عاشت المرأة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها حالة من التناقض في التعامل فتارة بالإهمال والتجاهل وأخرى بجعلها مجرد آلة للمساعدة في أعمال الرجال الشاقة كالبناء والحرث والرعي والزراعة وثالثة بمصادرة حريتها وبخس أبسط حقوقها كاختيار الزوج والعمل. ودخلت العادات المجتمعية المتوارثة من جهة مع الدين المتشدد الذي ظهر متوازيا مع تكوين الدولة السعودية من جهة أخرى ، والذي أصبح كل منهم يخدم الآخر. فالسلطة الدينية تمرر أفكارها المتشددة من خلال الحكومة. والحكومة تقيد الحريات وتكبتها وتصادر حقوق النساء بعصا الفتوى.

في هذا الوضع المزري كانت تعيش المرأة في السعودية، ولكن دخول التعليم وتأسيس المدارس ووجود وسائل الاعلام المحدود في ذلك الوقت جعل كلا السلطتين يرضخ مرغما لبعض حقوق المرأة. كحقها في التعليم والعمل المناسب وإبداء رأيها في اختيار الشريك.

 

الحكومة السعودية وملف المرأة

وبقي موضوع حقوق المرأة في السعودية ملفا أسود يطارد السعودية في كل المحافل الدولية، ووصمة عار في جبين المسئولين السعوديين. ومرت بمراحل مد وجزر في العقود الأربعة الماضية بين التضييق تارة ودعاوى الحريات المزيفة تارة أخرى،  حتى خرج مجموعة من النساء من رحم المعاناة يطالبن بالإصلاح وتمكين المرأة ومنحها حقوقها كاملة. واستخدمن في ذلك مواقع الاعلام التقليدي بداية ثم دخلن مواقع التواصل الاجتماعي بعد رواج استخدمها في مطلع القرن الحالي.

 

عهد مبس البئيس

في عام ٢٠١٥ وعندما بدأت بعض الصلاحيات تؤول لمحمد بن سلمان بتفويض مطلق من والده. بدأ يلعب على هذا الملف واطلق الوعود المعسولة وفرش الأرض وردا لكل المطالبين والمطالبات بحقوق المرأة. وفي عام ٢٠١٧ عندما تمكن من الأمور تماما بدأ بتنفيذ شيء مما وعد به وهو حق المرأة في قيادة السيارة حتى كاد الناس أن يصدقوا أنه قد جاء الوقت الحقيقي لتمكين المرأة السعودية واعطاءها كامل حقوقها. لكن هذا الحلم لم يدم طويلا حتى صفعهم الأمير الطائش بحملة مسعورة لكل النساء المطالبات بالحقوق وجميع الناشطات والحقوقيات، وزجهم في السجون ورميهم بتهم لا أساس له من الصحة وإنما لإسكات أصواتهم الحرة. بل إن المضحك المبكي أن المطالبات على مر السنين بحق المرأة في قيادة السيارة اعتقلن لأجل أنهم طالبن في يوم من الأيام بهذا الحق.

 

حقيقة تمكين المرأة السعودية

تفيد التقارير والمنظمات الحقوقية أن عهد محمد بن سلمان هو أسوأ عهد فيما يتعلق بحقوق المرأة وحريتها في السعودية ففي عهده تعرضن للاختطاف من منازلهن والاخفاء القسري واعتقلن بدون أمر قضائي وداخل السجون تعرضن لشتى أنواع التعذيب النفسي والجسدي

فهذه لجين الهذلول وهي من أشهر الحقوقيات السعوديات تعرضت للتعذيب والتحرش الجنسي والصعق الكهربائي والتهديد بالقتل وبحضور واشراف مباشر من خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع وسعود القحطاني مستشاره مبس الأقرب والمتورط في جرائم أخرى مثل اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، كما ورد ذلك على لسان شقيقتها. وقد نشرت المحامية البريطانية هلينا كنيدي تقريرا مؤلما عن تعذيب الناشطات السعوديات في السجون يؤكد ما تعرضن له من وحشية وتعذيب جسدي ونفسي كبير. وكذلك يتعرض أخريات مثل سمر بدوي ونسيمة السادة وايمان النفجان وعزيزة اليوسف وغيرهن لذات الوحشية الممنهجة وتحت نظر ابن سلمان ومسمعه من خلال أقرب الناس لدائرته.

وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن تمكين المرأة في السعودية لم يكن إلا شعارا زائفا يرفعه الأمير المراهق في وجه المنظمات الحقوقية والدول الغربية ليخفي وراءه وحشية منقطعة النظير تجاه أي صوت حقوقي وأي مطالب بالحرية.