قال يحيي كشيمة، وهو طالب دكتوراه في العلاقات الدولية بجامعة جيلين الصينية، إن بعض الدول الإقليمية والغربية غير راضية عن الاتفاق بين إيران والسعودية وستحاول إفشاله.

وبوساطة صينية، وقّعت السعودية وإيران في 10 مارس/ آذار الجاري اتفاقا لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما خلال شهرين، ما ينهي 7 سنوات من القطيعة.

وفي يناير/ كانون الثاني 2016، قطعت السعودية (ذات أغلبية سُنيّة) علاقاتها مع إيران (ذات أغلبية شيعية)، إثر اقتحام محتجين سفارة المملكة في طهران وقنصليتها بمدينة مشهد (شرق)، بعد أن أعدمت الرياض رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر مع مدانين آخرين، بينهم سُنّة، بتهم منها الإرهاب.

واعتبر كشيمة، في تحليل نشره موقع “مودرن دبلوماسي” الأمريكي (Modern Diplomacy) وترجمه “الخليج الجديد”، أن الاتفاق السعودي الإيراني “أهم حدث دبلوماسي في المنطقة منذ سنوات إذا تم الالتزام به، وستكون له تداعيات ومؤشرات كثيرة على منطقة الشرق الأوسط التي يمزقها الصراع”.

وأدركت السعودية مؤخرا فشل الولايات المتحدة في الوفاء بوعودها لتأمين المملكة، خاصة في أعقاب الهجمات التي استهدفت العديد من البنى التحتية المهمة في المملكة خلال السنوات القليلة الماضية، وفقا لكشيمة.

وتابع: بينما كان من المتوقع أن ترد واشنطن بقوة وحزم، أزالت بطاريات باتريوت من السعودية وأظهرت أنها فقدت القدرة على فعل أي شيء لوقف إيران، على الرغم من الاستهداف المتكرر للمملكة (من جانب جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من طهران)  خلال إدارتي الرئيسين الأمريكيين السابق دونالد ترامب (2017-2021) والحالي جو بايدن.

وأردف: “لذلك من المحتمل أن تكون السعودية حاولت اللعب بشكل مختلف وذهبت إلى صفقة سياسية من شأنها أن تجنيبها الآثار السلبية للصراع مع إيران وخيانة حلفائها (المملكة)”.

 

تدهور أمريكي سعودي

كشمية اعتبر أن “العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية تتدهور بشكل واضح، واتسعت الفجوة منذ أن رفضت الرياض زيادة إنتاج النفط على الرغم من زيارة بايدن للمملكة (يوليو/ تموز 2022)، والتي تفسرها واشنطن على أنها دعم سعودي لروسيا في تمويل حربها على أوكرانيا”، وهو ما تنفيه الرياض.

ورجح أنه “ستكون للصفقة الإيرانية السعودية، في حال تمسكها وتنفيذها من الطرفين، تداعيات كبيرة وإيجابية على المنطقة، التي أشعلتها الصراعات لسنوات عديدة، وستكون بداية لحل سياسي لملفات ساخنة مثل الأزمات اليمنية والسورية واللبنانية”.

لكنه استدرك: “لن يكون هذا الاتفاق بين اللاعبين الإقليميين الرئيسيين في المنطقة نهاية لكل صراعاتهما، ولكنه خطوة مهمة نحو تطوير رؤى مشتركة للقضايا الشائكة، بما يساهم في حل الأزمات الداخلية للعديد من دول المنطقة”.

وأردف أن أزمات المنطقة قد تحتاج إلى وقت طويل لحلها؛ بسبب انعدام الثقة بين الجانبين، ووجود دول غربية وإقليمية غير راضية عن الاتفاق وستحاول إفشاله.

ولم يسم كشيمة تلك الدول، لكنه ربما يشير إلى الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل، حيث تعتبر كل من تل أبيب، التي تمتلك ترسانة نووية غير خاضعة للرقابة الدولية، وطهران العاصمة الأخرى العدو الأول لها.

ويتهم البلدان إيران بامتلاك أجندة توسعية في المنطقة والسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إنها تلتزم بمبادئ حُسن الجوار وإن برنامجها النووي مصمم للأغراض السلمية بما فيها توليد الكهرباء.

ومن الواضح، بحسب كشيمة، أنه “ستكون هناك العديد من الصدمات في الأيام القادمة. وقد يؤدي تراجع العلاقات الأمريكية السعودية وانفتاح السعودية على الصين وروسيا إلى تغيير ميزان القوى في المنطقة والعالم”.

واعتبر أن “الصفقة الإيرانية السعودية، التي دعمتها الصين، تمثل نكسة خطيرة للولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل، ما قد يجبر واشنطن على تغيير سياستها الخارجية وإعادة ترتيب أوراقها لاستعادة نفوذها في المنطقة، بعد أن شهدت تحولا (أمريكيا) كبيرا نحو شرق آسيا (لمواجهة الصين)، بعيدا عن الشرق الأوسط والخليج العربي”.