قالت مجلة “إيكونوميست” البريطانية إن الدافع الحقيقي وراء إعلان السعودية وقف إطلاق النار في اليمن، هو أن الحرب بدأت بالتحول وفقد السعوديون الحماسة لها، وليس لوقف تفشي فيروس كورونا المستجد كما أعلنت الرياض.

وبينت في عددها الأخير، أن السعوديين لم يكونوا قادرين رغم الحملة الجوية الشرسة على الإطاحة بالحوثيين وإخراجهم من المراكز السكانية بما فيها العاصمة صنعاء.

وعنونت المجلة تقريرها بـ”مستنقع المملكة: السعودية تبحث عن مخرج من الحرب في اليمن”، وجاء فيه: “من النادر أن أبدت السعودية شهامة، فمنذ 5 أعوام تقاتل الحوثيين، الجماعة الشيعية المتمردة، نيابة عن الحكومة التي أطاحوا بها. ودمرت الحرب البنية التحتية وقتلت أكثر من 100 ألف شخص، ولكن السعودية وحلفاءها وعدوا في 8 أبريل/نيسان بوضع السلاح لمدة اسبوعين، والسبب وراء وقف إطلاق النار كما قال مسؤول سعودي هو تخفيف معاناة الشعب اليمني الشقيق وحماية صحته وأمنه”.

وبعد يومين أعلن اليمن وهو أفقر بلد في المنطقة عن تسجيل أول حالة “كوفيد-19”. وتعلق الصحيفة أن المتهكمين يشكّون بأن التعاطف وراء الدافع السعودي هو لأن المملكة وخلال السنوات الماضية قصفت المستشفيات والبيوت والمدارس في اليمن، وفي معظم الأحيان عن قصد.

من جهتها، بدأت الإمارات العربية المتحدة، الحليف الرئيسي للسعودية بالتخفيف من تورطها في الحرب منذ العام الماضي، وخفف السعوديون من غاراتهم الجوية، فقد تناقصت الهجمات الجوية بنسبة 90% مقارنة مع عام 2015.

وعقد السعوديون في الأشهر الأخيرة محادثات سرية مع الحوثيين، فقد انتهت الآمال بعودة الرئيس اليمني “عبدربه منصور هادي” الذي يعيش في المنفى إلى صنعاء. وأصبح هدف السعودية الآن هو وقف القصف الصاروخي للحوثيين على أراضيها.

ونقلت المجلة عن المحلل اليمني “عبدالغني الأرياني” قوله: “يريد السعوديون مخرجا من الحرب ولهذا يستخدمون فيروس كورونا كورقة التين”.

وتعلق المجلة بالقول إن التدخل السعودي في اليمن “بدأ كمشروع متغطرس لولي العهد محمد بن سلمان الذي حاول استعراض عضلاته أمام منافسته إيران. ولكن الحوثيين صمدوا وشعرت إيران الشيعية أن هناك فرصة، ولهذا زادت من دعمها للمتمردين، وبات الأمير محمد ينظر إلى الحرب على أنها مستنقع يحرف المصادر في وقت هبطت فيه موارد النفط”.

وتضيف المجلة أن الهجمات الحوثية على المملكة هددت سمعتها واستقرارها، وضربت صواريخهم أنابيب النفط والعاصمة الرياض، ولا تريد السعودية أي شيء يشوش على جهودها من أجل استضافة قمة العشرين في نوفمبر/تشرين الثاني؛ “ولهذا يأمل محمد بن سلمان بمحاصرة الحوثيين بنفس الطريقة حاصرت فيها إسرائيل حركة حماس في غزة”.

وبينت المجلة أن جماعة “الحوثي” تشعر بحالة اليأس التي يعاني منها ولي العهد السعودي ولهذا ترغب بالحصول على صفقة جيدة، ورفضوا وقف إطلاق النار وتقدموا بخطتهم الخاصة للسلام، وطالبوا السعودية برفع الحصار الجوي والبحري عن اليمن، ودفع تعويضات عن الضرر الذي تسببت به الحرب، وكذا رواتب الحكومة عن 10 أعوام، بالإضافة إلى الاعتراف بالحوثيين كحكومة شرعية.

ولو لم توافق السعودية، فقد وعد الحوثيون بحملة تصعيد كبيرة داخل المملكة. ويرى المحللون أن الحوثيين يخططون لهجوم على مدينة نجران في جنوب اليمن.

ويتقدم اليمنيون عميقا في داخل المدن القريبة من الحدود مع السعودية، وسيطروا على مدينة الجوف ويخوضون معارك في المناطق المحيطة بمأرب.

ووفق “إيكونوميست”، فإن السيطرة على هذه المنطقة لن تعطي الحوثيين مصادر ولكنها ستجعل من الصعوبة بمكان على الحكومة والقبائل القتال. فمن هذه المدينة تستخدم قوات الحكومة القواعد العسكرية لشن هجمات في الشمال، فهي تقع على الطريق الرابط بين السعودية والمحيط الهندي؛ وستقرب مأرب الحوثيين إلى منفذ الوديعة ومطار سيئون والحدود مع عمان.

وكان على “هادي” نقل بعض قواته من الشمال إلى الجنوب لمواجهة الانفصاليين والجهاديين؛ مما يترك مأرب في يد حركة الإصلاح والقبائل الداعمة له، وهذه تعارض الجماعة الحوثية خشية عودة الإمامة الزيدية، ولكنهم يخشون من سحب الأمير “محمد” قواته من اليمن.

ومن هنا تفكر بعض القبائل باتباع مثال قبائل الجوف التي تفاوضت مع الحوثيين وسمحت لهم بالدخول إليها. ويحوم فوق كل هذا تهديد فيروس كورونا، فقد دمرت الحرب نصف عيادات ومستشفيات اليمن، ويحتاج ثلاثة أرباع اليمنيين لمساعدة إنسانية.

وكان انتشار وباء الكوليرا العام الماضي من أسوأ الحالات في العالم، وانتشار لـ”كوفيد-19″ سيكون قاتلا بدرجات أعلى.