حذر تحليل لمجلة “أتلانتك” الأمريكية من أن زيارة الرئيس “جو بايدن” المرتقبة للسعودية ستكلفه الكثير من رأس ماله السياسي حيث أغضبت مؤيديه ومعارضيه على السواء، معتبرا أن الأخير “يضحي بقيمه” اليوم.

وذكر التحليل، الذي الذي كتبه النائب السابق لوزير الدفاع الأمريكي لشؤون سياسة الشرق الأوسط “أندرو أكسوم”، أن النخب الأمريكية، بما في ذلك المسؤولون المنتخبون والمعينون، مستاؤون من العلاقة الوثيقة تاريخيا بين الولايات المتحدة والسعودية، ومن بين هؤلاء، كان الأكثر شعورا بالاستياء هم “التقدميون في الحزب الديمقراطي”.

وأشار “أكسوم” إلى أن زيارة “بايدن” المخطط لها إلى المملكة “تمثل تصميما على تعزيز مقدار الاهتمام الذي توليه الإدارة للمنطقة، وصياغة سياسة خارجية تعمل نيابة عن الطبقة الوسطى الأمريكية”.

لكنه قال إن “هذا يجعل أي شخص سعيدا على المدى القريب، وسيكلف بايدن رأس المال السياسي الثمين مع حزبه”.

واعتبر أن “بايدن يضحي بقيمه اليوم من أجل شيء لم نرى الكثير منه في العقدين الماضيين، وهو الواقعية”.

ولفت إلى أن صعود ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان” كزعيم فعلي للمملكة أدى إلى تسريع تدهور العلاقات بين البلدين.

 

قشة قصمت ظهر البعير

وبالنسبة للعديد من الأمريكيين، ومنهم “بايدن” نفسه، على حد سواء، كان القتل الوحشي للمعارض السعودي والكاتب في صحيفة واشنطن بوست “جمال خاشقجي”، “الذي وافق عليه ولي العهد نفسه”، وفقا لتقرير الاستخبارات الأمريكية، القشة التي قصمت ظهر البعير.

وأدى الحديث عن احتمال زيارة “بايدن” للسعودية، الذي كان وعد في حملته الانتخابية، بجعل المملكة “دولة منبوذة”، إلى “إغضاب مؤيديه ومنتقديه معا”، وفق التحليل.

وقال “أكسوم” إن “التقدميين كانوا يأملون حقا في أن تعيد إدارة بايدن التركيز على حقوق الإنسان كجزء من السياسة الخارجية الأمريكية بعد سنوات من وجود الرئيس دونالد ترامب في منصبه، ويرون أن الجلوس مع محمد بن سلمان خيانة لتلك الآمال”.

وأوضح أن حجة هؤلاء كانت أيضا أن الولايات المتحدة تنفق الكثير من الوقت والموارد على المنطقة، وأن سياسة واشنطن في المنطقة كانت ناجحة حيث ساعدت في تأمين دولة إسرائيل، وحماية الممرات البحرية في شبه الجزيرة العربية الغنية بالموارد وحولها، وواجهت بفعالية معظم التهديدات الرئيسية التي يشكلها الإرهابيون وانتشار أسلحة الدمار الشامل.

لكن هذه النجاحات كانت مكلفة، سواء من حيث وجود آلاف الجنود باستمرار في المنطقة، أو المليارات من المساعدات العسكرية وغير العسكرية إلى إسرائيل ومصر ولبنان والأردن، أو الحرب الطويلة والمكلفة في العراق التي خلفت آلاف القتلى الأمريكيين وأحرقت أكثر من تريليون دولار.

وقال “أكسوم” أن هذه الأموال والوقت كان يمكن إنفاقها في التركيز على التحديات المحلية والتحديات الخارجية الأخرى.

وبالنسبة لكل هذا، تمثل “اتفاقات أبراهام”، بحسب “أكسوم”، فرصة لتخفيف التزام الولايات المتحدة المباشر بالمنطقة، وهذه الاتفاقات لن تكون فعالة بدون انضمام السعودية إليها.

 

تحولاً كبيرًا

ولا يزال الغموض يحيط بموعد زيارة “بايدن” إلى المملكة وحتى إمكانية إجراء الزيارة من عدمه، فيما أفاد موقع “أكسيوس” الأمريكي، الأحد، بأن الرئيس الأمريكي سيزور إسرائيل وفلسطين في 14 و15 يوليو/تموز المقبل، قبل السفر إلى السعودية.

وأفاد بأن الأجندة المؤقتة للزيارة إلى الشرق الأوسط تشمل أيضا لقاءات مع قادة البحرين ومصر والأردن والكويت والعراق وعمان وقطر والإمارات.

وستكون زيارة السعودية ولقاء “بن سلمان” تحولا كبيرا في موقف الرئيس الأمريكي، الذي وعد خلال حملته الانتخابية بـ”نبذ” السعودية نتيجة مقتل “خاشقجي”.

وقد نشرت إدارته، السنة الماضية، تقريرا استخباراتيا اتهمت فيه ولي العهد السعودي مباشرة بالتخطيط لقتل الإعلامي السعودي.

ويقول مسؤولون أمريكيون إن “بايدن”، الذي يقبع تحت ضغط شديد من أجل ردع روسيا والتعامل مع انخفاض أسعار الغاز في أمريكا في ظل أكبر تسارع وتيرة للتضخم منذ عام 1981، نحى جانبا منظوره الأخلاقي والغضب الناجم عن مقتل “خاشقجي” لإعادة بناء علاقات أكثر دفءا مع المملكة في ظل الاضطرابات الكبرى التي يشهدها العالم نتيجة الغزو الروسي لاوكرانيا.