MBS metoo

أمام أحداث ملتهبة.. هل تُجبر السعودية على فك حصار قطر؟

تعوّل الكويت كثيراً على عودة العلاقات الخليجية إلى سابق عهدها بأنها تسهم في الحدّ من الأخطار التي تواجهها المنطقة، وترى أن الهجمات التي تعرضت لها منشأتان لعملاق النفط السعودي “أرامكو” تهديد خطير يفرض على الدول الخليجية نسيان خلافاتها.

والتزمت الكويت منذ الحصار الذي تعرضت له قطر، في يونيو 2017، من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر، دور الوسيط، ساعية بقيادة أمير البلاد، الشيخ صباح الأحمد، لترطيب الأجواء وإعادة الأمور إلى نصابها.

وأكدت قطر مراراً دعمها لخطوات الكويت، في حين تشترط دول الحصار مطالب على الدوحة تحقيقها، تراها الأخير غير منطقية وتسلب منها قرارها الوطني.

لكن الوضع الذي تمر به المنطقة اليوم قد يضطر دول الحصار أن تغير من سياستها وتعيدها إلى ما كانت عليه قبل يونيو 2017، في محاولة للم شمل دول المنطقة ضد أي تهديد محتمل.

هذا ما تبين في آخر تصريحات أطلقتها الكويت، البلد الذي تبنى دور الوسيط في الأزمة الخليجية؛ حيث أكد نائب وزير الخارجية الكويتي، خالد الجار الله، أن الأوضاع الملتهبة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد استهداف “أرامكو”، تتطلب التسامي فوق الجروح وتوحيد الموقف الخليجي.

وقال في تصريح للصحفيين على هامش مشاركته في الحفل الذي أقامته السفارة الصينية لدى الكويت؛ بمناسبة الذكرى الـ70 لتأسيس الجمهورية: إن “أوضاع المنطقة تقودنا في اتجاه أقرب إلى التفاؤل لحل الأزمة الخليجية، في ضوء حرص جميع الأطراف على دور الوساطة الكويتية”، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الكويتية “كونا”.

وأضاف الجار الله: إن “الكويت ودول الخليج تربطهم بالولايات المتحدة الأمريكية شراكة استراتيجية وتحالف مهم يحظى بتنسيق من قبل جميع الأطراف”.

وبسؤاله عن موقف الولايات المتحدة الأمريكية بشأن التصعيد في منطقة الخليج قال الجار الله: إن “علاقة دول الخليج بواشنطن استراتيجية”.

ولفت النظر إلى المبادرة الأمريكية لإنشاء تحالف دولي يعنى بأمن وحماية الملاحة البحرية، مشيراً إلى مشاركة الكويت في الاجتماعات التي عقدت في إطار التحالف المشار إليه بهدف التعرف على المزيد من تفاصيل المبادرة وبلورة موقف حياله.

 

الناتو العربي يجمع المحاصَر والمحاصِرين

تصريحات الجار الله سبقتها اجتماعات لافتة للانتباه في واشنطن؛ جمعت قطر ودول حصارها، كان بين المواضيع المطروحة فيها الخطر الداهم على منطقة الخليج العربي.

حيث استضافت وزارة الخارجية الأمريكية اجتماعات لدول التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط، المعروف بـ”الناتو العربي”، عقدت بمشاركة الولايات المتحدة وقطر والسعودية والإمارات والكويت وعُمان والبحرين والأردن.

وأفادت وزارة الدفاع الأمريكية، في بيان نشرته الخميس (19 سبتمبر الجاري)، بأن “الاجتماعات جرت في 17 و18 سبتمبر الحالي”، بمقرها في واشنطن.

وتطرق البيان إلى “مواصلة العمل بتطبيق مبادرة التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط، وبناء تعاون أوسع في منطقة الخليج في وجه التهديدات المشتركة”.

البيان ذكر أيضاً أن “الشركاء في التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط بحثوا التوتر الحالي في المنطقة، ودانوا بأشد العبارات الهجوم على منشأتين نفطيتين لشركة أرامكو في السعودية، يوم 14 سبتمبر، الذي كان يهدف إلى تعطيل أسواق النفط والاستقرار الإقليمي”.

وتابعت الخارجية الأمريكية: “يشدد هذا الهجوم على الأهمية المستمرة للتعاون بين الشركاء في التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط؛ لتعزيز الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة وتمرير وتوسيع الفرص الاقتصادية وتطوير وتأمين قطاعات الطاقة الحيوية”.

وتعمل الولايات المتحدة، منذ تولي رئيسها الحالي دونالد ترامب زمام السلطة في بلاده، في يناير 2017، على تشكيل تحالف استراتيجي في الشرق الأوسط من حلفائها بين الدول العربية؛ بهدف مواجهة ما تصفه بالتهديدات الإيرانية.

حيث شهدت العلاقات الأمريكية الإيرانية توتراً وتصعيداً عسكرياً، وذلك بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الذي وقع عام 2015 مع طهران.

وزاد التوتر بوقوع هجوم على أربع ناقلات نفط في بحر عُمان، إضافة إلى إسقاط طائرة استطلاع أمريكية حديثة بصاروخ إيراني فوق مضيق هرمز، واحتجاز حكومة مضيق جبل طارق التابعة لبريطانيا ناقلة نفط إيرانية، قالت إن وجهتها سوريا التي يفرض عليها الاتحاد الأوروبي عقوبات، بينما ردت طهران باحتجاز ناقلة نفط بريطانية عند مضيق هرمز.

 

واشنطن تريد حلاً سريعاً

وبعد مرور أكثر من عامين على بداية الأزمة الخليجية والتأثير السلبي الذي حملته على المنطقة العربية برمتها، يبدو أن الولايات المتحدة بدأت تتحرك لردم الخلاف الخليجي وإعادة ترتيب البيت الداخلي الخليجي.

فقبل هجوم أرامكو بنحو أسبوع، دعا وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبر، الجمعة (6 سبتمبر 2019)، دول مجلس التعاون الخليجي إلى حل خلافاتها، التي قال إنها طالت كثيراً؛ من أجل التركيز على التحديات في المنطقة.

وقال إسبر، خلال كلمة ألقاها في المعهد الملكي للخدمات الموحدة في لندن: “رسالتنا إلى دول مجلس التعاون الخليجي أنهم بحاجة إلى حل خلافاتهم سريعاً، فقد طالت كثيراً؛ لأن التحدي الأكبر في المنطقة هو إيران، التي يتفشى سلوكها الخبيث وتقوض الحكومات”.

تزامناً مع حديث الوزير شهدت الكويت تحركات جديدة للشيخ صباح سبقتها زيارة سعودية للبلاد، نقل خلالها وزير الدولة عضو مجلس الوزراء السعودي، الأمير تركي بن محمد بن فهد آل سعود، رسالة شفوية من العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلى أمير الكويت.

ورجح مراقبون للشأن الخليجي أن تلك الرسالة غالباً ما حملت تراجعاً سعودياً وتنازلاً عن شروطها المتصلبة وغير المفهومة من حصار قطر، قد تنتهي بإعادة العلاقات بين الجانبين، في ظل توتر إماراتي-سعودي باليمن وملفات أخرى مثل إيران.

وفي 29 أغسطس 2019، شهدت الدوحة زيارة لرئيس مجلس الأمة الكويتي، مرزوق الغانم، التقى خلالها أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ناقلاً إليه رسالة من أمير الكويت.

وعلى الطرف الآخر جاء الرد القطري برسالة جوابية من أمير قطر، في 3 سبتمبر 2019، بعث بها ممثلَه الشخصي، الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني، إلى الشيخ صباح الأحمد.

وفي أمريكا وصل أمير الكويت للقاء ترامب، في وقت سابق من الشهر الحالي، وهو اللقاء الذي تأجل بسبب فحوصات طبية للأمير، حيث كان مقرراً أن يناقش الزعيمان الأزمة الخليجية.

 

رسائل حرب متبادلة

على الرغم من نفيها ضلوعها بهجوم أرامكو، لكن الرياض وواشنطن تعتبران هذا الهجوم رسالة واضحة من طهران؛ مفادها امتلاك القدرة على الوصول إلى الأهداف الحيوية وتدميرها.

ومنذ الهجوم على أرامكو يتواصل تبادل رسائل التهديد والتصعيد بين طهران وواشنطن.

آخرها كان على لسان وزير خارجية إيران، محمد جواد ظريف، إذ كشف عن “شرط وحيد” مقابل تهدئة الأجواء، بالأخص مع الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في مقابلة نشرتها شبكة “سي إن إن” الأمريكية، الاثنين (23 سبتمبر الجاري).

وقال ظريف في المقابلة: “نحن على استعداد دائم لعقد اتفاق دائم، إذا كان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، جاداً في ذلك”.

وأوضح ظريف: “إيران لم تكن أبداً دولة تسعى للأسلحة النووية، لكن مع عدم الحصول على سلاح نووي بشكل دائم كما يرغبون بسماعه، لن تكون لنا خيارات أخرى”.

تلك التصريحات رسالة واضحة تفيد بعدم تخلي طهران عن سعيها لامتلاك أسلحة رادعة، تراها واشنطن وحلفاؤها بالمنطقة خطراً يواجهه العالم بأسره.

وبصريح العبارة هدد ترامب عدة مرات بضرب إيران، وقال مؤخراً إن بإمكان بلاده في أي وقت دخول أي دولة بكل سهولة، وذلك في رده بخصوص التدخل العسكري المحتمل ضد إيران.

وقال ترامب في تصريحاته: “سنرى ماذا سيحدث في الشرق الأوسط في حينه. فمسألة التدخل في بلد ما أمر سهل دائماً؛ فبهاتف واحد يمكننا التدخل في أي دولة، لكن هذا ليس شرطاً أن يكون اليوم، فمن الممكن أن يكون غداً أو بعد أسبوعين”.

لكن تلك الحرب التي إن اندلعت فستكون ساحتها المنطقة الخليجية ستتسبب بكل تأكيد بضرر بالغ لا يستثني دولة ما.

وعليه سعت واشنطن إلى حشد دول المنطقة في تحالف واحد بقيادتها.

وفي حين يتطلب التحالف عملاً موحداً وتعاوناً بين جميع أطراف الحلف؛ فهذا ما سيقف أمام تحقيقه وجود خلاف خليجي، وهو ما يطرح تساؤلاً إن كانت السعودية ستتراجع في قرارها وتعمل على رفع الحصار عن قطر؛ طلباً لمصلحتها.

Exit mobile version