طلبت السعودية من وزارات وإدارات حكومية تقديم مقترحاتها وتصوراتها حول تقليص سريع لميزانياتها، لمواجهة الانحفاض الكبير في أسعار النفط، وتأثيره السلبي على موازنة المملكة، بحسب ما كشفته وكالة “رويترز”، الأربعاء.

ونقلت “رويترز”، في تقرير، ترجمه “الخليج الجديد”، عن 4 مصادر، وصفتها بالمطلعة، أن السعودية طلبت من وزارات ووكالات حكومية  تقديم تصورات حول سبل التعايش مع تخفيضات تتراوح ما بين 20 و30% من موازناتها، في حملة تقشف جديدة، لمواجهة الانخفاض الحاد في أسعار النفط.

وقالت المصادر إن الطلبات قدمت منذ أكثر من أسبوع بسبب مخاوف بشأن تأثير وباء فيروس “كورونا” الجديد على أسواق النفط الخام.

وأشارت إلى أن الطلبات قدمت أيضا قبل انهيار اتفاق إنتاج النفط بين “أوبك” وحلفائها، الجمعة الماضي.

وقال أحد المصادر إنه عندما تم إرسال طلبات تقليص الميزانية للوزارات والهيئات السعودية، كان المسؤولون السعوديون يتوقعون إجراء محادثات صعبة مع روسيا بشأن الحاجة إلى قيود أكبر على الإنتاج لتحقيق الاستقرار في الأسواق، لكن موسكو رفضت الاقتراح، ما تسبب بحرب على حصة السوق بين البلدين، أدت إلى انخفاض أسعار النفط الخام.

وأضاف: “سوق النفط تراجعت بالفعل بسبب تأثير الفيروس التاجي على معدل الطلب من الصين، بالإضافة إلى أن الاتصالات على المستوى السيادي بين الرياض وموسكو حول مسألة تجديد اتفاق خفض إنتاج النفط لم تكن إيجابية”.

وأكد أحد المصادر أن وزارة الخارجية السعودية نفذت بالفعل خفضًا بنسبة 20% في ميزانيتها، مضيفا أن التخفيضات لن تؤثر على الرواتب، ولكن قد يتم تأجيل بعض المشاريع، وقد تتأخر العقود التي لم يتم منحها بعد.

وقالت “رويترز” إنها طلبت تعليق الخارجية السعودية على تلك الأنباء، لكن الأخيرة أحالت الطلب إلى وزارة المالية، التي لم ترد.

وتعتمد المملكة العربية السعودية، الرائدة في منظمة “أوبك” وأحد أكبر مصدري النفط في العالم، بشكل كبير على عائدات النفط الخام.

وقال صندوق النقد الدولي إن الرياض بحاجة إلى النفط بسعر 80 دولاراً للبرميل لموازنة ميزانيتها لعام 2020، التي تعاني من عجز قدره 187 مليار ريال (50 مليار دولار).

ولفتت الوكالة إلى أن توقعات ساقها اقتصاديون أشارت إلى ارتفاع منتظر لعجز الموازنة السعودية من 4.7% في 2019 إلى 6.4%.

وقالت “كابيتال إيكونوميكس” في مذكرة بحثية، الثلاثاء، إن السعودية تحتاج إلى سعر نفط يبلغ نحو 85 دولارا للبرميل لموازنة عجز ميزانية الحكومة، وكان يكفي 50 دولارا فقط للبرميل لموازنة الحساب الجاري، لكن وفقا للسعر الحالي (35 دولارا للبرميل) قد يصل العجز إلى 15% من الناتج المحلي الإجمالي.

وقال محللون إنه بفضل احتياطيات النفد الأجنبي المتوفرة لديها، يمكن للسعودية أن تتعايش مع انخفاض أسعار النفط الخام إذا استمرت المواجهة مع روسيا، لكنها قد تحتاج إلى زيادة الاقتراض، بالإضافة إلى تخفيضات الإنفاق.

وحتى قبل التوجيه الأخير للحكومة السعودية بتخفيض ميزانيات هيئاتها، كانت الرياض قد خفضت الإنفاق في ميزانيتها لعام 2020، وهي استراتيجية معاكسة لثلاث سنوات من زيادة الإنفاق هدفت إلى تحفيز النمو، كما اتخذت تدابير لتضييق الفجوة بتنويع مصادر الإيرادات، مع فرض المزيد من الضرائب والشروع في إجراءات للإصلاح الاقتصادي.

وفي وقت سابق، الأربعاء، وجهت السعودية شركة “أرامكو” إلى رفع طاقة إنتاجها اليومية النفطية القصوى إلى 13 مليون برميل، بزيادة مليون برميل يوميا، دفعة واحدة، في قرار يعد تصعيدا سعوديا جديدا ضد روسيا بعد فشل اتفاق “أوبك+”.

ومن المتوقع أن تؤدي الخطوات السعودية إلى حرق أسعار النفط عالميا، وزيادة الضغط على اقتصاد المملكة، بشكل غير مسبوق، في الوقت الذي لن يعاني فيه الاقتصاد الروسي من نفس وتيرة الضغط، نظرا لاعتماده على مصادر اخرى غير إنتاج النفط، وفقا لتحليلات اقتصادية.