قال موقع التجارة الإلكترونية الأكبر في العالم “أمازون.كوم” إنه سيوظف 1500 شخص في السعودية هذا العام؛ ليصبح أحدث عملاق تقني يعزز تواجده داخل المملكة، صاحبة أكبر اقتصاد بالعالم العربي، والتي تشهد بفعل جائحة “كورونا” تزايدا في الطلب على الخدمات عبر الإنترنت.

ويعد توظيف هذا العدد خطوة صغيرة لشركة تمتلك أكثر من مليون موظف دائم حول العالم، ومع ذلك، فإنها تأتي ذلك في وقت تواصل فيه شركات التكنولوجيا الأخرى مساعيها لتعزيز تواجدها في المملكة، التي تتمتع بوضع يغري الشركاء الأجانب على مساعدتها في تنويع اقتصادها القائم بشكل رئيسي على عوائد النفط.

فقد أعلنت شركة “ألفابت” الأمريكية ومجموعة “علي بابا” القابضة الصينية، مؤخرا، عن شراكات مع شركات سعودية مملوكة للدولة لاستضافة مراكز حوسبة سحابية.

وقالت شركة “هواوي تكنولوجيز” المحدودة الصينية إنها ستفتح في الرياض أكبر متجر رئيسي لها خارج الصين.

ويرجع رهان “أمازون” المتواضع على السعودية لخلاف خرج للعلن في السنوات الأخيرة بين مؤسسه “جيف بيزوس” وولي عهد المملكة الأمير “محمد بن سلمان”.

فقد شعرت الرياض بخيبة أمل بسبب مقالات نقدية، كان يكتبها الصحفي السعودي المعارض “جمال خاشقجي” في صحيفة “واشنطن بوست”، التي اشتراها “بيزوس” كاستثمار شخصي عام 2013.

وقُتل “خاشقجي” على يد عملاء سعوديين في قنصلية المملكة بإسطنبول عام 2018. والشهر الماضي، رفعت الولايات المتحدة السرية عن تقرير استخباراتي اتهم “بن سلمان” بالموافقة على عملية القتل تلك. فيما قال الأمير السعودي إنه يتحمل المسؤولية عن القتل؛ لأنه حدث في عهده، لكنه نفى أن يكون قد أمر به

وفي عام 2019، اتهم “بيزوس” الحكومة السعودية بالتورط في تسريب صور شخصية محرجة له، وهو ادعاء نفته المملكة. فيما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، آنذاك، أن الأخ غير الشقيق لـ”لورين سانشيز”، صديقة “بيزوس”، هو من سرب الصور. ونفت “سانشيز” ذلك.

وقال “بيزوس” إنه سيتنحى عن منصب المدير التنفيذي لـ”أمازون” في وقت لاحق من هذا العام، لكنه سيبقى رئيسا لمجلس الإدارة.

وفي عام 2018، قبل جريمة قتل “خاشقجي”، كانت “أمازون” تجري محادثات لبناء مراكز بيانات في السعودية من شأنها أن تمنحها مزيدا من الوصول إلى سوق الشرق الأوسط، وتساعد جهود الأمير في تنمية صناعات جديدة غير نفطية. لكن لم يتم المضي قدما في الخطة حتى الآن.

وأثارت جريمة قتل “خاشقجي” انتقادات دولية شديدة للسعودية، ودفعت العديد من الشركات إلى قطع العلاقات مع المملكة لبعض الوقت. لكن بدأت بعض الشركات الغربية الآن التفكير في ضخ استثمارات بالمملكة مرة أخرى.

وقال “سام بلاتيس”، الذي قاد سابقا علاقات شركة “جوجل” مع الحكومات بمنطقة الخليج، إن “شركات التكنولوجيا بصفة خاصة تعود الآن” للمملكة.

وأضاف “بلاتيس”، الذي يدير الآن “مينا كاتاليست”، وهي شركة تقدم استشارات تجارية للشركات الأجنبية: “الفيروس (كورونا) ينقل التكنولوجيا من الهامش إلى مركز الصدارة” في خطط تحويل الأعمال بالمملكة.

فقد أدى إغلاق العديد من مراكز التسوق والمحلات التجارية والحاجة إلى البقاء في المنزل إلى زيادة مبيعات التجارة الإلكترونية للسلع الأساسية مثل الطعام وزيادة استهلاك الترفيه عبر الإنترنت.

والشهر الماضي، وافقت “مجموعة وارنر ميوزيك” (شركة أمريكية متعددة الجنسيات تعمل في مجال الترفيه) على شراء حصة في “روتانا ميوزيك” المملوكة للسعودية.

ولم تقدم “أمازون” تفاصيل مالية عن توسعها في السعودية عندما أعلنت عن الوظائف الجديدة الأربعاء. وقالت إنها تعمل على تعزيز سعة تخزين شبكة الإنجاز (مستودعات البضائع) وزيادة مساحة شبكة التوصيل (مراكز الشحن).

بدروه، قال “براشانت ساران”، مدير عمليات “أمازون” في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “تؤكد هذه الاستثمارات الجديدة التزامنا تجاه السعودية؛ حيث تساهم في تعزيز الاقتصاد المحلي (للمملكة) من خلال خلق فرص عمل جديدة”.

وأضاف: “تتوافق استثماراتنا في التكنولوجيا والبنية التحتية مع أهداف التحول الرقمي في المملكة”.

وأطلقت أمازون خدمتها “برايم” في السعودية في يناير/كانون الثاني 2021.

وفي يونيو/حزيران 2020، أعادت تسمية “سوق دوت كوم”، المنافس الإقليمي الذي استحوذت عليه عام 2017 ، إلى “أمازون”.

ولم تعلق الشركة على الفور على أعمالها بالسعودية. ولم يستجب “بيزوس” لطلب التعليق.

ومما يميز السعودية بالنسبة للمستثمرين الأجانب أنها تعد قاعدة محتملة لإيرادات كبيرة كونها أكبر مصدر للنفط في العالم، كما تعد سوقا ضخمة بعدد سكانها البالغ نحو 35 مليون نسمة.

ووفق “ستاتيستا”،‏ هي شركة ألمانية متخصصة في بيانات السوق والمستهلكين، يمتلك نحو ثلاثة أرباع السعوديين حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي؛ وهو معدل أعلى من الولايات المتحدة والصين.

وقد أدى ذلك إلى إحياء شهية شركات التكنولوجيا الكبرى، التي غالبا ما كانت تتجنب المملكة في أعقاب الغضب الدولي على جريمة قتل “خاشقجي”.

ففي يناير/كانون الثاني 2021، قالت السعودية إن شركة الهواتف الذكية الصينية “هواوي” وافقت على افتتاح متجر رئيسي لها في الرياض، وهو الأكبر خارج الصين.

وفي أواخر ديسمبر/كانون الأول 2020، وقعت “جوجل” عقدا مع شركة “أرامكو السعودية”، التي تحتكر إنتاج النفط بالمملكة والمملوكة للدولة، لتقديم الخدمات السحابية، قبل أيام من انضمام “علي بابا” لتقديم الخدمة نفسها لشركة الاتصالات السعودية المملوكة للحكومة (STC).

كما أنشأت شركة “سامسونج” العملاقة في صناعة الإلكترونيات بكوريا الجنوبية مركزا للتدريب يركز على البيانات بالتعاون مع مؤسسة “مسك” المملوكة لولي العهد السعودي.