النظام السعودي، ومطالبته بسبب تهم جنائية رسمية ضد الزعماء السعوديين بتعويضات مالية عن الاختطاف. على الرغم من أن الدعوى لم تجدِ شيئا، إلا أن مثل هذه الدعوى لم يسبق لها مثيل: أمير سعودي يتقدم بشكوى قانونية في محكمة أجنبية ضد عائلته.
وذكرت المجلة، أن بيرجستريسر محامي الأمير السعودي حذر الأخير من أن مثل هذا الإجراء يمكن أن يؤدي إلى ردة فعل أشد من المملكة من عملية اختطاف التي قاموا بها عام 2003. “لقد جاءوا بعدك مرة واحدة”، قال لموكله: “لماذا لا يفعلون ذلك مرة أخرى؟”.
توجه التحقيق إلى ثلاثة أعضاء أمريكيين من حاشية الأمير، لإكمال بقية القصة، وهم بأسماء وهمية: كيري، أدريان، وبليك، لحماية هوياتهم. في يناير/كانون الثاني 2016 وصل الثلاثي، مع مقدمي الرعاية الطبية والأصدقاء، إلى مطار لو بورجيه خارج باريس، على متن طائرة الأمير الخاصة التي كان من المقرر أن تطير من فرنسا إلى مصر. عند وصولهم، رأوا طائرة أكبر بكثير، وهي من طراز “بوينج 737 – 900ER”، على مدرج المطار. (ظن الأمريكيون الثلاثة بأن الطائرة قد تم توفيرها مجانا من السفارة السعودية في باريس).
وقدمت “فانيتي فير” صورة للطائرة، تظهر لأول مرة، عبارة “المملكة العربية السعودية” مزينة على الهيكل. يحمل الذيل الشعار الأيقوني للبلاد (شجرة نخيل ممدودة بين سيفين) يحدد رقم الذيل، HZ-MF6″”، ووفقا لسجلات قاعدة البيانات على الإنترنت، أن الطائرة مملوكة للحكومة السعودية. علاوة على ذلك، تشير هذه السجلات إلى أن مالك الطائرة طلب عدم إتاحة التتبع العام للطائرة على موقع “فلايت أوار”، لاحظ فريق الأمن أن جميع طاقم الطائرة كانوا من الذكور. في حين أن هذا يبدو غريبا، فقد أخذ الأمير والوفد المرافق له مقاعدهم، واستقروا في هذه الرحلة. اقلعت الطائرة في الساعة 7:30 مساء. للقاهرة. بعد ساعات قليلة من الرحلة، تم إيقاف تشغيل أضواء الكابينة والشاشات الداخلية أثناء الرحلة. وتم إعادة توجيه الطائرة إلى الرياض.
وزادت: “عند الهبوط، يذكر كيري أن قوات الأمن كانت على متنها وأخذت بن تركي من الطائرة. وبينما تم جره إلى مدرج المطار، صرخ باسم واحد مرارا وتكرارا: “القحطاني. القحطاني” حكى لنا كيري رؤيته للأمير يتحول إلى اللون الأحمر مع الغضب، وجسده يتوارى في أحضان خاطفيه”.
ونقلت المجلة عن كيري وبليك قولهما، إن الركاب الباقين جردوا من هواتفهم وجوازات السفر وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، وتم نقلهم إلى فندق “ريتز كارلتون” في الرياض. في اليوم التالي، تمت مرافقة أعضاء الحاشية واحدا تلو الآخر إلى قاعة المؤتمرات وأُمروا بالتوقيع على اتفاقات عدم الإفصاح، ووعدوا بعدم مناقشة ما حدث على متن الرحلة أبدا. وقد احتُجزوا لمدة ثلاثة أيام قبل نقلهم إلى المطار ونقلهم جوا إلى خارج البلاد.
وذكر الثلاثة للمجلة الأمريكية، أنهم رأوا في الغرفة في فندق ريتز شخصا يرتدي ثوبا أبيضا وغترة، فقد قال كيري وأدريان إن الرجل كان سعود القحطاني: كلاهما كانا قادرين على التعرف عليه بعد عامين، بعد مقتل خاشقجي، تعرفوا على وجهه من التقارير الإخبارية. منذ ذلك الحين، لا يعرف الأمريكيون الثلاثة الذين كانوا مرافقين له، ولا الخبراء السعوديين الذين تحدثت معهم، مكان بن تركي.
ونوّه التحقيق إلى أنه مثل بن تركي، تم اختطاف اثنين من الأمراء البارزين، كلاهما يعيش في أوروبا. قام الأمير سعود سيف النصر أثناء إقامته في فرنسا، كتب تغريدة يوافق فيها على رسالة عام 2015 من ناشطين يدعون إلى الانقلاب على الحكم في السعودية ثم اختفى في ظروف غامضة، مشيرة إلى أحد أصدقائه السعوديين المنفيين يعتقد أن الأمير قد تم إغراؤه للمشاركة في مشروع تجاري مشبوه كان في الواقع خدعة تهدف إلى إجباره على المجيء إلى المملكة ضد إرادته.
وتناولت المجلة، قصة الأمير الثاني، تركي بن بندر – ضابط كبير في قوة الشرطة السعودية فر إلى باريس – استخدم قناته على يوتيوب للمطالبة بتغيير سياسي في السعودية. حتى أنه قام بتسجيل محادثة هاتفية ونشرها مع مسؤول سعودي يحاول إغرائه بالعودة إلى البلاد، لكن في عام 2015، تم إيقافه في مطار بالمغرب بناءً على ما زعمت سلطات الرباط أنه أمر انتربول وتم نقله قسرا إلى المملكة العربية السعودية.
وذهب تحقيق المجلة للحديث عن اعتقال الأمير سلمان بن عبد العزيز بن سلمان في بيته. لقد كان أميرا رفيع المستوى متزوجا من ابنة الملك عبد الله الراحل، وقد تحرك بسهولة بين السياسيين الأمريكيين وأفراد العائلة المالكة الأوروبية، ووفقا لأحد المطلعين على القصر الذي يعرفه جيدًا، فقد كان من منتقدي بن سلمان. في العام الماضي، اختفى الأمير الذي كان قبل أيام من انتخاب ترامب مع المانحين الديمقراطيين، بعد استدعائه إلى أحد القصور الملكية في الرياض. وبينما احتُجز الأمير في البداية بسبب “الإخلال بالسلام”، وفقا لبيان سعودي، لم يُتهم قط بارتكاب جريمة ولا يزال رهن الاحتجاز مع والده الذي ضغط من أجل إطلاق سراحه.
وتحدثت المجلة، عن أن أحد التصريحات شبه الرسمية القليلة التي صدرت على الإطلاق عن أفراد العائلة المالكة الذين تم اختطافهم من أوروبا جاء في عام 2017 من الرئيس السابق لجهاز المخابرات الخارجية السعودية، الأمير تركي الفيصل، الذي وصف “الأمراء المختطفين” بأنهم “مجرمون”. قال الفيصل: “نحن لا نحبذ الإعلان عن هذه الأشياء لأننا نعتبرها شؤوننا الداخلية. بالطبع، كان هناك أشخاص عملوا على إعادتهم. ولم يتم إخفاؤهم إنهم يرون عائلاتهم”.
الإخفاء القسري
وذكر التحقيق، أنه بصرف النظر عن مصداقية تصريحات الفيصل، فإن الأمراء ذوي الكفاءة العالية ليسوا الهدف الوحيد للذراع الطويلة للنظام. وهكذا، أيضا، كانت مجموعة متنوعة من الآخرين، بما في ذلك رجال الأعمال والأكاديميين والفنانين والإسلاميين الذين ينتقدون النظام، ووفقا لـ”مراسلون بلا حدود”، فإن هناك 30 صحفيا محتجزون حاليا.
ولفتت إلى أن نواف الرشيد، شاعر، هو من نسل قبيلة بارزة لها مطالب تاريخية بالعرش السعودي. على الرغم من أنه لم يكن شخصية سياسية ونادرا ما ظهر في المظاهر أو البيانات العامة، إلا أن نسبه، وفقا للخبراء والأقارب، كان كافيا لاعتباره تهديدا.
وأوضحت، أنه في رحلة إلى الكويت العام الماضي، أوقف الرشيد في المطار أثناء محاولته مغادرة البلاد وأُعيد قسرا إلى المملكة العربية السعودية. احتُجز بمعزل عن العالم الخارجي لمدة 12 شهرا، ولم يُتهم قط بارتكاب جريمة. رغم أنه تم إطلاق سراحه في وقت سابق من هذا العام، إلا أن هذه المصادر نفسها تقول إن “المحاولات المتكررة للاتصال به لم تنجح”.
وبحسب التقرير، فقد قُبض على مستشاري الحاشية الملكية كذلك. كان فيصل الجرباء أحد المساعدين وأحد المقربين للأمير تركي بن عبد الله آل سعود. في عام 2018، كان الجرباء في منزل عائلته في عمان عندما دخلت قوات الأمن الأردنية المبنى ونقلته بعيدا. ووفقا لأفراد الأسرة الذين تربطهم علاقات قوية مع قيادة البلاد، فقد نُقل إلى السفارة السعودية في عمان، ثم تم نقله تحت غطاء الظلام إلى الحدود وسلم إلى السلطات السعودية.
وزاد التحقيق، بالقول إن من الفئات المعرضة للخطر، وفقا لمصادر أكاديمية ودبلوماسية، الطلاب المبتعثين أصحاب الآراء النقدية للمملكة. فقد علق بعض الذين كانوا يتحدثون عن سجل حقوق الإنسان في المملكة أن الطريقة الوحيدة لحل تعليق خدمات البعثة هي العودة فورا إلى المملكة العربية السعودية لتقديم استئناف.
ونوّهت المجلة إلى أن قضية عبد الرحمن السدحان تشكل نموذجا آخر. مواطن سعودي – وابن أمريكي – كان السدحان خريجا عام 2013 من جامعة نوتردام دي نامور في بلمونت، كاليفورنيا. بعد حصوله على شهادته، عاد إلى المملكة ليكون جزءا مما اعتقد أنه مجتمع منفتح. عمل لمدة خمس سنوات في جمعية الهلال الأحمر السعودي وهي منظمة إنسانية.
وأردف: في 12 مارس/آذار 2018، ظهر رجال يرتدون الزي الرسمي في مكتبه، قائلين إنه مطلوب للاستجواب. غادر مع السلطات، ووفقا لأمه وشقيقته المستقرة في الولايات المتحدة، لم ترد بشأنه أية أخبار. يعتقد أقاربه أن اختفائه القسري قد يكون بسبب نشاطه على الإنترنت، بما في ذلك منشورات في مواقع التواصل الاجتماعي التي كانت تنتقد الدولة في كثير من الأحيان. لكنهم لا يستطيعون إثبات أي شيء؛ لم يتم اتهام السدحان بجريمة.
وأشارت إلى أنه في اليوم الذي تلا اختفاء السدحان، اختفت طالبة أخرى تدعى لجين الهذلول، التي التحقت بجامعة السوربون في أبو ظبي، استقلت سيارتها بعد اجتماع قصير وتم اختطافها. لجين ناشطة بارزة بين النسويات السعوديات، وكانت قد انتقدت كيف استمر بلدها، على الرغم من الإصلاحات الأخيرة، في مواصلة التمييز ضد المرأة. ومن المفارقات أن رؤيتها للتحديث، من نواح كثيرة، عكست خطاب ولي العهد، الذي كان يعد الغرب بأنه شرع في برنامج للتحرر الاجتماعي.
ووفقا للروايات التي قدمتها منظمات حقوق الإنسان، بحسب المجلة، فقد تعرضت الهذلول للتعذيب والتحرش الجنسي. وخلال زياراتها الدورية مع أفراد الأسرة، أخبرتهم عن أحد الرجال الذين شاركوا في استجوابها، هو سعود القحطاني.