حازم عياد – كاتب وباحث سياسي

كشفت صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية عن وساطة أمريكية يقودها الرئيس الأمريكي جو بايدن بين السعودية والكيان الصهيوني خلال زيارته كلا من الكيان الصهيوني والرياض الشهر القادم.

الوساطة الأمريكية عنوانها جزيرتا تيران وصنافر، وتغير خطة عمل المراقبين الدوليين في الجزيرتين التي أقر البرلمان المصري التنازل عنهما للسعودية، مقابل إحراز تقدم في مسار التطبيع بين السعودية والكيان الصهيوني.

فالصحفية الاسرائيلية لم تقتصر على خبر الوساطة الأمريكية التي يعتقد أنها ستكون محور زيارة بايدن للمنطقة؛ إذ كشفت عن لقاءات وزيارات مزعومة قام بها مسؤولون صهاينة الى السعودية خلال السنوات العشر الاخيرة، شملت: وزير الأمن بيني غانتس عندما كان يتولى منصب رئيس أركان الجيش، ورئيسي الموساد السابقين مئير داغان وتَمير باردو، ورئيسي مجلس الأمن القومي السابقين يوسي كوهين (الذي أصبح لاحقًا رئيسا للموساد) ومئير بن شبات، الى جانب رئيس الوزراء السابق للكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.

التسريبات الاعلامية الاسرائيلية المزعومة حول التطبيع المرتقب بين السعودية والكيان، والمترافقة مع التصعيد المصطنع إسرائيليا، دفعت كبير الباحثين بمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي العميد احتياط أودي ديكل عبر تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” الى القول: “إن الاعتراف المتبادل بين اليهود والمسلمين بالانتماء التاريخي والديني لكلا الجانبين في القدس وحرم الهيكل يجب أن يساهم في تهدئة الرياح العاصفة”.

وأضاف أودي: “ولهذه الغاية؛ من الصواب تعزيز التفاهمات بين القيادة الدينية اليهودية والقيادة الدينية الإسلامية، وحتى محاولة دمج القيادة الإسلامية من دول السلام والتطبيع في المنطقة في الخطاب”. وهنا يكمن الخطر والتهديد؛ فالكيان الصهيوني يصنع المشكلة والأزمة، ثم يقترح الحل!

حُوِّلت مسيرة الإعلام والتصعيد الصهيوني وزيارة بايدن المرتقبة إلى مناسبة لطرح ملف المسجد الأقصى كموضوع للتفاوض على الطاولة مع الدول العربية والقيادات الإسلامية، وضمن شروط المتطرفين الصهاينة وأوهامهم.

في عالم السياسية لا يوجد مصادفات او نوايا حسنة، ومن السذاجة والحمق اعتقاد ذلك؛ فكل الإشارات والتحركات والمعلومات المتدفقة يجمعها رابط وتسلسل زمني وسياق عام عنوانه القدس والتطبيع.

والاستثمار الصهيوني في الوساطة الامريكية واضح في هذه التغريدة لباحث وضابط كبير؛ إذ حدد بموجبها موضوع التفاوض، وشروط الكيان لتمرير موافقته على أيٍّ من طلبات الدول المجاورة.

فقادة الكيان لا يقدمون شيئًا بدون ثمن، فهل من الممكن ان يطرح الاحتلال ملف تيران وصنافر مقابل ملف تقاسم المسجد الاقصى في أثناء زيارة بايدن للمنطقة؟ إنه سؤال كبير وخطير.

العميد احتياط أودي ديكل دعا صراحة إلى اعتراف متبادل بين الكيان الاسرائيلي والدول العربية والاسلامية بوجود حقوق متقاسمة في “القدس وحرم الهيكل” للطرفين؛ عبارةٌ صِيغَت بدقة وعناية كبيرة إلى درجة مثيرة للريبة، فهي صياغة جاءت -على الأرجح- كنتاج لمداولات وجلسات عصف ذهني ولقاءات؛ ما يؤشر على أن هناك حوارًا ونقاشات، وجهودًا شريرة تُبذل خلف الكواليس المغلقة في البيت الأبيض، وفي غيره من الأروقة الدبلوماسية حول هذا الاعتراف والتقاسم.

لذلك؛ يُعوَّل على السعودية وقيادتها الدينية والسياسية في وضع حد لمثل هذه الترهات والأحلام الصهيونية خلال زيارة بايدن المقبلة.