لماذا تخلى الرئيس الأمريكي “جو بايدن” عن تعهده السابق بمحاسبة السعودية وتهديده المملكة بـ”عواقب” تأييدها خفضا كبيرا لإنتاج النفط بتكتل منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفائها “أوبك+”؟
تناولت صحيفة “إنسايدر” الأمريكية إجابة السؤال السابق في ظل مؤشرات على تجاوز واشنطن والرياض أزمة توتر العلاقات بينهما في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وذكرت الصحيفة، في تقرير ترجمه “الخليج الجديد”، أن قرار “أوبك+” صدر بالتنسيق بين السعودية وروسيا، ومثل ضربة اقتصادية للولايات المتحدة تزامنا مع الانتخابات النصفية للكونجرس، ومع ذلك التزم “بايدن” الصمت بشكل ملحوظ، ولم يتخذ أي خطوات للرد.
وتنقل الصحيفة عن “جورجيو كافيرو”، الرئيس التنفيذي لشركة “جلف ستيت أناليتكس” للأبحاث والاستشارات، أن تهديد “بايدن” للسعودية تم إسقاطه على الأرجح، مضيفا: “من الواضح أن التزام البيت الأبيض بالإجراءات التي من شأنها أن تجعل السعوديين يواجهون العواقب قد تلاشى”.
وأشار “كافييرو” إلى عاملين وراء تراجع “بايدن”، الأول هو عدم ارتفاع أسعار النفط بعد خفض الإمدادات السعودية، رغم التوقعات بذلك.
وأوضح أن التباطؤ الاقتصادي في الصين ساهم في عدم تحقق التوقعات الخاصة بارتفاع كبير في أسعار النفط، إذ تصارع بكين تفشيا حادا لفيروس كورونا، ما أدى إلى تقليل الطلب وحد من الأسعار.
ولفت “كافييرو” إلى سلسلة من التطورات الأخرى، قال إنها ركزت العقول في كل من الولايات المتحدة والسعودية على المصالح المشتركة، وعلى رأسها التهديد الذي تمثله إيران، خاصة بعدما رفضت طهران محاولات إدارة “بايدن” لإحياء الاتفاق النووي، وعززت علاقاتها العسكرية مع روسيا عبر دعمها بطائرات مسيرة، تم استخدامها في ضرب أهداف مدنية بأوكرانيا، حليفة الولايات المتحدة.
ونوه إلى مخاوف لدى المسؤولين الأمريكيين والسعوديين من أن الاحتجاجات الشعبية في إيران، التي هزت النظام الحاكم، قد تدفعه إلى تصعيد الصراعات الخارجية كوسيلة إلهاء، وذلك عبر تصعيد الصراع الحربي في اليمن من خلال جماعة أنصار الله (الحوثيين) المدعومة من طهران.
وأضاف: “الوضع في إيران مهم، حيث إن كلا من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لديهما مخاوف بشأن محاولة طهران إضفاء الطابع الإقليمي على الاضطرابات الداخلية بطرق قد تنطوي على شن هجمات في الدول المجاورة”.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة أرسلت طائراتها إلى المنطقة، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تزامنا مع تقارير تفيد بأن إيران كانت تستعد لإطلاق صواريخ على السعودية، كما واصلت تقديم مساعدة أمنية أوسع للسعوديين، حيث وافقت العام الماضي على مبيعات أسلحة بقيمة 5 مليارات دولار.
وفي السياق، نقلت “إنسايدر” عن مسؤولين أمريكيين وسعوديين، لم تسمهم، أن البلدين يتعاونان في مشاريع استخباراتية وعسكرية حساسة تهدف إلى احتواء طهران.
لكن التوترات لا تزال قائمة بين الولايات المتحدة والسعودية، ومن المرجح أن تكون محاولة الرياض لبناء علاقات أقوى مع خصمي الولايات المتحدة، الصين وروسيا، وقمع ولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان” للمعارضة الداخلية نقطتين شائكتين يمكن أن تسببا صدعًا جديدا في العلاقات الثنائية، حسبما يرى “كافييرو”.
لكن في الوقت الحالي، تسود لغة المصالح المشتركة، وهي اللغة التي تعزز تقدير فريق “بايدن” لأهمية شراكة واشنطن مع الرياض.. حتى الآن على الأقل.