MBS metoo

“اتصالات سرية”.. هل سلطنة عمان مؤهلة لإخراج بن سلمان من اليمن؟

منذ صعود السلطان “قابوس بن سعيد آل سعيد” إلى السلطة في عمان عام 1970، اكتسبت سياسة مسقط الخارجية تميزا، ورغم كونها عضوا مؤسسا في مجلس التعاون الخليجي، الذي يكون في الغالب معاديا لإيران، لكن سياسات عمان الخارجية كانت تتبع مذهب “الحياد”، ولم تخرج عن هذا النهج تجاه الشؤون والتطورات العالمية.

السلطنة تقع في موقع إستراتيجي على طول الزاوية الجنوبية الشرقية لشبه الجزيرة العربية، بالقرب من مضيق “هرمز”، الذي يمر عبره آلاف الأطنان من النفط إلى الأسواق العالمية يوميا.

وتحتفظ سلطنة عمان بعلاقات جيدة مع كل الأطراف وتعتبر صديقة لإيران وأمريكا وحتى الاحتلال الإسرائيلي، ما يؤهلها للعب دور الوسيط في المنطقة التي تجتاحها الأزمات والصراعات، خاصة في الملف اليمني.

 

لاعب فريد

مسقط رسخت نفسها كلاعب فريد في النظام الجغرافي السياسي للخليج، حيث خدمت كصديقة للجميع ودون أن تكون عدوة لأحد، وتتعامل مع الحرب اليمنية برزانة وضبط النفس، فهي لم تشارك في العملية العسكرية “عاصفة الحزم” التي تضم تحالفا دوليا يتكون من 10 دول، 6 دول منها خليجية.

بعد أسبوع من بداية حرب اليمن، تسلم ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز، رسالة خاصة من سلطان سلطنة عمان قابوس بن سعید، الذي جنب بلاده المشاركة في التحالف الذي تقوده السعودية، نصحه فیها بوقف الحرب ضد الیمن حسب ما أفادت مصادر یمنیة حينها.

“قابوس” دعا في فبراير/ شباط 2018 إلى تضافر جهود المجتمع الدولي للتوصل إلى تسوية سياسية في اليمن.

وسبق أن أكد السلطان قابوس العام الماضي لوزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس، استعداده للتدخل لفض النزاع في اليمن بطريقة سلمية حقنًا للدماء -بحسب ما نقلته صحيفة “ذَا ناشيونال” الإماراتية الناطقة بالانجليزية في مارس/آذار 2018.

وأشارت الصحيفة الإماراتية نقلاً عن مصدر في وزارة الخارجية العُمانية أن السلطنة وافقت على أن تكون وسيطا مع عدد من أعضاء الدول الخليجية لحل الخلاف وإعادة الوحدة المفقودة بين دول الخليج.

مطلع يوليو/تموز الماضي، أجرى المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، جولة تخللها زيارة لمسقط، بحث خلالها مع وزير الخارجية العُماني، يوسف بن علوي، جهود لحل الأزمة اليمنية.

وحسب بعض المصادر، استضافت مسقط في الأسابيع القليلة الماضية لقاء جمع ممثلين عن المتمردين الحوثيين، الذي يسيطرون على أجزاء كبيرة من اليمن، ومندوبين عن الولايات المتحدة.

وأوضح يوسف علوي أن تحركات بلاده تنطلق من “رغبة عمان في أن يعم السلام في المنطقة”. واستضافت السلطنة في 30 يوليو/تموز الماضي، مباحثات بين مسؤول بالأمم المتحدة مع قيادي في جماعة الحوثيين بشأن النزاع اليمني والتوتر الإقليمي.

وذكرت وكالة “سبأ” في نسختها الحوثية أن تلك المحادثات تمهد لعقد جولة مشاورات جديدة، واستئناف المناقشات السياسية الشاملة وترتيبات المرحلة الانتقالية.

 

مؤهلات للوساطة

مفاوضات السعودية والحوثي “السرية وغير المباشرة” منذ بداية الحرب في اليمن في 22 مارس/آذار 2015، وحتى الآن كتب لها الفشل، إلا أن الحديث عن نجاح المفاوضات هذه المرة مرتبط بعدة قرائن أهمها انسحاب الحليف الإماراتي من حرب اليمن وبروز دور سلطنة عمان، التي يمكن اعتبارها الأوفر حظاً في ممارسة دور الوسيط، فضلاً عن توجه أمريكا وحلفائها الخليجيين، للتهدئة مع إيران.

موقع “المونيتور” الأمريكي، قال إن سلطنة عمان منذُ بدء الحرب في اليمن، حاولت أن تضع نفسها كوسيط حاسم في النزاع الدائر في البلاد للعام الخامس على التوالي.

وأفاد في تقرير نشره في أبريل/نيسان الماضي، للصحفي الروسي” صموئيل راماني”، أن عمان حافظت على عكس نظرائها من مجلس التعاون الخليجي، باستمرار على موقف الحياد في اليمن، وتساءلت عن جدوى جهود التحالف العربي لإخضاع الحوثيين بالقوة وحدها.

وأضاف أن عمان اتبعت إستراتيجية للتواصل البنّاء مع الحوثيين من أجل تلميع أوراق اعتمادها كوسيط.

وأكد المونيتور أن هذه السياسة أثمرت، حيث نجحت سلطنة عمان في التفاوض على إطلاق سراح العديد من المعتقلين المحتجزين في سجون الحوثيين، ودعمت جهود الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في الحديدة من خلال استضافة جلسات حوار موازية داخل اليمن.

وأضاف: “كما ساعدت الولايات المتحدة في إخلاء سفارتها من صنعاء بعد الانقلاب الحوثي”.

وأكد بدلاً من هذه النجاحات، تأمل عُمان في إقناع الحوثيين بإنهاء احتلالهم للحديدة، كما يتطلب اتفاق ستوكهولم، ولعب دور رئيسي في طموحات مارتن غريفيث (المبعوث الأممي في اليمن) في ضمان السلام باليمن.

وأوضح: بالإضافة إلى ذلك، تم احتضان عُمان كوسيط فعال بين الفصائل المتحاربة في اليمن من قبل العديد من المحللين البارزين، بما في ذلك السفير الأمريكي السابق في تونس جوردون جراي.

صحيفة واشنطن بوست الأمريكية رأت أن السلطنة هي الأقدر على حل الأزمة اليمنية، مشيرة إلى أن الأمر لا يقتصر على الحياد بمعنى عدم قطع السلطنة علاقاتها مع أطراف أي صراع، بل لعبت عُمان دوراً كوسيط مؤتمن في جهود حل الصراعات.

وأشارت الصحيفة في تقرير لها منذ يوليو/تموز 2017 إلى أن السلطنة كان لها مكان مفضل للتفاوض يتسم بالفاعلية والكتمان وظهر ذلك واضحاً في المفاوضات النووية التي أجرتها الدول الكبرى مع إيران حتى تندّر البعض قائلاً إنها ليست مفاوضات “5+1″، فهل يمكن بإضافة عُمان إليها أن تصبح 6+1.

وفي الأزمة القطرية لم يعلن رسمياً عن وساطة عُمانية، ورغم أن عمان كان لها دور أقل وضوحاً في المفاوضات بشأن الأزمة القطرية من الكويت، فقد نشطت مسقط في القيام بجهود الوساطة في أزمة مجلس التعاون الخليجي، حسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية.

 

التمهيد للسلام

المواقف المعلنة للسلطان قابوس تؤكد أنه هو الأوفر حظاً للقيام بدور الوساطة لإنهاء الأزمة اليمنية، إذ سبق أن استقبل وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، في مسقط، والتقى الأخير مع المتحدث باسم المتمردين الحوثيين محمد عبد السلام، وحثه على ضرورة “انسحاب قوات الحوثي قريبا، للحفاظ على الثقة في اتفاق ستوكهولم، والسماح بفتح قنوات إنسانية حيوية”.

وجاءت زيارة هانت لمسقط “للتباحث حول عملية السلام في اليمن”، وجدد الدعوة إلى ضرورة “إبعاد القوات العسكرية عن الموانئ لمنع عودة القتال، والتمهيد لجولة تالية من محادثات السلام، وضمان إمكانية وصول المساعدات الإنسانية”.

تعد بريطانيا العضو الفاعل في إدارة الملف اليمني في المحافل الدولية لكنها متهمة بالتساهل مع الميليشيات الحوثية وممارسة ضغط سياسي متصاعد لإنهاء العمليات العسكرية واستئناف المشاورات السياسية للتوصل إلى تسوية شاملة يكون الحوثي طرفا فيها.

فيما أعلنت الخارجية الأمريكية أن سلطان عمان بحث مع وزير الخارجية مايك بومبيو في مايو/آيار الماضي، عددا من القضايا الثنائية والإقليمية، خاصة أزمة اليمن.

وقالت المتحدثة باسم الوزارة “مورغان أورتيغاس”، إن “بومبيو” و”قابوس” أكدا، في اتصال هاتفي، “دعمهما القوي لمبعوث الأمم المتحدة الخاص (مارتن غريفيث) وعملية سياسية في اليمن”.

“غريفيت” أشار في إفادته الأخيرة لمجلس الأمن إلى أن شخصية كبيرة وحكيمة في المنطقة قالت له إن الحرب ستنتهي نهاية العام، بحسب ما كشف القيادي والصحفي الجنوبي كمال صلاح الديني.

وأشار الديني في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، إلى أن الرجل بحديثه هذا فتح كمية من التساؤلات كان أولها من هو هذا الحكيم؟ وما مدى قربه وتأثيره على كافة الأطراف المتصارعة ومن خلفها وعلى أي أساس ستنتهي تلك الحرب وإلى من ستؤول الأمور؟”.

وأضاف: “كل تلك التساؤلات تبدأ إجابتها فقط عندما نعرف من هي تلك الشخصية الكبرى في المنطقة والتي تتصف بالحكمة والأقرب في تصوري أنه السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور سلطان سلطنة عُمان الشقيقة”.

ونسبت الصحف اليمنية إلى مراقبين قولهم إن السلطان قابوس يمكنه التنبؤ بنهاية الحرب من خلال علاقته المتميزة مع جميع أطراف الحرب في اليمن داخلياً وخارجيا، إضافة إلى نهجه المحايد في غالبية القضايا الإقليمية، ما جعله يحظى باحترام كل دول الجوار.

كما أكد مراقبون أن نهاية الحرب تحتاج تمهيداً لها من خلال التوفيق بين كل الفصائل المنضوية تحت لواء الشرعية والتي تحمل العداء للانقلابيين الحوثيين، كون ذلك هو بداية تصحيح المسار وضمان النصر.

 

تنسيق مع إيران

مسقط سعت لتهدئة التوتر المتصاعد بين واشنطن وإيران، من جانب وبين بريطانيا وإيران من جانب آخر، في أدوار رفضت توصيفها بالوساطة، واكتفت بالإشارة إلى أنها “تنسق” فقط.

فبعد أن زار وزير الخارجية العماني طهران في مايو/آيار الماضي، في ظل تصاعد التوتر بين أمريكا وإيران، قام في يوليو/تموز الماضي، بزيارة رسمية جديدة إلى هناك التقى خلالها نظيره الإيراني محمد جواد ظريف وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني.

وعقب الزيارة الأولى إلى واشنطن، أعلن الوزير العماني أن بلاده تسعى لتهدئة التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، الذي تصاعد في الفترة الأخيرة.

وقال إن بلاده تسعى جاهدة، لتهدئة التوتر، في الأزمة الحالية بين الولايات المتحدة وإيران، مشيرا إلى “خطورة وقوع حرب… يمكن أن تضر العالم بأسره إذا اندلعت”.

وأكد بن علوي، في حوار نشرته صحيفة الشرق الأوسط السعودية، أن أمريكا وإيران يدركان خطورة الانزلاق أكثر من هذا الحد.

وأفاد بوجود اتصالات مكثفة من جانب بلاده في هذا الخصوص، داعياً المجتمع الدولي إلى بذل جهد تشترك فيه سلطنة عمان لمنع المخاطر قبل وقوعها.

أما الزيارة الثانية التي أجراها في يوليو/تموز الماضي، فجاءت في وقت تشهد فيه المياه الخليجية إشكالية في الملاحة البحرية خاصة بعد ما أوقفت إيران ناقلة بريطانية، بعد أسبوعين من احتجاز حكومة جبل طارق التابعة لبريطانيا ناقلة نفط إيرانية.

وكشفت أوساط إيرانية أن وزير الخارجية العماني حمل في جعبته أجندة إقليمية ودولية، بحثها مع الجانب الإيراني، مؤكدة بلورة حل سياسي بشأن ناقلتي “غريس 1″ الإيرانية و”ستينا إمبيرو” البريطانية، وتوقعت الإفراج عنهما في المستقبل القريب.

واكتفى الجانبان الإيراني والعماني عقب الاجتماعين، بالإعلان أن المحادثات اقتصرت على العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والدولية، دون الإشارة إلى أي رسالة يحملها الضيف العماني، وهو أمر معهود في الوساطات السابقة التي قامت بها مسقط بين إيران والغرب، حيث لم يعلن عنها إلا بعد ما أثمرت حلولا.

ويرى مراقبون في إيران أن مسقط التي تربطها علاقات جيدة مع كل من إيران وأمريكا وبريطانيا والسعودية، أثبتت خلال الفترة الماضية حيادها في الوساطات التي تقوم بها، وهو ما يزيد فرص نجاح زيارة بن علوي إلى طهران، خاصة أنه قصد الأخيرة بعد أسبوع من محادثات هاتفية لنظيره الأمريكي مايك بومبيو مع السطان قابوس بن سعيد، حول إيران.

 

اتصالات سرية

تبحث السعودية عن مفاوضة جماعة الحوثي الشيعية المسلحة المدعومة من إيران، لكنها ترفض أن تبدو “ضعيفة” حسب ما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية عن مسؤول سعودي قوله إن بلاده تدرس مقترحات لإجراء محادثات مباشرة مع الحوثيين، كما نقلت صحيفة استخباراتية إسرائيلية أن الإمارات والسعودية دخلتا في اتصالات سرية مع إيران.

الصحيفة الأمريكية أشارت في تقريرها الذي نشرته الثلاثاء 6 أغسطس/آب الجاري، إلى أن الرياض تبحث عن حل سياسي لإنهاء الحرب في اليمن التي “لطخت” سمعتها داخل الولايات المتحدة بسبب عدد الضحايا الذين سقطوا في الحرب.

ونقلت عن المسؤول السعودي قوله إن المملكة لا تريد أن تجر إلى حرب طويلة في اليمن، لكنها بالمقابل لا تريد أن تبدو “ضعيفة” أو أنها “تضررت” في هذا الملف، خاصة مع التوتر الحاصل في المنطقة بسبب الأزمة مع إيران.

وتقول وول ستريت جورنال إن الحوثيين عرضوا سرا تعليق هجماتهم على السعودية، وهي خطوة اعتبرها دبلوماسيون مؤشرا على رغبة عدد من قيادات الجماعة أخذ مسافة من إيران.

لكن السعودية تبقى متشككة إزاء النوايا الحقيقية للحوثيين، وحول مدى قدرتهم على ضمان تنفيذ وقف النار بالنظر إلى وجود خلافات داخلية حول المدى الحقيقي الذي يجب أن يصل إليه التحالف مع طهران، بحسب الصحيفة.

 

تصعيد حوثي

إعلان المسؤول السعودي عن مساعي السعودية للتفاوض مع الحوثي، جاء بعد يوم واحد من تكثيف الحوثي لـ”الضربات الموجعة للسعودية وتوسيع دائرة الاستهداف، وحصارها وشن غارات متواصلة” وفقا لما أوردته قناة المسيرة التابعة لجماعة الحوثي الإثنين 5 أغسطس/آب الجاري على موقعها الإلكتروني.

ونقلت عن المتحدث العسكري باسم الحوثي في اليمن، قوله إن سلاح الجو المسيّر التابع لهم نفذ عمليات واسعة على مطار أبها الدولي وقاعدة الملك خالد الجوية ومطار نجران بطائرات “قاصف”.

كما نقلت عن المتحدث باسم القوات الحوثية العميد يحيى سريع قوله: إن “العملية الأولى استهدفت مرابض الطائرات المسيّرة في مطار نجران، وكانت الإصابة مباشرة، وتسببت في تعطيل الملاحة الجوية في المطار”.

وأضاف المتحدث أن العملية الثانية استهدفت مواقع عسكرية مهمة وحساسة في قاعدة الملك خالد الجوية بخميس مشيط في عسير، وكانت الإصابة دقيقة، على حد وصفه.

وأكد سريع أن “العملية الثالثة استهدفت مرابض الطائرات وأهدافا أخرى في مطار أبها الدولي، وأصابت أهدافها بدقة عالية، وتسببت في تعطيل الملاحة الجوية في المطار”.

زعيم جماعة الحوثي عبد الملك الحوثي حذّر الأحد 4 أغسطس/ أب الجاري، في خطاب -بثته قناة “المسيرة”- النظام السعودي، وقال إنه سيقابل التصعيد بالتصعيد، وتحدث عن ضربات موجعة لها تأثير كبير على السعودية وعلى من يقف وراءها.

كما نصح الإمارات بأن تَصدُق في خطتها بالانسحاب من اليمن، مؤكدا أن “استمرار الإمارات في العدوان وفي احتلال اليمن يشكل خطورة عليها، وهي تتحمل مسؤولية ذلك”.

Exit mobile version