رأى المعارض السعودي عبد الرحمن عطيف، أن الاتجاه الجديد للسلطة السعودية بإعلان 22 فبراير/شباط يوم وطني جديد للاحتفال بما يسمى يوم التأسيس، يُعد محاولة بحث عن هوية وإرث بعدما نزعت السلطات عن نفسها شيئا من الغطاء الديني.

وأضاف في حديثه مع الرأي الآخر، أن نزع الغطاء الديني جعل السلطة مكشوفة كما لم تكن من قبل، مستنكراً خروجها على الشعب بشكل مفاجئ في 27 يناير/كانون الثاني 2022 للإعلان عن ذلك اليوم.

وتابع عطيف: “يلحظ في هذا اليوم التركيز على أسرة آل سعود وتجاهل محمد بن عبد الوهاب ودعوته الوهابية”، قائلا: “يجدر بهذه السلطات العودة للشعب وتاريخه، والتنازل عن سلطاتها المطلقة”.

وأكد أن هذا ما يعطي للوطن تاريخ وهوية وإرث، لا البحث عن تاريخ عائلة يُراد أن تمثل كامل الوطن.

يشار إلى أن الوهابية مصطلح أطلق على حركة إسلامية سنية قامت في منطقة نجد وسط شبه الجزيرة العربية في أواخر القرن الثاني عشر الهجري، الموافق للثامن عشر الميلادي على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب والأمير محمد بن سعود حيث تحالفا لنشر الدعوة السلفية التي قامت على إثرها الدولة السعودية، وشكل فهمها للإسلام مرجعاً عقدياً وسياسياً للدولة السعودية.

وحددت السلطات السعودية يوم 22 فبراير/ شباط من كل عام يومًا لذكرى تأسيس الدولة السعودية، مشيرة إلى أن “الدرعية تأسست على يدي الأمير مانع بن ربيعة المريدي عام 850هـ / 1446م”.

وتجري محاولة لتزييف ثقافي من أجل ربط الدولة السعودية فقط بمحمد بن سعود، بالمخالفة لما يتم تدريسه منذ تأسيس الدولة، بأنها بدأت بتحالف بين الدين والسياسية (عبد الوهاب وبن سعود).

بينما استنكر عضو حزب التجمع الوطني عبدالله الجريوي، إعلان الملك سلمان بن عبدالعزيز، يوم 22 فبراير/شباط من كل عام يوما لتأسيس المملكة السعودية واعتماده إجازة رسمية، محاولة للبحث عن جذور تاريخية لترسيخ دولته الحديثة والتنصل من الحركة الدينية السياسية الوهابية.

الوهابية مصطلح أطلق على حركة إسلامية سنية قامت في منطقة نجد وسط شبه الجزيرة العربية في أواخر القرن الثاني عشر الهجري، الموافق للثامن عشر الميلادي على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب والأمير محمد بن سعود حيث تحالفا لنشر الدعوة السلفية التي قامت على إثرها الدولة السعودية، وشكل فهمها للإسلام مرجعاً عقدياً وسياسياً للدولة السعودية.

وأضاف في حديثه مع الرأي الآخر، أنه لولا الوهابية لما استطاع محمد بن سعود أن يكون له قوة دينية تمكنه من السيطرة على الدولة السعودية الأولى، منددا بإقرار يوم 22 فبراير/شباط يوماً لتأسيس المملكة في ظل غياب معنى الدولة، والهوية، والمواطنة، والتراث.

ورأى الجريوي، أن ذلك أمر غير مستغرب لدولة قامت على القهر والاستبداد لا تعرف معنى المشاركة والمواطنة، موضحا أن يوم التأسيس المعلن يركز على الدرعية حيث إنها كانت المنطلق لمحمد بن سعود، وهو ما يعني استثناء جميع المناطق التي كانت تحت سيطرة الدولة السعودية الأولى والتي قامت على التكفير والقتل وقهر أهالي شبه الجزيرة العربية.

واستهجن محاولة الوطنجيين -المحسوبين على السلطة- تحديد شكل هوية السعوديين وثقافاتهم التي ينشروها في الحسابات الرسمية، الأمر الذي يعني محو كافة الثقافات والهويات التي تمتاز بها الجزيرة العربية.

وأضاف الجريوي: “من جهة أخرى نرى شريحة من الشعب لا تعلم بماذا يعني لها هذا اليوم وما ارتباطها به، ولكنها اغتنمت فرصة الإجازة وأن تشارك في الاحتفال، حتى لو تقمصت شخصية ليست من ثقافتها”، مؤكدا أن هذا هو الطبيعي في ظل أحادية الصوت والقرار من قبل السلطة الاستبدادية.

يشار إلى أن السعودية أعلنت عقب إصدار الملك سلمان أمراً ملكياً باعتبار 22 فبراير/شباط من كل عام ذكرى لتأسيس الدولة، عن الهوية البصرية لليوم، والتي جمعت بين الخيول، والنخل، وإلى يسار الشعار بخطّ عريض جاء تاريخ 1727، وهو عام التأسيس الَّذي تم اعتماده والذي يراه مراقبون تزويراً متعمداً ومغالطة تاريخية كبيرة.

قالت المتحدثة باسم حزب التجمع الوطني مضاوي الرشيد إن النظام السعودي متخبط في تحديد ماهية الدولة السعودية وفي الإجابة عن التساؤلات الخاصة بـ”من نحن وماذا نريد” كمملكة.

وأضافت الرشيد في حوار على “تويتر” نظمه “صوت الناس” الإثنين أن النظام السعودي يحاول إضفاء شرعية على شرعية غائبة أصلاً، في الوقت الذي كانت العديد من الدول العربية قبل عصر الاستعمار تتمتع بكيانات أصلاً.

وأشارت إلى أنه بالعودة إلى التاريخ قبل مئات السنين، رأت الدولة السعودية الأولى في عهد محمد عبد الوهاب أن سكان الجزيرة العربية كانوا أبعد ما يكونوا عن الإسلام، وأن “الدولة” في ذلك الوقت أخذت على عاتقها “إرجاع الناس عن ضلالهم نحو الصراط المستقيم”.

وعمدت “الدولة” في ذلك الوقت على محاربة بعض الأقليات ومنع بعض الطقوس، وفق نظرة محددة للإسلام تراها تلك الدولة وأنها تحمل فكرة الإسلام الصحيح.

وقالت الرشيد إن الدولة السعودية آنذاك عمدت إلى تخصيص دعاة مثل “علماء الدعوة النجدية” لنشر الإسلام في العالم، ليس حبًا في الإسلام، وإنما كان مشروعًا مرتبطًا بالحرب الباردة والولايات المتحدة التي طالبت أن تستعمل إسلامها لمحاربة التيارات المعارضة للإمبريالية الأمريكية وإخماد الثورات التي ناهضت المشروع الأمريكي.

ولفتت إلى أن جهود الراحل الملك فيصل كانت مركزة على “نزع العروبة” من مفهوم الدولة السعودية وأنها “إسلامية ومسلمون” بالدرجة الأولى، وأن مفهوم القومية العربية كان أكثر ارتباطًا بالراحلين صدام حسين وجمال عبد الناصر، مشيرةً إلى أن الملك فيصل كان يعتبر القومية العربية جزء من الحركة الماسونية والصهيونية وجاءت لتفكك أمة الإسلام”.

وقالت الرشيد إن تلك الجهود تحولت إلى “الأممية” أكثر بعيدًا عن القضايا العربية، مثل الاهتمام لأحوال المسلمين في إندونيسيا وتايلاند، بعيدًا عن التضامن مع القضايا العربية، لافتةً إلى أن ذلك الفكر “الأممي” بدأ ينهار في بداية التسعينات، حيث قاد ذلك “الخطاب الأممي الإسلامي” إلى مزيدٍ من المشاكل.

وقالت إنه بعد فشل تبني “المشروع الأممي الإسلامي” في الوصل إلى أهدافه وبدء ظهور مشاكل جراء ذلك التبني، لجأت السعودية إلى الاهتمام بالنظام القبلي والشعر والنثر والفلكلور الشعبي والتركيز على التاريخ القبلي مثل مهرجان الجنادرية وتسليط الضوء على حضور القهوة العربية والجِمال.

وأضافت أن الصورة النمطية السعودية السائدة سابقًا، وقد خرجت تلك الصورة من تدبير السلطة التي أنفقت عليها الأموال الطائلة والتي مكّنت آل سعود من الحكم.

وقالت إن فكر التطرف في الدول العربية كان محاربًا، إلا أن مثيله السعودي خرج من عباءة النظام الملكي ودعاة الدعوة الوهابية وبدعمٍ منهما، الأمر الذي ساهم بنشر تلك الصورة النمطية السلبية السائدة.

ولفتت إلى أن النظام السعودي قضى على الثقافة المحلية وطقوس الناس الدينية وحارب الشيعة والصوفية في المملكة وأن النظام فرض دينه على جميع أهالي السعودية.

وأشارت الرشيد إلى أن محو الدين بالنسبة للنظام السعودي فكرة انتقائية، فمن يأتي بمنظور ديني داعٍ للديمقراطية ودولة المؤسسات سيتعرض للقمع من النظام.

وقالت إن النظام السعودي عندما قمع مظاهرات في 2011 لمحاربة التيار الإصلاحي في الإطار الديني، لجأ النظام إلى المفتي عبد العزيز آل الشيخ الذي كان يفتي بحرمة المظاهرات ولم يلجأ إلى المثقفين، مشيرةً إلى أنه في العام 2015 كان ولا زال الأمير السعودي بن سلمان يلجأ إلى علمائه ليبثوا روح الشجاعة في الجيش ضد حربهم في اليمن وإقناعهم أن من يُقاتلونهم هم كفار وأنه يتوجب الجهاد ضدهم.

في حين أن ذلك الجهاد سيتحول إلى تطرف وغلوّ في حال انقلبت تلك المظاهرات نحو النظام الملكي السعودي. بحسب الرشيد.

وقالت إن النظام السعودي يحاول التخلص من عبء اختلقته الدولة السعودية سابقًا وهو “الدعوة الوهابية”، ويسعى النظام حاليًا لتطبيق النظام “الميكافيلي”.

وذكرت الرشيد أن النظام يحاول اختراع جديد لسردية جديدة لإضفاء شرعية له، وصولاً إلى إيجاد “المعصوم والسيّد الوحيد” وهو النظام غير القابل للانتقاد.

من جهته، قال الأمين العام لحزب التجمع الوطني عبد الله العودة إن ما يجري حاليًا هو إعادة كتابة التاريخ بطريقة أشبه ما تكون باللعب في المنظومة التاريخية.

وأضاف العودة أن الدولة السعودية في ورطة شرعية لأنها قامت منذ تأسيسها على خطابٍ معين والآن تنقل ذلك الخطاب لإتاحة الاستبداد بالمجتمع وذلك ينم عن فقدان كامل للشرعية.

وقال إن “يوم التأسيس” يخالف خطاب محمد بن سلمان حول تأسيس السعودية للإعلام الأجنبي والذي لا يختلف كليًا عن تاريخ تأسيس الدولة، وأنه يؤسس لتاريخ جديد لإعطاء نفسه ضمانات للتوازن في المجتمع لملكيته المطلقة.

وذكر أن ما يحدث هو تجييش لصناعة الهوية الجديدة بشكل غير مدروس وعفوي، وأن الخطاب الديني يتعرض لقمع شرس وسيدفع النظام ثمنًا باهظًا مقابل ذلك القمع الذي تبنّته الدولة السعودية سابقًا.