#الحرية_لمعتقلي_أزمة_قطر، وسم أطلقه ناشطون في الذكرى السادسة للحصار الذي فرضته السعودية إلى جانب عدة دول أخرى عربية وخليجية على دولة قطر في يونيو/حزيران 2017، بذريعة اتهامها بتمويل الإرهاب وزعزعة الاستقرار الإقليمي والتقرب من إيران وهو ما نفته الدوحة حينها، وتمسكت بموقفها حتى انتهت الأزمة في 5 يناير/كانون الأول 2021.

لكنها خلفت ورائها معتقلين مازالوا حتى اليوم قابعين في سجون النظام السعودي، نتيجة ممارستهم حقهم في التعبير عن الرأي وإعلانهم رفض الحصار الذي فرض على قطر، أبرزهم الدعاة الإسلاميين سلمان العودة، وعوض القرني، والصحفي سامي الثبيتي، وأبو محمد البناخي، والمنشد ربيع حافظ، ويوسف الملحم.

السابق ذكر أسمائهم وغيرهم آخرين ممن أبدوا توجهات سياسية مخالفة لتوجهات السلطة، اعتقلهم النظام السعودي ضمن حملة اعتقالات موسعة في سبتمبر/أيلول 2017، ويجمعهم رابط بارز هو رفضهم سياسة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في التعامل مع الأزمة الخليجية، لكن الجهاز الأمني كال لهم الاتهامات دون أن تتضمن إشارة للحصار.

وعقب أول زيارة أجراها ولي العهد للدوحة في 8 ديسمبر/كانون الأول 2021، بعد قطيعة استمرت 4 سنوات، وكان في استقباله أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، طالب حزب التجمع الوطني، السلطات السعودية بحل ملف كل من نالته أثار الأزمة والحصار على قطر، لافتا إلى مراقبته تطورات المصالحة الخليجية وتبادل الزيارات بين دول المقاطعة وقطر.

وأكد على ضرورة البدء برموز الإصلاح والفكر وعلى رأسهم العودة، وزملاءه، والمغردين والمغردات الذين أخذوا بجريرة مطالبات الإصلاح، موضحا أن الأزمة تسببت في تشرد عوائل وأسر لمفكرين وأساتذة وأكاديميين وعلماء وناشطين، لمجرد موقف تصالحي وإنساني من الأزمة الخليجية التي قرر من بدأها أن ينهيها بسبب الضغط الدولي والحرج السياسي.

لكن دعوة الحزب لم تلق أي صدى حتى اليوم، وما يزيد الأمور سوء ما تكشف عنه المنظمات الحقوقية والإنسانية من معاناة المعتقلين داخل سجون النظام السعودي، إذ أفادت منظمة القسط لحقوق الإنسان، في تقريرها السنوي لعام 2022، أن الأوضاع في السجون سيئة للغاية ويتعرض معتقلي الرأي في كثير من الأحيان لمعاملة قاسية وغير إنسانية ومهينة خلف القضبان.

وهو ما أكدته معلومات مسربة من داخل السجون تفيد بتعرض العديد من المعتقلين لانتهاكات خطيرة تشمل التعذيب لحملهم على الاعتراف بجرائم لم يرتكبونها أو محاولة إجبارهم التخلي عن مواقفهم المنتقدة للسلطات التي تتجاهل مكانتهم في المجتمع والتدهور الشديد في حالتهم الصحية داخل المعتقلات نتيجة الإهمال والضغوط النفسية الكبيرة.

وتعرض لكافة صنوف التنكيل والإساءة والقمع، سلمان العودة المعتقل على خلفية كتابته تغريدة على حسابه بتويتر، في أعقاب تصاعد الأزمة الدبلوماسية مع قطر، والتلاسن بين إعلاميين وناشطين من الجانبين، على منصات التواصل الاجتماعي، دعا فيها الله للتآلف بين قلوب ولاة الأمر لما فيه خير الشعوب، واعتقل على إثرها يوم 10 سبتمبر/أيلول 2017.

ونقلت وسائل إعلام عن مصادر مقربة من العودة إبان اعتقاله، أنه جاءته أوامر من مستشارين إعلاميين في جهات مسؤولة، طالبوه فيها بشتم قيادة قطر شخصيًا، ووصفها بالإرهابية والمعتدية، لكن العودة رفض الخضوع للابتزاز، كما رفض إدانة البيان الذي أصدره الاتحاد العالمي برفض حصار قطر، في حينه.

كما اعتقل عوض القرني، على خلفيّة اتهامات بالتعاطف مع قطر ومناصرة جماعة الإخوان المسلمين، وحكم عليه بالإعدام؛ وأكدت حسابات غير موثقة على تويتر، أن الديوان الملكي السعودي طلب من الشيخين العودة والقرني أن يساندا موقف السلطة في الأزمة مع قطر فرفضا، فهددهما بالاعتقال.

والقرني داعية إسلامي سعودي، وُلد عام 1376 هـ بعسير، وحصل على الدكتوراه في الشريعة الإسلامية، وتخصص في الفقه وأصوله، وعمل أستاذاً بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فرع أبها (سابقاً) جامعة الملك خالد (حالياً).

أما سامي الثبيتي فهو رئيس قسم الرصد سابقًا بصحيفة تواصل الإلكترونية، ويحمل شهادة جامعية في تخصص الإعلام من جامعة أم القرى، مقيم في جدة، وعرف في مسيرة عمله بالكتابة الصحفية المتوازنة الهادفة.

وبحسب منظمة القسط اعتقل في 12 سبتمبر/أيلول 2017، عقب يومين من كتابة تغريدة طالب فيها بالإصلاح الإعلامي وتوظيفه لحل الأزمات بين الشعوب لا إشعالها، ليعاني مثل مئات معتقلي الرأي من التنكيل والانتهاك لحقوقه والمحاكمات الهزلية بتُهم مُلفقة.

والمغرد الساخر أبو محمد البناخي، كان ينشر مقاطع فيديو باللهجة العامية يسخر فيها من سوء الأوضاع السياسية والتضييق على الحريات بالسعودية، اعتقل في 13 سبتمبر/أيلول 2017، بعدما بث مقطع فيديو طلب من السلطة الحكمة في التعامل السياسي مع أزمة حصار قطر.

وانتقد في أحد مقاطع الفيديو التي يبثها على حسابه بتويتر، وضع النظام السعودي شروطا تعسفية أمام قطر لإعادة العلاقات معها، واستنكر تحكم المستشار سعود القحطاني، المُلقب بـ”كاتم أسرار” ولي العهد محمد بن سلمان، بالتغريدات الحكومية.

والمنشد ربيع حافظ، من حفظة كتاب الله، وليس له أي ارتباط بالشأن الحقوقي أو السياسي، اعتقلته السلطات في 15 سبتمبر/أيلول 2017، بسبب إعادته نشر تغريدة تطالب بالمصالحة وحل الأزمة مع قطر، وأُودع سجن ذهبان، بزنزانة انفرادية معتمة لا يدخلها الضوء وحالته النفسية والصحية سيئة، ولم توجه له النيابة أي تهمة ولم يشرع في محاكمته منذ اعتقاله.

ويوسف الملحم، هو إعلامي ورجل أعمال، رهن الاعتقال التعسفي منذ سبتمبر/أيلول 2019؛ على خلفية تغريدات أبدى فيها رأيه بمقاطعة قطر، وتمنى أن تتقارب وجهات النظر بين الرياض والدوحة وحث على الارتقاء بمستوى الخطاب الإعلامي أثناء الأزمة، لكن السلطة اتهمته بالتواصل مع جهات خارجية، وإثارة الفتن في المملكة.

كل هؤلاء مجرد نماذج من عشرات المعتقلين القابعين في السجون السعودية رغم تطبيع الرياض علاقاتها مع كلا من قطر وإيران، بتوقيع “إعلان العلا” مع الدوحة في 5 يناير/كانون الثاني 2021، ومصالحة طهران في 10 مارس/أذار 2023، بوساطة صينية، اتفقا بموجبها على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، وإعادة فتح سفارتيهما.