اعتبر شاهر الشاهر، أستاذ الدراسات الدولية في جامعة صن يات سين بالصين، أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يرغب بتحقيق أهداف داخلية وخارجية عبر إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، جمدت الجامعة مقعد سوريا حين شرع رئيس النظام السوري بشار الأسد في استخدام القوة العسكرية لقمع احتجاجات شعبية اندلعت في ذلك العام للمطالبة بتداول سلمي للسلطة، مما زج بالبلاد في حرب أهلية مدمرة.

وأضاف الشاهر، في تحليل نشره موقع “مودرن دبلوماسي” (Modern Diplomacy) وترجمه “الخليج الجديد”، أنه “مع تولي محمد بن سلمان ولاية العهد (عام 2017)، سعى إلى إتباع سياسة خارجية مختلفة تماما”.

وتابع: “لذلك لم تعد الولايات المتحدة الحليف الوحيد للمملكة نظرا لاعتبارات شخصية ووطنية، كما تعهد الرئيس (الأمريكي جو) بايدن خلال حملته الانتخابية بعدم التعامل مع بن سلمان لاتهامه بقتل الصحفي جمال خاشقجي السعودي الذي يحمل الجنسية الأمريكية (داخل القنصلية السعودية بإسطنبول في 2018)”.

وزاد بأن “المملكة بدأت تتجه شرقا نحو روسيا والصين، بحثا عن حليف قادر على استبدال الولايات المتحدة في المستقبل؛ لأن العلاقة مع واشنطن استراتيجية ومتجذرة ولا يمكن أن تنتهي بسرعة”.

وأردف أنه “عندما اندلعت الحرب (الروسية) في أوكرانيا (مستمرة منذ 24 فبراير/ شباط 2022)، ازدادت أهمية المملكة للعالم في ظل العقوبات الأمريكية والغربية على موسكو، وحاجة العالم وأوروبا إلى النفط السعودي”.

وأضاف أنه “نتيجة لذلك، جاءت زيارة الرئيس الصيني (شي جين بينغ) للمملكة (في ديسمبر/ كانون الأول الماضي)، وعقد ثلاث قمم بالسعودية (صينية سعودية، خليجية صينية، عربية صينية) لترسيخ أهمية المملكة كقائد لدول المنطقة العربية”.

 

عرش المملكة

الشاهر لفت إلى أن السعودية أجرت مصالحة مع إيران (حليفة بشار الأسد)، و”كانت مفتاح حل العديد من القضايا الخلافية في المنطقة، لا سيما القضية السورية”.

وبوساطة الصين، وقَّعت السعودية وإيران في 10 مارس/ آذار الماضي اتفاقا لاستئناف علاقتهما الدبلوماسية خلال شهرين، بعد قطيعة استمرت 7 سنوات بين بلدين يقول مراقبون إنهما يتصارعان على النفوذ في المنطقة عبر وكلاء في دول منها سوريا واليمن ولبنان والعراق.

وأضاف أن بن سلمان، وعبر إصلاح العلاقات مع الدول الأخرى، “يريد تعزيز سيطرته على المملكة والتأكد من انتقال السلطة إليه في المستقبل بهدوء وسلاسة، خاصة وأن هناك معارضة له داخل الأسرة الحاكمة لأنه سيكون الملك الأول من غير أبناء الملك عبد العزيز المؤسس”، وفقا للشاهر.

وتابع أنه يريد أيضا “الاهتمام بالوضع الداخلي وتنفيذ رؤية المملكة 2030 (التنموية)، والعمل على تحسين سمعة المملكة في العالم عبر البدء بسياسة الانفتاح وتعزيز مكانة المرأة”.

 

عاصمة العرب

ووفقا للشاهر فإن بن سلمان يرغب على المستوى الخارجي في أن تصبح السعودية “عاصمة صنع القرار العربي” بعد قرون من قيادة مصر للجامعة العربية منذ أن أُسست في القاهرة عام 1945.

وأضاف أنه في 12 أبريل/ نيسان الجاري، زار وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد السعودية، و”بدا من البيان الختامي المشترك وكأن المملكة تسعى إلى إيجاد طريق لحل سياسي في سوريا”.

وتابع: بعدها بيومين، عُقدت القمة العربية في جدة (بالسعودية)، بمشاركة  دول مجلس التعاون الخليجي (6 دول) ومصر والعراق والأردن، في محاولة من المملكة للتخلص من المعارضة لحضور سوريا القمة العربية المقررة بالرياض في 19 مايو/ أيار المقبل، في ظل معارضة مصر والمغرب والكويت وقطر واليمن.

وأردف: رغم فشل القمة في تحقيق هدفها، حيث لم يصدر أي بيان مشترك بل صدر بيان فقط من الخارجية السعودية، إلا أن ذلك لن يثني المملكة بحكم نفوذها الكبير عن سعيها إلى الترويج لعودة سوريا إلى الجامعة العربية.

وزاد بأن “أكبر الرافضين للجهود السعودية هي قطر، لكن هذا الأمر سيُحل في نهاية المطاف، خاصة في ظل الانفتاح العربي على دمشق، الأمر الذي سيجعل من يريد عزل سوريا يعزل نفسه على أرض الواقع”.

وأضاف أنه “رغم عدم اتفاق الحضور على عودة سوريا إلى الجامعة العربية، فقد تبنوا البيان المشترك الذي صاغه الاجتماع الثنائي السوري السعودي، والذي أكد على وحدة الأراضي السورية وتعزيز سلطة الحكومة السورية على كامل أراضيها”.

واستطرد: “يبقى أن المملكة تلعب دورا في إقناع تركيا بضرورة الانسحاب من الأراضي السورية، خاصة أنها ساهمت في إنقاذ الاقتصاد التركي بإيداع وديعة بقيمة 5 مليارات دولار في البنوك التركية”.

وتقول أنقرة إن تواجد قوات لها في شمالي سوريا مهم لأمنها القومي في ظل تعرضها لهجمات من داخل البلاد تشنها ما تعتبرها جماعات إراهابية، وبينهم مسلحون أكراد.

كما أنه على السعودية “إقناع المجتمع الدولي والعمل على رفع الحصار عن سوريا، بعد حصولها على تفويض عربي بذلك، على اعتبار أنها ستكون على رأس القمة العربية المقبلة”، بحسب الشاهر.