يزور كبار المسؤولين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي السعودية مجددًا، ويتم إبرام الصفقات التجارية، فيما يقول نشطاء حقوق الإنسان إن السعوديين أفلتوا حرفياً من القتل، فضلاً عن الانتهاكات الأخرى.

وأدى اعتقال أحد قتلة الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي، في فرنسا إلى لفت الانتباه الدولي مرة أخرى إلى جريمة القتل المروعة. لكن حتى الآن، تحاول المملكة الخروج من تلك الأزمة التي شوهت صورتها دوليًا.

ويقول موقع “دوتشه فيله” الألماني إن السلطات السعودية إلى حد ما كانت دولة منبوذة على مدى السنوات الثلاث الماضية. وأثناء حملته الانتخابية للمنصب الذي يشغله الآن، وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن المملكة على هذا النحو، فيما لم يجر بايدن محادثة شخصية مع الزعيم الفعلي للمملكة، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

لكن هذا الشهر فعل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ذلك بالضبط، ليصبح أول زعيم غربي يزور ولي العهد في الرياض.

في الوقت نفسه، سعت السعودية من خلال استضافتها لسباق سيارات فورمولا 1 في جدة ومن خلال افتتاح مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي تغيير صورتها أمام العالم، إلا أن ذلك الحدثين حظيا بمقاطعة واسعة من المهتمين بتلك الرياضة وعالم الأفلام، مذكرين بسجل المملكة السيء في حقوق الإنسان.

وتعتبر تلك الفعاليات جزء من خطة كبرى، وهي رؤية 2030، لتحديث البلاد اجتماعيُا واقتصاديُا، حيث يتم ضخ مئات الملايين في أحد أهداف رؤية 2030، وهو جلب هذه الأنواع من الأحداث وهذا النوع من الاهتمام الإيجابي إلى المملكة.

وقد انتقدت منظمات حقوق الإنسان ذلك، مدعية أنه تكتيك متعمد لصرف الانتباه عن انتهاكات حقوق الإنسان.

من جهته، يقول “إيكارت ويرتس”، رئيس معهد GIGA لدراسات الشرق الأوسط في هامبورغ، إلى أن إعادة تأهيل صورة المملكة وعودة البلاد إلى الدبلوماسية الدولية مستمران منذ فترة.

وقال ويرتس: “يبدو أن هناك وجهة نظر واسعة الانتشار مفادها أننا أظهرنا لهم الخطوط الحمراء، فعلى سبيل المثال، أنه من غير المقبول ببساطة قتل الأشخاص في قنصليتك – ولم يبدوا أنهم تجاوزوا تلك الخطوط الحمراء مجددًا.

وأشار الباحث إلى أنه من الصحيح أيضًا أنه في نفس الوقت الذي كانت العلاقات الدبلوماسية العلنية تزداد برودة، كان لا يزال هناك الكثير من الأعمال التي يتم القيام بها خلف الكواليس.

فقد استمرت مبيعات الأسلحة إلى السعودية من قبل الولايات المتحدة وفرنسا، وكانت فرنسا أكبر بائع للسعودية في عام 2020. واستؤنفت مبيعات الأسلحة من كندا وألمانيا العام الماضي.

وأشار محللون آخرون في الشرق الأوسط إلى أنه لا أحد يريد أن يبحث السعوديون عن أصدقاء جدد أيضًا، حيث أشار ستيفن كوك، كاتب العمود في مجلة فورين بوليسي، في وقت سابق من هذا العام، إلى أن “الصينيين لديهم الكثير ليقدمونه، والروس جيدون بشكل خاص في الاستفادة من التوتر بين الولايات المتحدة وشركائها التقليديين في المنطقة”.

لكن من الواضح أن أياً من هذه الحجج لا تثير إعجاب نشطاء حقوق الإنسان بشكل خاص.

وترى تلك المؤسسات الحقوقية أن القيادة السعودية تواصل محاولة التأكد من أن انتباه العالم ينصب على مواضيع مثل الصفقات التجارية والترفيه وسباق السيارات، بينما تقوم في نفس الوقت بإسكات أي أصوات معارضة.

ويتفق معظم المحللين على أنه في حين أن رؤية 2030 قد جلبت المزيد من الحريات الاجتماعية؛ فإن الحرية السياسية في المملكة قد انعدمت على أرض الواقع.

ويوافق علي الأدبيسي، مدير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ومقرها برلين، قائلاً: “الناس خائفون وبعض الذين انتقدوا السياسة الاقتصادية للبلاد منذ فترة يقبعون الآن خلف القضبان ومن الواضح أن تصرفات مثل هذه من قبل السلطات ترهب الكثير من الناس”.