MBS metoo

أبعد من “غسيل السمعة”.. لماذا توسع السعودية إنفاقها في المجال الرياضي؟

يقود صندوق الاستثمارات العامة في السعودية فورة الإنفاق الرياضي في عام جديد، في محاولة للتغطية على انتهاكات حقوق الإنسان عبر الغسيل الرياضي.

ويقول موقع “ميدل إيست مونيتور” في تقرير ترجمه “الخليج الجديد” إنه بعد عام 2022 القوي الذي شهد إطلاق اتحاد الجولف “LIV Golf” وتوقيع “كريستيانو رونالدو” لنادي النصر في الرياض، تتردد أنباء عن أن العملاق الخليجي يتخذ خطوات لشراء اتحاد المصارعة “WWE”، وكذلك ضم نجم كرة القدم الأرجنتيني “ليونيل ميسي” إلى نادي الهلال، مقابل مبلغ قياسي.

وفي عام 2021، اشترى السعوديون حصة مسيطرة في فريق “نيوكاسل” الذي يلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، وقدموا سباق الجائزة الكبرى “فورمولا “1.

كما حصلت المملكة على حقوق استضافة كأس السوبر الإسباني لسنوات مقبلة، ونتيجة لذلك، ظهرت اتهامات بالغسيل الرياضي من مجموعة متنوعة من جماعات حقوق الإنسان.

 

الغسيل الرياضي

ويقصد بالغسيل الرياضي، الجهد المتضافر من قبل بلد (أو منظمة) لاستخدام الرياضة الدولية لتحسين سمعتها التي شوهتها انتهاكات حقوق الإنسان، وإعادة تقديم نفسها على المسرح الدولي.

ومن الأمثلة التاريخية التي يُستشهد بها كثيرًا حول الغسيل الرياضي، استضافة ألمانيا النازية لدورة الألعاب الأولمبية لعام 1936، وهو عرض تمت الموافقة عليه في عام 1931 في ظل “جمهورية فايمار”، وهي الجمهورية التي نشأت في ألمانيا في أعقاب الحرب العالمية الأولى وقبيل ظهور النازية.

واستخدم “أدولف هتلر” الألعاب لإبهار الرياضيين الزائرين وتعزيز صورة ألمانيا المتدهورة بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى.

ومن الأمثلة الأكثر حداثة استضافة الصين لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2022، واستضافة روسيا كأس العالم لكرة القدم 2018، حيث أطلق الرئيس “فلاديمير بوتين” البطولة مرحبا بالعالم في “روسيا منفتحة ومضيافة وودودة”.

ومع ذلك، فإن الادعاء بأن السعودية تمارس الغسيل الرياضي قد يؤدي إلى المبالغة في تبسيط نوايا المملكة الأكثر أهمية.

وفي حين شعر ولي العهد السعودي رئيس الوزراء “محمد بن سلمان” بالقلق إزاء صورة البلاد بعد مقتل الصحفي “جمال خاشقجي” في القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018، فإنه قرر الاستثمار في القوة الناعمة لتعزيز موقعه العالمي.

وإذا كان الغسيل الرياضي يتعلق بالصورة فقط، فإن استراتيجية السعودية تتجاوز هذا الهدف بكثير.

ووفق “ميدل إيست مونيتور”، تكمن مصلحة “بن سلمان” الأكبر في الاستحواذ على السلطة، ولا توجد فكرة تجمع الناس من دول وثقافات مختلفة مثل الرياضة.

وشاهد كأس العالم 2022 في قطر ما يقدر بـ5 مليارات شخص في جميع أنحاء العالم، مع ما يقرب من 26 مليون شخص في الولايات المتحدة وحدها شاهدوا المباراة النهائية بين فرنسا والأرجنتين.

ومن المتوقع الآن أن تقود السعودية عرضًا مشتركًا مع اليونان ومصر لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2030.

وتدرك المملكة بشكل متزايد أن الصعود الرياضي يُترجم إلى مكانة وتأثير دوليين أكبر، وهو ما يصب في صالح تحول البلاد إلى قوة اقتصادية عالمية.

وبينما تدعو منظمات مثل منظمة “العفو الدولية” (أمنستي) “رونالدو” إلى استخدام عقده المربح مع النصر، للإشارة إلى انتهاكات حقوق الإنسان في الدولة المضيفة الراعية له، فمن غير المرجح أن يحدث ذلك.

ويكسب الرياضي البالغ من العمر 37 عامًا ما يزيد قليلاً على 200 مليون دولار سنويًا، ويتم منحه أيضًا امتيازات خاصة لا تمتد إلى المواطنين السعوديين، مثل العيش مع شريكته خارج إطار الزواج في المملكة المعروفة على نطاق واسع بالتزامها الصارم بقواعد الإسلام.

 

أبعد من الرياضة

وفي عهد “بن سلمان”، تم إجراء إصلاحات كبيرة، لا سيما فيما يتعلق بحقوق المرأة. وفي السنوات الأخيرة، مُنحت النساء السعوديات الإذن بالخروج إلى العمل، وتم إسقاط قانون الوصاية الذي يمنع المرأة من السفر دون إذن من أحد أفراد الأسرة الذكور.

ويمكن للمرأة الآن حضور الأحداث الرياضية جنبًا إلى جنب مع الرجال، وقيادة السيارة، وركوب الدراجات وممارسة الرياضة، ولم تعد ملزمة بارتداء الحجاب أو العباءة، فيما اختفت جميع الأقسام المنفصلة في المقاهي والمطاعم التي تفصل الرجال العزاب عن العائلات أو النساء.

ويعقب الموقع بالقول إنه رغم الإصلاحات الواسعة، فإن نطاق الإصلاح ظل مقيدا بالشروط التي وضعها ولي العهد محمد بن سلمان.

فبعد فترة طويلة من إعلان أن القيادة قانونية للنساء، ظلت الناشطة “لجين الهذلول” مسجونة لدفاعها عن حق المرأة في القيادة ووضع حد لقانون ولاية الرجل.

والناشطة المعروفة التي رشحت مرتين لجائزة نوبل للسلام، اعتقلت في مايو/أيار 2018، قبل شهر واحد فقط من جعل القيادة قانونية للنساء وقبل عام من إلغاء قانون الوصاية.

وعلى الرغم من الإصلاحات، لا تزال “لجين” ونشطاء آخرون في مجال حقوق المرأة في السجن يواجهون التضييق. وأمضت “لجين” ما يقرب من 3 سنوات في السجن، قبل أن يطلق سراحها لتعيش تحت الإقامة الجبرية مع حظر سفر لمدة 5 سنوات.

 

إصلاحات تحت القمع

وعلاوة على ذلك، فإن المواطنين السعوديين الذين قد لا يوافقون على التغييرات الليبرالية يعرفون أنهم غير مسموح لهم بالنقد أو التحدث.

وغالباً ما يُستشهد بعدد الإعدامات في المملكة، حيث احتلت السعودية المرتبة الأولى في قائمة عدد المعاقبين بالإعدام لما يزيد على عقد من الزمان.

وفي حين شهدت المملكة فترة هدوء غير معتادة في عامي 2020 و2021، مسجلة 27 و 65 واقعة إعدام على التوالي (على الأرجح بسبب الوباء)، تضاعفت عمليات الإعدام في عام 2022.

وتم تنفيذ إعدام جماعي لـ81 سجيناً في الرياض في 12 مارس/آذار 2022، منهم 41 شخصا من الأقلية الشيعية في البلاد.

علاوة على ذلك، فإن آليات العدالة في نظام المحاكم تظل غامضة، مما يجعل من الصعب تقييم صحة الإدانات وسلامة الإجراءات القانونية.

قضية أخرى مثيرة للجدل، لفتت الانتباه السلبي إلى “بن سلمان” هي الحرب في اليمن.

وفي عام 2015، عندما كان “بن سلمان” وزيرًا للدفاع، بدأ حملة عسكرية لدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا ضد قوات الحوثي المدعومة من إيران في الحرب الأهلية اليمنية. ووعد بأن تنتهي حملة “عاصفة الحزم” في غضون أسابيع.

واستمرت الحرب حتى الآن 8 سنوات دون أي بوادر على نهاية تلوح في الأفق، حيث تسببت في أزمة إنسانية مدمرة على طول الطريق.

ووفقًا لبرنامج الغذاء العالمي، فإن نصف أطفال اليمن على الأقل دون سن الـ5 سنوات معرضون لخطر سوء التغذية.

وتقدر الأمم المتحدة أن 377 ألفا قتلوا، والعديد منهم بسبب الجوع. وفي حين أن جرائم الحرب قد ارتكبت على الأرجح من قبل طرفي النزاع، فإن القوات السعودية تقصف بانتظام أهدافًا مدنية، مثل المستشفيات والمنازل.

في غضون ذلك، لا يقدم “بن سلمان” أي اعتذار، إلا أن أنظاره تتجه إلى دولة سعودية حديثة يمكن أن تفتخر بمحفظة اقتصادية متنوعة وحضور دائم في سوق الرياضة العالمي، وهو يعتقد أن القوة التي يمكن أن تنافس تأثير مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي تكمن هنا.

ويختتم “ميدل إيست مونيتور” بالقول: “سيكون هذا انقلابًا يتجاوز الغسل الرياضي، وسيكون ذا أهمية أكبر بكثير”.

Exit mobile version