كشف مركز عبري تصاعد وتيرة مباحثات تطبيع العلاقات بين السعودية ودولة الاحتلال الإسرائيلي قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي جو بايدن إلى البلدين منتصف يوليو/ تموز 2022.

وأوضح “المركز المقدسي الأورشلمي”، أن ثمة مكاسب عديدة ستعود على البلدين حال إتمام عملية التطبيع في مقدمتها، مواجهة العدو الإيراني المشترك، ونقل التكنولوجية الإسرائيلية إلى السعودية، فضلا عن فتح مجال الأخيرة الجوي أمام كافة رحلات الاحتلال.

 

تعاون مشبوه

وأشار المركز إلى أن الهتافات القادمة اليوم من الديوان الملكي السعودي مختلفة تماما عن تلك التي اعتدنا على سماعها سابقا.

وأكدت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية هذا الأسبوع، وجود اتصالات بين القادة الإسرائيليين والسعوديين بشأن التطبيع.

إذ يحاول الطرفان التوصل إلى اتفاق يهدف إلى تمديد تصاريح طيران الشركات الإسرائيلية في الأجواء السعودية مقابل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير بموافقة المصريين.

وتقع جزيرتا تيران وصنافير في مدخل مضيق تيران، الممر المائي الوحيد بخليج العقبة لإسرائيل من ميناء إيلات إلى البحر الأحمر، ما يسمح بشحن البضائع الإسرائيلية من وإلى إفريقيا وآسيا دون الحاجة إلى المرور عبر قناة السويس.

والقضية العالقة حاليا التي تسعى أميركا لحلها قبيل زيارة محتملة لبايدن إلى المنطقة، تتعلق بالقوة متعددة الجنسيات الموجودة بالجزيرتين، بناء على اتفاقية التطبيع بين مصر وإسرائيل عام 1979، وتنص على تسيير دوريات وضمان استمرار حرية الملاحة بالمضيق.

ويحتاج إتمام سيادة السعودية على الجزيرتين تعديلا في اتفاقية التطبيع بين مصر وإسرائيل بعد نقل تبعية الجزيرتين إلى المملكة، أو إدخال السعودية في اتفاق سلام مع إسرائيل، وهذا ما تسعى أميركا لتحقيقه.

وبحسب موقع “أكسيوس” الأميركي، وافقت السعودية على إبقاء الجزيرتين منزوعتي السلاح والالتزام بالحفاظ على حرية الملاحة الكاملة لجميع السفن، لكنها تريد إنهاء وجود المراقبين.

ورغم ذلك تشترط إسرائيل إبرام ترتيبات أمنية بديلة مع المملكة تحقق نفس النتائج، بينها السماح أيضا لشركات الطيران الإسرائيلية بعبور مساحات أكبر من الأجواء السعودية.

وزعمت مصادر سعودية أن المملكة تعمل أكثر خلال هذه الفترة على إقامة علاقات مع إسرائيل، بعد أن عرف الجمهور السعودي عن التقدم المتزايد خلال هذه العملية.

وأظهرت استطلاعات معمقة أجرتها السلطات في المملكة العربية السعودية أن الشباب، وخاصة حتى سن الثلاثين، يهتمون في الغالب بإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.

وعلى هذه الخلفية، أفادت مصادر سياسية لصحيفة “شيفع” العبرية، أن زيارة بايدن  أجلت من يونيو إلى يوليو، في محاولة للسماح بإظهار التقدم بين الأطراف.

وأشارت إلى أن العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين إسرائيل والسعودية لن تحدث غدا أو بعد شهر، حيث تتم محاولة ربط العقدة الحالية بهدف زرع البذور التي قد تستغرق سنوات لتنبت، والهدف هو فتح باب للتطبيع يتسع بموافقة الأطراف مع مرور الوقت.

 

دوافع واضحة

ولفت المركز إلى أنه على الرغم من وجود حديث في الماضي عن استكشافات للتطبيع مع السعودية، إلا أنها لم تكن جدية كما في الوقت الحاضر.

فالناس يبالغون بشأن ما حدث مع السعودية حتى الآن. هناك إسرائيليون في الحكومة التقوا بالسعوديين في الماضي، لكن لم تكن لهم علاقات تحت الطاولة حتى الآن.

وما يحفز رغبة السعودية في التقارب مع إسرائيل، هو أن السعودية كانت دولة ينظر إليها على أنها داعمة لجهات ومنظمات “إرهابية” مثل حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين “حماس”، وفق مزاعم المركز.

وقد قدرت قبل بضع سنوات أن نسبة كبيرة من ميزانية حماس جاءت من السعودية، عبر جمعيات خيرية عاملة هناك.

لكن نسبة التأييد السعودي اليوم لحماس في الواقع صفر. وبعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، غيرت السعودية تماما نهجها تجاه مثل هذه المنظمات، لتصبح جزءا من تحالف الدول التي تعارض بشدة هذه الحركات.

وبالنسبة لإسرائيل، هذا يفتح بابا هاما لمحاولة الاقتراب من السعوديين.

فالمصلحة الحالية للسعوديين هي أولا وقبل كل شيء اقتصادية، فهم مهتمون بتهيئة البنية التحتية لمصادر دخل غير النفط والغاز، لذلك فإن التكنولوجيا الإسرائيلية مهمة جدا.

بينما مصلحة إسرائيل هي الاقتراب من بلد مهم على صعيد مكانته في العالم الإسلامي، فإذا كانت إسرائيل تسعى إلى تطبيع العلاقات مع الدول الإسلامية والعربية، فإن السعودية دولة رئيسة بهذا الإطار.

ومن المهم لإسرائيل أن تستثمر في عدد من الدول في العالم العربي والإسلامي، فهناك دول وقعت بالفعل على الاتفاقيات الإبراهيمية في عام 2020.

وكان المغرب دولة ذات مكانة خاصة في قضية القدس وغيرها من القضايا، وهو أيضا مفتاح للبلدان الإفريقية.

وهناك أيضا إندونيسيا التي لم يحرز تقدم معها بعد، وهي أكبر دولة إسلامية في العالم، حيث يمكنك أيضا الاستثمار فيه.

أما السعودية فهي حالة خاصة، ويتطلب الأمر الكثير من الصبر في الاتصالات، للتحرك ببطء نحو الهدف.

 

صفقة دائرية

وفي سياق متصل، أشارت صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية إلى أن السعودية على وشك فتح مجالها الجوي أمام كافة الخطوط الجوية الإسرائيلية.

وهذه الأخبار الإيجابية لآلاف الإسرائيليين ولصناعة الطيران المحلية، يتم تشكيلها كجزء من صفقة دائرية بين السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة.

ولفتت الصحيفة العبرية إلى أن إسرائيل والسعودية تربطهما علاقات غير رسمية وتعاون سري منذ سنوات عديدة، والآن التحالف بين الدول على وشك أن يكشف رسميا.

وذلك على خلفية التهديد الإيراني المخيف لكلا البلدين، وفي ظل رغبة السعودية في إذابة الجليد في العلاقات الباردة مع الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن تتخذ عملية التطبيع بين إسرائيل والسعودية خطوة أخرى.

والدافع الرئيس لهذه الخطوة داخل المملكة هو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لكنه في هذه المرحلة لا يستطيع المضي قدما وإقامة علاقات كاملة مع إسرائيل، في مواجهة معارضة والده الملك سلمان، الذي يعد محافظا وجامدا أكثر من ابنه الوصي.

وحاليا المجال الجوي السعودي مفتوح أمام الرحلات الإسرائيلية فقط إلى الإمارات والبحرين، كجزء من اتفاقيات أبراهام، بالإضافة إلى ذلك، تمتلك شركة “طيران الهند” تصريحا خاصا للطيران عبر المجال الجوي السعودي إلى إسرائيل.

كل هذا متوقع أن يتغير قريبا، عندما تتمكن الطائرات الإسرائيلية والطائرات التابعة لشركات أجنبية في طريقها إلى إسرائيل من المرور إلى أجل غير مسمى في سماء السعودية.

ومن المتوقع أن تقصر هذه الخطوة بشكل كبير من أوقات الرحلات بين إسرائيل ومجموعة متنوعة من الوجهات في الشرق الأقصى، وتقلل بشكل كبير من أسعار الرحلات.

كما طلبت إسرائيل من السعوديين السماح برحلات جوية مباشرة بين البلدين للحجاج المسلمين إلى مكة المكرمة، لكن في هذه المرحلة ليس من الواضح ما إذا كان السعوديون مستعدون لقبول الطلب أم أنه سيتم تأجيله إلى مرحلة لاحقة في عملية التطبيع.

ومقابل فتح الأجواء السعودية، ستعطي إسرائيل الضوء الأخضر لنقل جزيرتي تيران وصنافير من السيادة المصرية إلى السيادة السعودية.