خاص: كان لتقرير موقع “ياهو نيوز” عن تورط مصر في عملية قتل الصحفي السعودي المغدور به، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في إسطنبول بتركيا، في أكتوبر 2018، وقعًا صادمًا على أوساط المتابعين للقضية، رغم توقع تأييد ديكتاتور مصر “عبد الفتاح السيسي” لمقتل “خاشقجي”، ولكن لم يكن يظن أحد أن يكون التورط المصري بهذا الشكل المباشر الفج.

وبحسب تقرير مطول نشره الموقع؛ فإن طائرة من طراز “جلف ستريم”، كانت تقل عددا من قتلة “خاشجقي”، توقفت في وقت مبكر من صباح 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، في القاهرة، ثم أكملت طريقها إلى إسطنبول.

وأشار التقرير إلى أن الغرض من وراء توقف الطائرة؛ هو جلب جرعة قاتلة من “مخدر” أو مسكن قوي للآلام محظور استخدامه، تم حقنه بعدها بساعات في الذراع الأيسر لـ”خاشقجي”؛ ما أدى لمقتله في غضون دقائق.

وأوضح الموقع أن ماهية هذا المخدر أو المسكن ومن قدمه، في منتصف الليل في مطار القاهرة، لا يزال لغزا.

غير أنه أكد أن توقف الطائرة وتسليم المخدر المحظور استخدامه، والذي يكشف عنه لأول مرة؛ يشير إلى احتمال وجود متواطئين مصريين في مقتل “خاشقجي”.

كيف تم اكتشاف تورط مصر؟!

بداية ظهر وجود رابط بين مصر وعملية قتل “خاشقجي” في جلسات المحاكمة المغلقة التي أجرتها السعودية لقتلة “خاشقجي”، وحضرها دبلوماسيون أتراك سمح لهم بمراقبة إجراءات المحاكمة، في 2019. ورفع الدبلوماسيون الأتراك تقارير لمحكمة في إسطنبول تتابع القضية الآن.

وبحسب صحيفة “واشنطن بوست” التي نقلت عن تلك التقارير التركية، تأكيدها “أن قرار قتل خاشقجي كان بمبادرة من ماهر مطرب، الحارس الشخصي لمحمد بن سلمان، الذي خلص بعد مراجعة مخطط القنصلية السعودية إلى أنه لن يكون من الممكن القبض على الصحفي على قيد الحياة.. وبدلاً من ذلك، تم تخدير خاشقجي وتم تقطيع جثته بمنشار العظام”.

كذلك أظهر تطبيق “بلان فيندر” (Plane Finder) للتتبع مسار الرحلات، أن طائرة “جلف ستريم” التي أقلعت من الرياض وعلى متنها فريق القتل السعودي، مساء الأول من أكتوبر/تشرين الأول، توقفت في القاهرة قبل أن تهبط في إسطنبول في الساعة 3:30 في اليوم التالي.

وذكر التقرير أن تلك المعلومات الجديدة، تعتبر بمثابة أدلة مقنعة أن فرقة القتل التي أرسلها “محمد بن سلمان” كانت تعتزم قتل “خاشقجي” قبل أن تقلع طائرتهم من الرياض، وقبل دخول “خاشقجي” للقنصلية في إسطنبول، وهو ما نفته الحكومة السعودية.

وقال التقرير إن ثلاثة من أعضاء فرقة القتل السعودية قاموا بتثبيت “خاشقجي” بعد دخوله القنصلية، بعد نشوب شجار بينه وبينهم، وقام “صلاح الطبيقي”، وهو طبيب شرعي بوزارة الداخلية السعودية، بحقنه في ذراعه اليسرى بجرعة كبيرة (تكفي لقتله) من المخدر المحظور الذي أحضره فريق القتل خلال توقف طائرتهم بالقاهرة.

كذلك نقلت الصحيفة عن مراسل موقع “ياهو نيوز” أن المطرب وصلاح الطبيقي، الطبيب الذي أعطى جرعة قاتلة من المخدر لخاشقجي، من بين الذين حوكموا. حُكم على خمسة أشخاص بالإعدام في نهاية المطاف، ولكن تم تخفيف عقوباتهم لاحقًا إلى 20 عامًا، واستشهد مراسل “ياهو نيوز” بمصادر سعودية قالت إن المدانين يعيشون في مجمع فاخر بالقرب من الرياض، حيث شوهد السيد “الطبيقي” في صالة ألعاب رياضية. في غضون ذلك، تمت تبرئة الرجل الذي أشرف مباشرة على عملية محمد بن سلمان، سعود القحطاني، ولم يواجه أي عقوبة.

مطالبات أمريكية بتسليم “القحطاني”:

وذكرت “واشنطن بوست” أنه بحسب المخابرات الأمريكية، وجه “القحطاني” وحدة استخبارات خاصة قامت بخطف معارضين في الخارج. كما أشرف على اعتقال وتعذيب النساء اللواتي طالبن بالحق في القيادة. ولا يزال مساعدًا رئيسيًا لمحمد بن سلمان، الذي رفض مرارًا مطالب الولايات المتحدة بتقديمه إلى العدالة. وطالما استمر الحاكم السعودي وأتباعه في التمتع بهذا الإفلات من العقاب، فإن ضحاياهم سيستمرون في التراكم.

وأوضحت الصحيفة في افتتاحيتها أنه عندما اختار الرئيس “بايدن” في فبراير، عدم تحميل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، المسؤولية عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي على الرغم من استنتاج وكالة المخابرات المركزية بأنه وافق على العملية، كنا – أي الصحيفة – من بين أولئك الذين حذروا من أن النتيجة ستكون المزيد من الضحايا.

وتابعت الصحيفة بقولها، للأسف، لقد ثبت صحة ذلك. قبل قرار السيد بايدن، أطلق النظام السعودي سراح العديد من السجناء السياسيين، بينهم مواطنان أمريكيان وناشطة بارزة في مجال حقوق المرأة. منذ مارس /آذار، حكمت على ثلاثة نشطاء آخرين على الأقل بالسجن لمدد طويلة وفتحت تحقيقات مع آخرين. كما خلص تقرير حديث لـ هيومن رايتس ووتش إلى أن “قمع المعارضين ونشطاء حقوق الإنسان والنقاد المستقلين لا يزال قائماً بكامل قوته”.

وبحسب تصريح سابق لمستشار البيت الأبيض الأسبق لمكافحة الإرهاب والرئيس الحالي لمعهد الشرق الأوسط ريتشارد كلارك، فإن التفسير المرجح للتوقف في القاهرة هو أن المخابرات المصرية، التي ترتبط بعلاقة عمل وثيقة مع السعوديين، هي من قدمت العقاقير القاتلة في عملية اغتيال خاشقجي، مؤكدًا أن “هناك الكثير من أموال الحكومة السعودية التي تذهب لدعم حكومة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. ويمكنك الحصول على الكثير مقابل هذه الأموال”.