MBS metoo

لمواجهة قمع بن سلمان.. أمراء معتقلون يلجؤون لجماعات الضغط بأمريكا

يخطط أمراء معتقلون من العائلة المالكة في السعودية وحلفاؤهم، الذين خلصوا إلى أنه من غير المحتمل أن ينالوا حريتهم من خلال الالتماس المباشر لحكومتهم، إلى الضغط من أجل قضاياهم في واشنطن، بما في ذلك توظيف جماعات ضغط لها صلات بدائرة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”.

تأتي هذه الخطوة، التي تعتبر بمثابة تعبير علني غير معتاد عن الانقسامات العميقة داخل الأسرة المالكة، في لحظة صعبة بالنسبة للسعودية وقائدها الفعلي، ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان”.

فالأمير الثلاثيني، الذي من المتوقع أن يصعد إلى العرش بعد وفاة والده المسن الملك “سلمان بن عبدالعزيز”، يكافح لقيادة أمته في ظل التدهور الاقتصادي الناجم عن فيروس “كورونا”، بينما يواجه مخاوف حقوق الإنسان التي تسببت فيها جزئيا موجات من اعتقال العشرات من أفراد العائلة المالكة ورجال الأعمال والحكومة والناشطين والصحفيين.

وفي محاولة واضحة لاستغلال الوضع، تواصل حلفاء لعددٍ من الأمراء المعتقلين في الأسابيع الأخيرة بمحامين ومستشارين في واشنطن بغرض تجهيز حملات قانونية، وحملات ضغط وعلاقات عامة، من أجل إنهاء ما وصفوه بـ”الاضطهاد السياسي” من قبل “بن سلمان”.

إذ وقع أحد كبار المساعدين السابقين للأمير المسجون الأمير “سلمان بن عبدالعزيز بن سلمان آل سعود”، الجمعة، على عقد بقيمة مليوني دولار لتوكيل “روبرت ستريك”، وهو أحد القائمين على حملات الضغط في واشنطن ومرتبط جيدا بدوائر السياسة الخارجية لإدارة “ترامب”، مقابل الضغط من أجل الإفراج عن الأمير.

على النحو ذاته الشهر الماضي، تعاقد عضو جماعة الضغط السياسي الجمهوري الذي قدم المشورة لحملة “ترامب” عام 2016، “باري بينيت”، مع عميل جديد تجمعه روابط مع أمير مسجون كان يعتبر أحد أكبر منافسي “بن سلمان”.

وفيما توجهت الأميرة المسجونة أخرى “بسمة بنت سعود”، ابنة الملك الثاني للسعودية، خلال الفترة الأخيرة بمناشدات علنية للملك “سلمان” للإفراج عنها، تواصل ممثلوها بهدوء هذا الشهر مع محامين واستشاريين في واشنطن ولندن بشأن حشد الدعم لقضيتها.

ومن المعروف أن الحكومة السعودية حظيت بدعم قوي من البيت الأبيض، رغم إجراءات القمع والإجراءات الأخرى التي أثارت مخاوف دولية بشأن قيادة “بن سلمان”؛ بما في ذلك التدخل العسكري السعودي في اليمن، وقتل الكاتب “جمال خاشقجي” في 2018 على أيدي مسؤولين سعوديين، وحرب أسعار النفط في المملكة هذا العام مع روسيا.

فقد أقام “بن سلمان” علاقات وثيقة مع “ترامب” وصهره “جاريد كوشنر”، كبير مستشاري البيت الأبيض. كما زادت الحكومة السعودية من ميزانيتها الضخمة المخصصة للضغط منذ مقتل “خاشقجي”.

لكن هناك قلقا متزايدا بالولايات المتحدة من ولي العهد في الكونجرس وفي بعض أركان وزارة الدفاع (البنتاجون) ووزارة الخارجية، مع العلم بأن الأمير حساس للغاية إزاء صورته على المسرح العالمي.

يأمل حلفاء أولئك الذين سجنهم، وممثلوهم في واشنطن، في استغلال هذا الوضع للضغط عليه للإفراج عنهم من خلال مزيج من جهود الضغط والعلاقات العامة لتسليط الضوء على مخاوف حقوق الإنسان والإجراءات القانونية المحتملة في المحاكم الدولية، وفقًا لأشخاص مطلعين على تلك الجهود.

 

ضغط على حكومات غربية

تشير الملفات المقدمة من شركة “سونوران بوليسي جروب” المملوكة لـ”ستريك” إلى وزارة العدل بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب إلى أن الشركة ستضغط من أجل إطلاق سراح الأمير “سلمان”، وذلك على حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي.

عميل العقد، الذي يستمر 6 أشهر، هو “هاشم مغل”، وهو باكستاني مقيم في باريس، ووُصف في التسجيلات بأنه “مساعد سابق كبير” للأمير “سلمان”.

كان الأمير “سلمان” من بين 11 أميرًا قُبض عليهم في يناير/كانون الثاني 2018. في ذلك الوقت، بررت الحكومة السعودية الاعتقالات على أنها نتيجة احتجاج غير قانوني، لكن تفاصيل الاعتقال ومكان وجود الأمير “سلمان” ما زالت غامضة.

يقول المقربون من الأمير “سلمان” إنه قضى قرابة عام في سجن الحائر المشدد الحراسة خارج العاصمة السعودية الرياض، ثم نُقل إلى الاحتجاز المنزلي في الرياض مع والده، الذي كان محتجزا أيضا، قبل نقله مرة أخرى هذا العام.

ويشير هؤلاء إلى أن الأمير “بن سلمان” كان مدفوعا جزئيا بالغيرة تجاه الأمير “سلمان”، وهو الملياردير السخي الذي تعلم في السوربون، والذي سافر حول العالم لإثراء العلاقات.

يعد الأمير “سلمان” من فرع ثانوي من العائلة المالكة، لكنه متزوج من ابنة الملك الراحل “عبدالله”، ويقال إنه ضغط من أجل إطلاق سراح ابن العم القوي، الأمير “تركي بن ​​محمد بن سعود الكبير”، الذي انتقد “بن سلمان” سرا.

وأكد ممثل أسرة الأميرة “بسمة” أنه هو وأحد أقارب الأميرة اتصلوا بمكاتب محاماة في واشنطن ولندن بشأن العمل من أجل إطلاق سراحها، لكنه قال إنهم لم يتمكنوا من توظيف أي شركة؛ لأن الحكومة السعودية جمدت حسابات الأميرة “بسمة” المصرفية بعد ظهور مناشدتها للإفراج عنها على “تويتر”.

ولم ترد السفارة السعودية في واشنطن على طلب للتعليق على الأميرة “بسمة” أو الأمير “سلمان” أو غيرهم من الأمراء المسجونين.

 

وكلاء ضغط مقربون من “ترامب”

يمتلك “ستريك” بعض الخبرة في تمثيل منافسي “بن سلمان”، بعد أن سجل سابقًا للضغط في عام 2017 لصالح “محمد بن نايف”، الذي كان ولي العهد وأول الخلفاء المفترضين للعرش قبل أن يتم دفعه جانبًا واحتجازه في وقت لاحق من قبل الأمير “بن سلمان”.

كان “سعد بن خالد الجابري” من كبار مستشاري “محمد بن نايف” في الرياض، وفي الشهر الماضي، قامت شركة يسيطر عليها أحد أبنائه -“خالد الجابري”؛ أخصائي أمراض القلب المقيم في تورونتو- بتوظيف شركة الضغط العائدة لـ”بينيت”، مستشار حملة ترامب السابق، للضغط من أجل “هجرة الرعايا الأجانب لأسباب إنسانية”، وفقا لتقديم بشأن حملات الضغط، ولا يشير التقديم إلى الجهة التي تطلب الهجرة أو لماذا.

في حين أن استعداد السعودية لإنفاق عشرات الملايين من الدولارات سنويًا على جماعات الضغط جعل بعض شركات واشنطن تشعر بالقلق من تمثيل منتقديها. شركة “بينيت” تمثل بالفعل قطر، المنافس الإقليمي للسعودية.

اكتسب “ستريك” سمعة في تمثيل الشخصيات الدولية التي تتجنبها العديد من جماعات الضغط في واشنطن. ففي هذا العام وحده، وقع عقودًا لتمثيل “إيزابيل دوس سانتوس”، ابنة الرئيس السابق لأنغولا التي اتهمت باختلاس ملايين الدولارات من شركة نفط حكومية كانت ترأسها ذات مرة، وإدارة الرئيس الفنزويلي “نيكولاس مادورو”، التي تعتبرها إدارة “ترامب” غير شرعية.

كان “ستريك” يمثل حكومة “مادورو” كمتعاقد تابع لشركة محاماة، لكن أنهت شركة المحاماة تمثيلها للإدارة الفنزويلية بعد أن كتب السيناتور الجمهوري “ريك سكوت”، وهو معارض قوي لـ”مادورو”، لمكتب المحاماة مهددًا بقطع دعمه.

ويمتلك “ستريك” علاقات مع شخصيات رئيسية في دائرة “ترامب”. إذ عمل مع “رودولف جولياني”، المحامي الشخصي للرئيس، أثناء التحقيق في اتهامه بجهود كسب الأعمال مع الحكومات الأجنبية، بما في ذلك البحرين. وهو قريب من “كريستن فونتنروز”، التي كانت المسؤولة الرئيسية في مجلس الأمن القومي لـ”ترامب” التي تتعامل مع السياسة الأمريكية تجاه السعودية قبل الاستقالة في أواخر عام 2018.

كانت “فونتنروز” ضغطت من أجل إصلاحات من الحكومة السعودية رداً على مقتل “خاشقجي”، لكن كان من المعروف أنها تفاوضت مع مستشاري “بن سلمان”، وبعد استقالتها، ذهبت للعمل في شركة “ستريك” قبل قبولها منصبًا يدير مبادرة “سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط” في مجلس الأطلنطي للأبحاث.

وقالت “فونتنروز”، التي لا تعمل نيابة عن أي سعودي محتجز، إن الضغوط على “بن سلمان” تجعل هذا “الوقت المناسب للضغط عليه” للإفراج عن السجناء.

لكنها أشارت إلى أن جماعات الضغط والمحامين الأمريكيين قد يواجهون صعوبة في إقناع إدارة “ترامب” بـ”السبب الجذري ليصبح ذلك أولوية في الوقت الذي يوجد فيه لدى الولايات المتحدة والسعودية العديد من الموضوعات الأخرى ذات الاهتمام الجيوسياسي الأكثر إلحاحًا”.

تكهن البعض في واشنطن والرياض بأن الأمير “سلمان” ربما يكون قد تعارض مع ولي العهد السعودي بسبب اجتماع في الأسابيع التي سبقت الانتخابات الرئاسية لعام 2016 في الولايات المتحدة مع النائب “آدم بي شيف”، وهو ديمقراطي من كاليفورنيا، الذي كان من أبرز منتقدي “ترامب” ولاحقا مدير اتهامه.

كما ورد أن الاجتماع شمل “أحمد خواجة”، وهو رجل أعمال لبناني أمريكي. اتُهم “خواجة” في ديسمبر/ كانون الأول بالعمل كوسيط لنقل أكثر من 3.5 ملايين دولار من تبرعات الحملات غير المشروعة بهدف شراء بعض النفوذ والتأثير في واشنطن -في البداية مع هيلاري كلينتون وحلفائها الديمقراطيين خلال حملة عام 2016، ثم مع ترامب بعد فاز في الانتخابات- لكسب “الحظوة” و “الدعم المالي المحتمل” للإمارات؛ الحليف المقرب من السعودية.

سعى ممثلو الأمير “سلمان” للحصول على دعم القادة الغربيين خارج الولايات المتحدة، بما في ذلك الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”.

وأثار مسؤولون من البرلمان الأوروبي مخاوف بشأن اعتقال الأمير “سلمان” ووالده في رسائل إلى المفوضية الأوروبية والأمير “بن سلمان”.

وقد كتب نائب رئيس وفد البرلمان الأوروبي للعلاقات مع شبه الجزيرة العربية”مارك تارابيلا”، في رسالة إلى أحد قادة الاتحاد الأوروبي: “ما زلت واثقًا من أن الإفراج سيكون له تأثير إيجابي على علاقات البرلمان الأوروبي مع السعودية”.

Exit mobile version