نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية تقريرا انتقدت فيه ما اعتبرت أنه “اضطهاد” يمارسه ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بحق مواطنين أمريكيين، دون أي مقاومة من الإدارة الأمريكية.
واعتبرت الصحيفة، في تقرير ترجمته “عربي21″، أن زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو للسعودية، التي بدأت الأربعاء، تركز على الحملة المستمرة التي تشنها الولايات المتحدة ضد إيران.
ولكن الزيارة، بحسب الصحيفة، ستناقش أيضا “قضايا حقوق الإنسان والشؤون القنصلية المتعلقة بالمملكة العربية السعودية”.
ومن المقرر أيضا، بحسب “واشنطن بوست”، أن يسعى بومبيو لوضع حد لمماطلة السعودية بشأن وضع معتقلين يحملون الجنسية الأمريكية.
وأشارت الصحيفة إلى أن النظام السعودي كان يُماطل منذ أشهر، ويعد الإدارة الأمريكية بإنهاء الملاحقة القضائية “الواهية”، بحسبها، فيما يتعلق بملف وليد فتيحي، الطبيب الذي كان يشرف باستمرار على رعاية الموظفين الدبلوماسيين الأمريكيين العاملين في قنصلية جدة.
والجدير بالذكر أن الدكتور فتيحي اعتقل وتعرض للتعذيب في تشرين الثاني/ نوفمبر من سنة 2017، خلال إحدى حملات القمع المحلية التي شنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وقد احتُجز لمدة 21 شهرا دون تهمة، وعندما بدأت محاكمته الوهمية أخيرا، منع هو وسبعة من أفراد أسرته، وجميعهم مواطنون أمريكيون، من مغادرة البلاد، وفق التقرير.
وتنسب الصحيفة لـ”محمد سلطان”، الذي يقود مبادرة “الحرية” في واشنطن، القول إن مسؤولين أمريكيين تلقوا وعودا بإخلاء سبيل “فتيحي” بعد جلسة استماع كانت مقررة في 9 كانون الأول/ ديسمبر الماضي. ولكن الرياض أُجلت الإجراءات لمدة شهرين، ثم أُجلتها مرة أخرى إلى الثاني من شباط/ فبراير.
وأفادت الصحيفة بأن هذه “الإهانة الواضحة للمصالح الأمريكية” قد تبدو أمرا غير عادي، نظرا لأن الرئيس دونالد ترامب نشر مؤخرا الآلاف من القوات والموارد الأميركية في الخليج العربي للدفاع عن المملكة العربية السعودية ضد الهجمات الإيرانية. لكن محمد بن سلمان خلص إلى أنه قادر على اضطهاد الصحفيين والمنشقين وحتى المواطنين الأمريكيين دون النظر إلى عواقب ذلك على علاقته بواشنطن.
وفي هذا السياق، تبرز قضية الصحفي جمال خاشقجي، المقيم الأمريكي وكاتب عمود صحيفة “واشنطن بوست”، الذي قتل منذ 16 شهرا “على يد مجموعة من القتلة المستأجرين السعوديين”، بحسب الصحيفة، التي ذكّرت بأن بومبيو صرح مرارا بأن الولايات المتحدة تحقق في القضية وستحاسب المسؤولين عنها.
وذكرت الصحيفة أنه باستثناء رفض منح تأشيرات إلى 21 شخصا لدخول الولايات المتحدة، لم تفعل الإدارة أي شيء. وفي الشهر الماضي، أخفقت الإدارة في الامتثال لتفويض الكونغرس، الذي تضمنه قانون الدفاع الصادر في كانون الأول/ ديسمبر، والذي يقضي بتقديم تقرير إلى الكونغرس يحدد هوية أي سعودي متورط في “توجيه أو طلب أو التلاعب بالأدلة” في قضية خاشقجي. وبطبيعة الحال، هذا يشمل بالضرورة ولي العهد، الذي خلصت وكالة المخابرات المركزية إلى أنه المسؤول عن عملية الاغتيال.
وفي الواقع، استمر المسؤولون الأمريكيون في الضغط على النظام لاتخاذ إجراء ضد سعود القحطاني الذي قاد العملية ضد خاشقجي ويعتقد أنه مسؤول عن اعتقال وتعذيب عدد من الناشطات البارزات في مجال حقوق المرأة. ومع ذلك، بحسب التقرير، لا يزال القحطاني يتمتّع بالحصانة، حيث انتهت محاكمة سعودية مغلقة للمتهمين الـ11 في قضية قتل خاشقجي في كانون الأول/ ديسمبر بإصدار حكم بالإعدام في حق خمسة أشخاص وسجن ثلاثة آخرين، استنادا إلى استنتاج زائف واضح مفاده أن جريمة القتل لم تكن متعمدة.
وفي الختام، خلصت الصحيفة إلى أنه عند سؤال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأمريكية في إحاطة إعلامية حول مناصرة الولايات المتحدة لحقوق الإنسان، ومآل التحقيق في قضية خاشقجي، ردّ بتهكّم قائلا: “ما زلنا نبحث في وقائع القضية. إنها عملية لا تنتهي أبدا”. تماما مثل الاستجابة السعودية لطلبات بومبيو بالإفراج عن الدكتور فتيحي وغيره من السجناء الأمريكيين.