وافقت السعودية على برنامج يوفر إقامة دائمة لبعض الأجانب لجذب الاستثمارات، فيما يعد أحدث علامة على أن البحث عن عائدات غير نفطية يدفع دول الخليج إلى إعادة التفكير في دور المغتربين في مجتمعاتهم.
وبموجب القانون الجديد – الذي يسمح للأجانب بامتلاك العقارات – يمكن للأشخاص المؤهلين التقدم بطلب للحصول على إقامة لمدة طويلة أولمدة عام قابل للتجديد، وفقًا لوكالة الأنباء السعودية الرسمية. وستقوم الحكومة بتفصيل قواعد البرنامج في غضون 90 يومًا بعد موافقة مجلس الوزراء النهائية على القانون هذا الأسبوع.
تعزيز للاقتصاد
وقال وزير الاقتصاد “محمد التويجري” في بيان له إن السعودية “تفتح أبوابها للمستثمرين والمهنيين المهرة، بما يشمل المحليين والمغتربين أولئك الذين عاشوا في المملكة لعقود من الزمان والذين يمثلون شريحة نشطة من الاقتصاد السعودي”.
ويعد هذا الإعلان خطوة بارزة في بلد يخضع فيها الكثير من المغتربين لبعض قواعد الإقامة الأكثر تقييدًا في العالم، بما في ذلك الحاجة إلى كفيل محلي والإذن لمغادرة البلاد. ووافقت دولة الإمارات على خطة للسماح للأجانب الأثرياء بتقديم طلب للحصول على إقامة لمدة 10 سنوات، بينما أقرت قطر قانونًا يمنح البعض الإقامة الدائمة.
وقال رئيس قسم الأبحاث في شركة “الراجحي المالية”، “مازن السديري”، إن أكبر المستفيدين من هذه الخطوة السعودية سيكون الآلاف من الأثرياء العرب، الذين أقام بعضهم في المملكة لعقود “دون التمكن من امتلاك المنازل التي يعيشون فيها”.
وطُرِحت فكرة برنامج إقامة سعودي طويل الأجل لأول مرة في عام 2016، بواسطة ولي العهد “محمد بن سلمان”، كجزء من خطته للحد من اعتماد الاقتصاد على النفط وتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر. وفي ذلك الوقت، قدّر الأمير أن البرنامج سيولد حوالي 10 مليارات دولار من العائدات السنوية بحلول عام 2020.
وقال “التويجري” إن الخطة ستفيد “الشركات متعددة الجنسيات؛ سواء العاملة في المملكة أو تلك التي ترغب في دخول السوق السعودي”.
وساهم ملايين الوافدين في تسيير عجلات الاقتصادات الخليجية لعقود من الزمن، في الوقت الذي توافد فيه المواطنون حصرا على الوظائف الحكومية ذات الأجور المرتفعة واستمتعوا بمزايا الدولة السخية. ومع ذلك، فإن فكرة السماح لهم بالحصول على إقامات دائمة تم النظر إليها في بعض الأحيان على أنها تهديد للهويات الوطنية في جدالات تشبه الخطاب الحالي المناهض للهجرة في الغرب.
وتؤكد البيانات الرسمية أن القرار سيساعد أيضًا في خلق وظائف للمواطنين للسعوديين.
وهناك أكثر من 12 مليون أجنبي في السعودية، وفقاً للإحصاءات الرسمية، أيّ أكثر من ثلث إجمالي السكان. وتتضمن متطلبات الإقامة أن يكون لدى مقدم الطلب أموال كافية وأن يدفع رسومًا غير محددة حتى الآن، وفقًا لوسائل الإعلام المحلية.
وقالت عضو مجلس الشورى “لينا المعينة”: “الإقامة الخاصة هي للأطباء والمهندسين والمبدعين والمستثمرين الذين يساهمون في تنمية السعودية مما يؤدي إلى مستقبل مزدهر”. ووافق مجلس الشورى المعين على البرنامج الأسبوع الماضي، حيث صوت 76 عضوا لصالحه مقابل 55 صوتوا ضده.
وبينما تسعى السعودية لتشجيع الأثرياء على البقاء، دفعت الرسوم الشهرية المفروضة على العمال الأجانب وأسرهم – إلى جانب النمو الاقتصادي البطيء – مئات الآلاف من المغتربين إلى مغادرة البلاد، وتم تصميم هذه الرسوم لتشجيع الشركات الخاصة على توظيف المواطنين السعوديين.
ليس حلاً دائمًا
وقال رئيس شركة “ناصر السعيدي وشركاه” “ناصر السعيدي”، واقتصادي بارز سابق في مركز دبي المالي العالمي إن النظام يعد “خطوة في الاتجاه الصحيح” ولكنه ليس “حلا دائما”.
وقال: “إذا كنت تريد حقًا المضي قدمًا والابتكار، فيجب إلغاء نظام الكفالة بالكامل، عندها فقط سيكون لديك اقتصاد ديناميكي حقًا وسوف يرغب الناس في الاستثمار في البلد بدلاً من إعادة أموالهم إلى أوطانهم”.
ومع ذلك، من المحتمل أن يثير نظام الإقامة الجديد الكثير من الجدل بين السعوديين في وقت تبلغ فيه نسبة البطالة بين المواطنين 12.7% بينما تشيع كراهية الأجانب وتنتشر شعارات مثل “السعودية للسعوديين” على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد جادل مقال رأي حديث في إحدى الصحف السعودية بأن المملكة يمكن أن ترحّل جميع سكانها اللبنانيين دون عواقب.
وقال الخبير الاقتصادي السعودي “أحمد الشهري” على “تويتر”: “رغم فوائد نظام الإقامة الخاص، فإن البعض يخشونه، ويمكن استغلاله بطريقة تؤثر على استقرار الشركات السعودية”.