يدفع جميع أمراء آل سعود ثمن صمتهم المخزي على تسلط ولي العهد محمد بن سلمان واستفراده بمقاليد الحكم وشؤون العائلة الحاكمة.
وقد عُرِفت حياة أمراء آل سعود بالترف والرخاء واللهو، كما بلغت ثروات معظمهم مئات ملايين الدولارات وبعضهم تجاوز المليارات!
ولكنّ مجيء محمد بن سلمان قلب حياة كثير منهم لنكد ونغص، فكان مصير من اعترض منهم السجن والتعذيب، وسلب ولي العهد أموال العديد منهم، ومنع آخرين من السفر رغم صمتهم.
ويعد الأمير الوليد بن طلال أبرز الأمثلة على ذلك وهو الذي يعاني من حياة بائسة رغم أنه أحد أثرى أغنياء العالم.
ففي نوفمبر 2017 اعتقل محمد بن سلمان في فندق الريتز المئات بحجة “مكافحة الفساد” كان الوليد بن طلال أحدهم.
ليُطلَق سراحه بعد 3 أشهر بعد تسوية مالية وصلت لـ 6 مليارات دولار أو أكثر (حسب وول ستريت جورنال).
“التسوية المالية” أو سلب أمواله بعبارة أخرى ليست سرًا، فقد أكّدها الوليد بن طلال بنفسه.
ففي الذكرى الاولى لاحتجازه أكّد لـ Fox News وجود “تفاهم” بينه وبين محمد بن سلمان قبل إطلاق سراحه من الريتز.
حيث ذكر أنه قال لوكالة Bloomberg بأن “هناك تفاهم متفق عليه وأنا الآن حرٌ طليقٌ”!
وفي لقائه مع المديفر في الصورة عام 2019، ورغم أن اللقاء كان بلا سقف كما ادّعى الوليد، فقد أقرّ مجدّدًا أن إطلاق سراحه تم بعد “مفاهمة” مع الحكومة!.
ولكنّه ورفض الإفصاح عنها رغم إلحاح المديفر! فكيف يكون هناك تفاهم إن كان بريء وما هو نوع التفاهم الذي أدى لإطلاق سراحه؟!.
استيلاء محمد بن سلمان على جزء من أموال الوليد بن طلال كان واضحًا ومتعددًا.
ولم يقتصر على مبلغ الـ 6 مليارات دولار والذي أكدته صحيفة وول ستريت جورنال والتي تم بموجبها الإفراج عنه بل تبعتها خطوات أخرى للاستيلاء على جزء من أصول شركاته.
ففي مايو 2022 تم الإعلان عن بيع الوليد بن طلال لـ 16.87% من شركته “المملكة القابضة” لصندوق الاستثمارات السعودي الذي يرأسه بن سلمان بنحو 1.5 مليار دولار.
وفيما قد يبدو الأمر بيعًا، لكنّه أشبه بالاستكمال لما حدث في الريتز، ولكنه هذه المرة بأسلوب أكثر “دبلوماسية” من بن سلمان.
وما يؤكد مصادرة بن سلمان لأموال الوليد هبوط ثروته لما دون النصف بعد احتجازه في الريتز.
حيث ذكّره المديفر في لقائه بأن ثروته كانت 36.1 مليار دولار في 2014 لتهبط لـ 15.4 مليار دولار في 2019 (حسب Bloomberg).
فهل كان رجل الأعمال الناجح ليخسر أكثر من نصف ثروته لولا حادثة الريتز؟.
ومنذ إطلاق سراحه تغيّرت حياته بالكامل، فالأمير السائح الذي زار معظم دول العالم والتقى العديد من زعمائها، أصبح لا يجد سوى صحراء المملكة الحارقة مكانًا يتغزّل بها وينفّس بها عن سجنه الكبير الذي منعه بن سلمان من مغادرتها، فانتشرت فيديوهاته كل حين وهو يهيم في صحراء نجد.
وأصبح الوليد بوقًا للنظام فاغتنم كل مناسبة لمدح جلّاده وسالب أمواله محمد بن سلمان.
فالتغريدات الأولى بعد اعتقال الريتز حرص فيها على إظهار الولاء للملك سلمان وابنه ودعم رؤية 20230.
بل حتى الأحداث البسيطة كلقاح كورونا الذي وفّرته كل دول العالم بات مناسبة للتطبيل لقيادة المملكة.
ومبالغة من بن سلمان في إذلال الوليد بن طلال، غرّد الأخير بأنه لم يجد أجمل من نيوم رغم أنه زار 153 دولة في 6 قارات.
فهل أصبحت “صحراء نيوم” القاحلة أفضل وأجمل في نظر الأمير المترف من كبرى مدن السياحة العالمية التي زارها؟.
ولم يقتصر الأمر على الترويج للسياحة في صحراء نيوم، يل ظهر الوليد بن طلال في مقاطع فيديو غريبة يجمع القمامة من صحراء نيوم وهو نصف عارٍ بذريعة “تنظيف البيئة”.
وليت تطبيل الوليد اقتصر على بن سلمان فحسب، ولكنّه طال تركي آل الشيخ الذي أكّدت العديد من وكالات الأخبار أنه كان أحد الذي استجوبوه وعّذبوه في فندق الريتز.
فغرّد أكثر من مرة مادحًا آل الشيخ بل وصفه في أحد المرات بأنه “القوي الأمين”.
وفي 2018 انتشر مقطع للوليد بن طلال وهو ذليل يتودّد بشكل مبالغ فيه لتركي آل الشيخ أثناء حضورهما مباراة كرة قدم.
فكان الوليد يُبالغ في الابتسام والسؤال عن حاله وتركي يزداد غطرسة وتعجرفًا.
والوليد يجلس أمامه غير مسندٍ لظهره وتركي متكئ غير مبالٍ.
بل حتى سفرات الوليد لخارج المملكة بعد اعتقاله كانت للإمارات فقط وبمرافقة مقربين من محمد بن سلمان مثل تركي آل الشيخ.
ومن الإهانات الكبرى الذي تعرّض لها الوليد بن طلال، إدراج الحساب الرسمي لوزارة البيئة والمياه والزراعة اقتباس تغريدة على مقطع فيديو نشره الأمير وهو يوقد نارًا في الصحراء، ولوّحت الوزارة علانية بتطبيق نظام المخالفات والعقوبات على الأمير.
هذه بعض فصول إذلال محمد بن سلمان للوليد بن طلال بعد سلب أمواله ومنعه من السفر وما رافقها تسريبات أخرى كمراقبة تحركاته بسوار في قدمه.
رجل يمتلك قرابة 5 آلاف فندق ولا يستطيع زيارة معظمها أو النزول فيها لأنها خارج المملكة، ويمتلك طائرة خاصة ولا يستطيع السفر فيها لأنه ممنوع من السفر!.
ويؤكد مراقبون أن أمراء آخرين تعرّضوا لبطش ابن سلمان أيضًا فبعضهم أُودع السجن وعُذّب وبعضهم عُزل من منصبه وبعضهم رهن الإقامة الجبرية وبعضهم مُنع من السفر وبعضهم اشترى سلامته بالتطبيل.