كشف موقع «دوت إيسبورت» لمتابعة أخبار الألعاب الالكترونية عن إنفاق حساب يعتقد أن صاحبه هو وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان أكثر من ستة آلاف دولار خلال أيام قليلة على لعبة تدعى «دوتا 2»، ويُظهر تتبع الحساب المنسوب لبن سلمان (34 عاما) نوعا من «الإدمان» لدى صاحب الحساب منذ عام 2013 وإنفاقه عشرات الآلاف على اللعبة كل عام.

لم يجهد صاحب الحساب كثيرا في التمويه على ارتباطه بوليّ العهد السعودي حيث نسبه إلى الأمير عبد الله بن سلمان بن عبد العزيز، وليس هناك، حسب المعلومات المتوافرة، ابن يدعى عبد الله بن سلمان.

لكن الطريف أكثر أن لدى صاحب الحساب اسما آخر يمكن ترجمته من الانكليزية بـ«الشيطان الملاك المثالي»، إضافة إلى أسماء أخرى كان يلعب بها سابقا.

بيانات المنصة التابعة للعبة تشير إلى إنفاق صاحب الحساب 42100 دولار عام 2018، و21382 عام 2019، وقد اكتفى هذا العام بصرف 6016 دولارا فحسب، وقد تصدّر بهذه المبالغ قائمة المنفقين على هذه اللعبة خلال السنوات المذكورة، وكان الأمر سيعتبر هواية لتمضية الوقت، لولا أن القضية لها ذيول سياسيّة تفيض عن أهواء الأمير الشخصية لتؤثر في شؤون بلاده والعالم.

ليس بن سلمان، إذا صدقت هذه المعلومات، المسؤول الكبير العربيّ الأول، فقد اشتهر الرئيس السوري بشار الأسد أيضا بافتتانه بالألعاب الالكترونية، وكان أحد تعبيرات هذا الافتتان توازي صعوده إلى السلطة مع الترويج له كناشر للحداثة المعلوماتية والالكترونية!

وهو ما يشابه أيضاً العلاقة التي ربطها مروّجو ومسؤولو الدعاية والتسويق لوليّ العهد السعودي بخططه لتحديث البلاد والدفاع عن حقوق المرأة ورسم «رؤية» للمملكة يعمّ خلالها الازدهار الاقتصادي والترفيه العام.

كانت حادثة استثمار بن سلمان في مجموعة «سوفت بنك»، وهي مجموعة يابانية تستثمر في مجالات التكنولوجيا الرقمية، ودفعه مبلغ 45 مليار دولار لمديرها التنفيذي ماسايوشي سون، الذي تفاخر بأنه حصل على مليار دولار استثمار عن كل دقيقة قضاها مع الأمير لإقناعه بالاستثمار، تعبيراً واضحا عن تشابك هذين العنصرين:

الغرام بالألعاب الالكترونية، ودفعه مبالغ هائلة، باستثناء أن المبلغ الأخير، الذي صرفه «صندوق رؤية»، يفترض أن يكون من أموال المواطنين السعوديين، وليس من أموال الأمير الخاصة.

وبالتالي فإن القرار لا يجب أن يتم اعتباطيا وبسرعة، كما حصل، وكانت النتيجة أن السعودية خسرت 16.5 مليار، بعد أن كان سون قد وعد الأمير بالحصول على تريليون دولار خلال جلسته القصيرة الشهيرة معه!

الاستثمار الآخر، الذي لا يعلم السعوديون بالضبط كم يسمح وليّ عهدهم بالصرف عليه، هو ما يسمّى «الذباب الالكتروني»، وهي الحسابات الرسميّة ذات الأسماء المزيّفة (مثل الشيطان الملاك المثالي) والتي تقوم بحملات منسقة ضد أعداء الأمير الشخصيين، وضد المعارضين السعوديين.

وكذلك تستهداف دولا بعينها، مثل قطر وتركيا والمغرب، كما تستهدف جهات سياسية عربية، كالإخوان أو حزب «النهضة» التونسي.

يتلقّى الاستثمار الأخير بدوره أشكالا من الصفعات، حيث تقوم منصات تويتر وفيسبوك، بكشف حملات الذباب الالكتروني السعودي والإماراتي والمصري.

وكان آخر الأخبار أن وحدة داخل قسم الأمن في غوغل تتبع مجموعات الجرائم الالكترونية على مستوى العالم، حظرت مطور تطبيقات على متجر بلاي، وأوقفت 17 قناة على يوتيوب (من أصل 68 قناة على مستوى العالم بأجمعه)، لوقف عملية تأثير منسق تدعم السعودية والإمارات ومصر والبحرين وتنتقد إيران وقطر.

ليس شأنا خطيرا أن يقوم مسؤول عربيّ كبير بتزجية وقته في استخدام أجهزة «بلاي ستيشن»، فهذا تفصيل بسيط، ولكن، كما يقول المثل الإنكليزي، فإن «الشيطان يكمن في التفاصيل»، والتفاصيل تشير إلى أن الأمير يتعامل مع السعودية وثروتها والإقليم برمّته على أنه لعبة يستطيع أن يقامر بها، وهذه مصيبة كبيرة حقا.