رصد تحليل نشره “معهد دول الخليج العربية في واشنطن” مظاهر، وصفها بالمذهلة، لإعلانات المشاريع والاستراتيجيات الاقتصادية ومبادرات التنمية الناشئة في السعودية، ضمن سياسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للتركيز على أجندته للتحول الاقتصادي للمملكة، والمعروفة بـ”رؤية 2030″، قائلا إن العاصمة الرياض عادت لتحتل دورا مركزيا في تلك الاستراتيجية، بعد فترة من تركيز تلك الاستراتيجية على مناطق أخرى، مثل ساحل البحر الأحمر وصحراء العلا.

ويقول التحليل، الذي كتبه روبرت موجيلنيكي، الباحث الأول بالمعهد، وترجمه “الخليج الجديد”، إن الرياض عادت لتتصدر أجندة التنمية في السعودية بقوة منذ بداية 2023، مسلطة الضوء على الدور المركزي للعاصمة في أجندة التحول الاقتصادي لرؤية 2030.

 

مشروعات الرياض

ففي مارس/آذار الماضي، قدمت المملكة طلبية ضخمة لشرء طائرات من شركة “بوينج” الأمريكية تزامنت مع الإعلان الرسمي عن شركة طيران مخططة “طيران الرياض”، والتي ستكون الناقل الوطني الثاني للبلاد وسيكون مقرها في العاصمة.

وفي فبراير/شباط أعلن المسؤولون السعوديون عن خطط لبناء مشروع “ذا سكوير” أو “المكعب” وهي منطقة حديثة في وسط المدينة في الرياض عبارة عن مبنى متطور

وقبل ذلك بشهر، في يناير/كانون الثاني، أصبحت بوابة الدرعية، الواقعة على بعد 20 دقيقة شمال غربي الرياض، مشروعًا ضخمًا رسميًا لصندوق الاستثمارات العامة.

وتشكل هذه المبادرات التي تركز على الرياض أبعادًا مختلفة للجهود الأخيرة لإعادة تشكيل العاصمة السعودية، بحسب الكاتب.

ويرى التحليل أن ولي العهد يريد في نهاية المطاف تحويل الرياض إلى مدينة أكثر خضرة ومضيافة مع ضعف عدد سكانها الحالي البالغ حوالي 8 ملايين بحلول عام 2030.

وبالنظر إلى الإطار الزمني القصير للوصول إلى الهدف الديموجرافي الطموح، فمن المرجح أن يشكل الوافدون الجزء الأكبر من أي نمو سكاني سريع.

 

جذب الاستثمارات

وفي هذا الإطار، يعد جذب الشركات إلى الرياض جزءًا مهمًا من معادلة التنمية في المملكة.

وفي عام 2020، أنشأت السعودية برنامج “المقر الإقليمي”، وهو مبادرة مشتركة بين وزارة الاستثمار والهيئة الملكية لمدينة الرياض، لتشجيع الشركات الدولية على تأسيس وجودها الإقليمي الأساسي في المملكة.

ويصف الموقع الإلكتروني لبرنامج “المقر الإقليمي” العاصمة بأنها “المركز التجاري والثقافي” في المملكة العربية السعودية و”النجم الصاعد الجديد” لمجلس التعاون الخليجي.

وأشار الكاتب إلى أن الرياض والمنطقة المحيطة بها تسهم بما يقرب من 50% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للسعودية، لا سيما في 5 قطاعات استراتيجية وهي: تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتجارة والتجزئة، والخدمات المالية، والإعلام، والنقل والخدمات اللوجستية، والآلات والمعدات، والسياحة، ما يؤكد على الدور المركزي للعاصمة في أجندة التنويع الاقتصادي لرؤية 2030.

وتهدف المبادرات والمشاريع الجديدة في جميع أنحاء الرياض إلى تسهيل التدفقات الداخلية للوافدين والسائحين ورجال الأعمال بالإضافة إلى تحفيزهم على البقاء.

قد يؤدي تقديم المزيد من العروض المحلية للسكان المحليين إلى الحد أيضًا من التسرب الاقتصادي، حيث كان السعوديون ينفقون أموالا هائلة على الترفيه خارج المملكة، ومن ضمنها وجهات في بلدان مجاورة، لذلك فإن هناك مبادرة تنموية لتحويل الرياض إلى مدينة “نابضة بالحياة الترفيهية”، وفقا للكاتب.

يمضي المسؤولون السعوديون قدمًا في التغييرات التنظيمية والسياساتية لدعم هذه الطموحات التنموية، حيث يقال إن هناك قانونا عقاريا جديدا يتم إعداده يخفف من لوائح تملك الأجانب للعقارات.

 

الإمارات.. التحدي الأكبر

ويعتبر الكاتب أن التحدي الأكبر على هذه الخطط والمبادرات السعودية هو الإمارات التي تتبنى أيضا عددا من المبادرات الاقتصادية التي تهدف إلى دفع عجلة التنمية في البلاد على مدى العقود العديدة القادمة.

وتمتلك أبوظبي الغنية بالنفط الموارد المالية لضمان بقاء الإمارة العاصمة مركزًا للمواهب المغتربة والشركات الأجنبية.

وتهدف أجندة دبي الاقتصادية، أو D33، إلى “مضاعفة حجم اقتصاد دبي خلال العقد المقبل وتعزيز مكانتها بين أكبر 3 مدن عالمية”.

 

باقي دول الخليج

في الوقت نفسه، لا تشكل الكويت وقطر وعمان والبحرين المجاورة تهديدًا كبيرًا لطموحات الرياض التنموية، فالأولى تشهد حالة عدم انسجام بين الحكومة والبرلمان وليس هناك حالة اتفاق بينهما على أولويات السياسة الاقتصادية المباشرة.

وتعمل قطر وعمان والبحرين على إيجاد مجالات اقتصادية وقد تجذب المغتربين والشركات المرتبطة بصناعات معينة، لكن لا يتمتع أي منهم بالثقل الاقتصادي للسعودية.