MBS metoo

ما الذي يحتاجه محمد بن سلمان لتبييض صورته؟

في 10 أبريل/نيسان، أعلنت وزارة الدفاع السعودية إعدام 3 جنود بعد ما أسمته “محاكمة عادلة” في محكمة متخصصة.

وقد أدين الرجال وحُكم عليهم بالإعدام في جرائم “الخيانة العظمى” و”التعاون مع العدو”.

وباستثناء أسماء الرجال، لم يتم تقديم مزيد من التفاصيل.

ونشر “علي الأحمد”، أحد منتقدي النظام في واشنطن، مقطع فيديو على “تويتر” لما يبدو أنه جنود يحرقون ويدوسون صورة لولي العهد السعودي، “محمد بن سلمان”. وفي التغريدة، قال “الأحمد” إنه “أُبلغ أن هذا الفيديو وراء إعدام الجنود الثلاثة”.

وبالنظر إلى غموض النظام السعودي، كان من الممكن إعدام الجنود لعدد من الأسباب، مثل التورط في البيع غير المشروع للأسلحة للمتمردين الحوثيين في اليمن؛ حيث يتم تنفيذ المحاكمة والإعدامات في القيادة الجنوبية للجيش بالقرب من الحدود اليمنية. أو ربما كانت إهانة “الذات الملكية” بحرق الصورة، وهو ما أغضب “بن سلمان”.

وإذا كان الاتهام الأخير وراء الإعدامات، فإن ذلك يعزز صورة الزعيم المُتقلب والمحب للعنف، والذي تتهمه وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بالأمر بقتل الصحفي السعودي “جمال خاشقجي” عام 2018.

ومهما حاول “بن سلمان” فلن يستطيع إلقاء تلك الجريمة وراء ظهره.

لقد ساقه غضبه فقط لقتل “خاشقجي”، الذي كان في وقت من الأوقات مساعدا مقربا لكبار أعضاء الأسرة الحاكمة؛ لأنه فقط غادر المملكة وكان لديه الجرأة لانتقاد “سمو الأمير” في أعمدة كتبها لصحيفة “واشنطن بوست”.

 

إلقاء النقاد في السجن

ويجب على رجال الأعمال والسياسيين الغربيين، الحريصين على التعامل مع السعودية، النظر للعديد من تصرفات هذا الأمير الجامح والمندفع، مثل الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، والتي اعتقد “بن سلمان” أنه سيفوز بها في غضون أسابيع قليلة، لكنها دخلت الآن عامها السابع.

وهناك حصار قطر في يونيو/حزيران 2017، الذي لم ينته حتى يناير/كانون الثاني 2021، والقبض على رئيس الوزراء اللبناني آنذاك “سعد الحريري”، وإجباره على الاستقالة في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، واعتقال واحتجاز أكثر من 400 من رجال الأعمال السعوديين وكبار أعضاء العائلة المالكة، مع زعم أن بعضهم تعرض للتعذيب ولم يُفرج عنهم إلا بعد التوقيع على عقود بالتنازل عن الشركات وتسليم ملايين الدولارات في عملية ابتزاز على غرار المافيا.

لكن حتى سجن “لجين الهذلول”، الناشطة السعودية في مجال حقوق المرأة، لم يسبب أي شكل من أشكال القلق في مجالس الإدارة وأروقة السلطة السياسية الغربية.

وتزعم “الهذلول” وعائلتها أنه منذ اعتقالها في مايو/أيار 2018، تعرضت للتعذيب في الحجز والصعق بالكهرباء والجلد والاعتداء الجنسي والإيهام بالغرق في سجون سرية قبل أن يتم تقديمها أخيرا إلى المحاكمة.

وتزعم أن من بين المسؤولين عن التعذيب “سعود القحطاني”، المقرب من ولي العهد والمتورط بشدة في مقتل “خاشقجي”.

وتم إطلاق سراح “الهذلول” أخيرا لكن بشروط صارمة في فبراير/شباط من هذا العام.

ولم تحقق السلطات السعودية قط في مزاعم التعذيب.

وأدى وصول “جو بايدن” إلى البيت الأبيض رئيسا للولايات المتحدة إلى نزع الحماية التي قدمها سلفه “دونالد ترامب” لولي العهد السعودي.

وفي فبراير/شباط الماضي، أفرج “بايدن” عن تقرير رُفعت عنه السرية لوكالة الاستخبارات المركزية بشأن مقتل “خاشقجي”.

وجمد “بايدن” مبيعات الأسلحة للسعوديين للضغط على “بن سلمان” لإنهاء الحرب في اليمن.

وأشار “بايدن” أيضا إلى أن قضايا حقوق الإنسان عادت الآن إلى جدول الأعمال.

ويقبع آلاف السجناء السياسيين في سجون النظام السعودي.

ويشمل ذلك الباحث والمؤلف “سلمان العودة”، الذي يطالب المدعي العام بعقوبة الإعدام بحقه، وعامل الإغاثة “عبد الرحمن السدحان”، الذي حُكم عليه في مارس/آذار بالسجن 20 عاما بعد إدانته بكتابة تغريدات مجهولة تنتقد النظام.

 

العلاقات العامة وصورة بن سلمان

ويمثل موقف “بايدن” من السعودية مشكلة بالنسبة لـ”بن سلمان”، ولكن ربما لا يدرك الأخير حجم تلك المشكلة.

وبعد كل شيء، فإن “بايدن” هو براجماتي آخر قد لا يفرض، في النهاية، الكثير من التكلفة على جبهة حقوق الإنسان قبل أن تسكته صفقة أسلحة ما.

ولكن مع كل خطوة يتخذها “بن سلمان” لإعادة تأهيل صورته وإعادة تقديم المملكة كمجتمع حديث ومنفتح حيث يزدهر “الإسلام المعتدل”، تأتي امرأة رائعة وشجاعة اسمها “خديجة جنكيز”، خطيبة “خاشقجي”، لتذكر العالم بأصل هذه الصورة.

وعندما حاول “بن سلمان” استخدام صندوق الاستثمار العام السعودي لشراء “نيوكاسل يونايتد”، وهو نادٍ لكرة القدم في المملكة المتحدة، كانت “جنكيز” موجودة للطعن في عرض الاستحواذ.

ولقد فشلت الخطة، ما أثار استياء ولي العهد.

وعندما قام مؤخرا بتعليق محفظة بقيمة 100 مليون دولار لتأمين نقل معركة الوزن الثقيل بين “أنتوني جوشوا” و”تايسون فيوري” للمملكة، استخدمت “جنكيز” صحيفة “التليجراف” للتعبير عن غضبها، وقالت: “لا أستطيع أن أصدق بعد كل هذا الوقت، وكل الأدلة التي تثبت ذنبه، أن ولي العهد السعودي لا يزال من الممكن أن يكون مضيفا لمثل هذه الأحداث الرياضية العالمية، التي يستخدمها لأسباب سياسية ولتبييض صورته”.

وتشير الدلائل إلى أن السعودية ستستضيف تلك المباراة، لكن قد يضطر “بن سلمان” إلى سحب أكثر من 100 مليون دولار من صندوق الاستثمارات العامة للقيام بذلك.

لكن الأحداث الرياضية وحملات العلاقات العامة المكلفة لن تقضي على وصمة مقتل “خاشقجي”.

ولإعادة تأهيل صورته، سيضطر “بن سلمان” إلى تحقيق العدالة لـ”الهذلول”، وإسقاط التهم عن “عودة” والإفراج عنه، ووضع حد للسجن الجائر لـ”السدحان”، وإطلاق سراح الآلاف من سجناء الرأي الآخرين.

وسيتعين على “بن سلمان” تحمل المسؤولية عن أفعاله والاعتراف بجرائمه، وهو ما لا يستطيع فعله.

لكن ما يمكنه فعله وسيفعله هو أن يلعب لعبة الوقت والانتظار على أمل عودة “ترامب” أو أحد أتباعه إلى البيت الأبيض عام 2025.

Exit mobile version