بقلم/ نيبال علي

عندما يُفتح ملف العطالة أو نتحدّث عن العاطلين أو بالأصح المُعطّلين عن العمل، فإننا نتحدث عن مشكلة تتفاقم يومياً في السعودية دون أن يتم أخذها على محمل الجد من قِبَل الحكومة السعودية.

قنبلة العاطلين تشغل بال السلطة خاصة مع المشاريع الوهمية التي لا تدرّ ربحاً حقيقياً أو مردودية تذكر للمجتمع، ولا يستفيد منها إلا أصحاب الهوى في السلطة ومنهم أتباع المستشار المراهق تركي آل الشيخ الذي لا يكترث لهموم أولئك الشباب الذين يقف مستقبلهم بعد تخرجهم، إضافة إلى سلطة غير مكترثة لتزايد أعدادهم يوماً بعد يوم، خاصة وأن كرة الثلج يتعاظم حجمها وسوف تكون ذات يوم (قنبلة موقوتة) في وجه نظام يقزّم من حجم المشكلة، بينما الحقيقة التي يراها الكثير من المعطَّلين أن إنفجارها بات أقرب مما يتخيل المسؤولون.

 

جائحة التوظيف أخطر من جائحة كورونا في المملكة العربية السعودية

أصبح التوظيف في المملكة السعودية أحد المشكلات التي يعاني منها الشعب وتؤثر على حياة الأسر السعودية، فهنالك الكثير من الخريجات والخريجين والمعطّلين الراغبين في الحصول على وظيفة لإعالة أسرهم، ولكنهم لا يجدوا وظيفة مناسبة تتماشى مع مؤهلاتهم وتناسب تخصص دراستهم، أو وظيفة توفّر لهم راتب مجزي لتغطية احتياجاتهم الأساسية ونفقاتهم.

لم تعد المشكلة في الشهادات العلمية التي يحصل عليها الأفراد للحصول على وظيفة أحلامهم، فلا يجد الخريجين/ات السعوديين/ات الحاصلين على شهادات معترف بها دولياً فرصة للعمل في المملكة بالقطاع الحكومي، أما الفرص المتاحة فتكون غالبيتها في الشركات الخاصة المملوكة للأجانب الذين يحرصون كل الحرص على استبعاد المواطن السعودي أو استعباده واستنزاف طاقاته في العمل ليدرّ لشركاتهم أكبر قدر ممكن من الأرباح.

ولكن أين السلطة من كل هذا؟ كيف تتهاون الحكومة في حق المواطنين الحاصلين على شهادات علمية عالية ومن جامعات مرموقة؟

 

السعودية وكالة توظيف للشرق والغرب:

تتكفل السلطة السعودية بتعليم أبنائها وتنفق الكثير من الأموال في بعثات طلاب الجامعات للدراسة في دول أجنبية.

ولكن ما الفائدة من كل هذا؟ فإذا نظرنا بتمعّن نجد بذل الحكومة السعودية الكثير من المجهودات لإظهار عملية التوظيف في قطاعاتها المختلفة على أنها تسير بالشكل الطبيعي وفقاً للوائح والقوانين بما يكفل حق المواطن السعودي في التقدم للوظيفة المناسبة والقبول فيها، وذلك من خلال نشر إعلانات الوظائف المختلفة وترك الباب مفتوح للخريجين بالتقدم للوظائف المختلفة، ولكن هذا ظاهرياً فقط لأن الاهتمام الأول والأخير للحكومة هو توظيف الأجانب من جميع أنحاء العالم حتى وإن كانوا حاصلين على شهادات غير معترف بها ومن جامعات مغمورة، ووضع المزيد من العراقيل أمام المواطنات والمواطنين السعوديين لمنعهم من الحصول على وظائف مناسبة، على الرغم من تخرّج الكثير منهم من جامعات عالمية مرموقة وبأعلى الدرجات العلمية.

كيف تترك المملكة العربية السعودية أبنائها عاطلين عن العمل وتعمل كوكالة لتوظيف الشرق والغرب؟ تضع السلطة السعودية المزيد من الإجراءات والشروط التعسّفية أمام السعوديين للحصول على الوظائف، أبرزها: رصيد من الخبرة يمتدد لعدد من السنوات، ولكن كيف تكون لديهم الخبرة الكافية إن لم تقوموا بتوظيفهم أيها المسؤولون! ضعون مثل هذه العقبات أمام الشعب دون أن يلقوا بالاً للخريجين الجدد الراغبين في العمل وفي إفادة قطاعات الدولة المختلفة بعلمهم والانتفاع بوظيفتهم لتكون مصدراً لدخلهم وسدّ حاجتهم وعوزهم عن مد أيديهم للآخرين -مثل ظاهرة إنتشار طلبات تسديد الديون على مواقع التواصل الاجتماعي- ولا مسؤول يشعر ولا مستشار يعقل.!

 

تتفشّى ظاهرتيّ الفقر والبطالة في دولة الثروات الضخمة

على الرغم من امتلاك السعودية للكثير من الثروات الهائلة باعتبارها بلد النفط لاحتوائها على كميات كبيرة منه في أراضيها، إلا أنه لا يزال هناك عدد كبير من مواطنيها يعانون من الفقر والبطالة، وغير قادرين على كسب المال لإعالة أسرهم.

في مايو 2011 أعلن وزير الاقتصاد والتخطيط خالد القصيبي نجاح المملكة السعودية في القضاء على الفقر المدقع بشكل نهائي، ولكننا الآن وبعد مرور 10 سنين أمام سؤال مهم: هل قضت الحكومة حقيقةً على الفقر في بلادنا؟

لا تزال شريحة كبرى من الشعب السعودي تعاني الفقر الذي نمثّل البطالة  أحد أهم أسبابه، فإذا نظرنا إلى منحنى الفقر في السعودية نجده في تصاعد مستمر لارتفاع نسبة البطالة، وهو ما تعكسه وسائل التواصل الاجتماعي التي تحتوي على الكثير من مشاهد ودلائل ارتفاع الفقر، وتنقل معاناة الكثيرين في سبيل تحقيق مستوى معيشي مناسب للفرد بسبب ضعف الرواتب وعدم كفايتها لتغطية متطلبات المعيشة الأساسية لتوفير حياة كريمة للمواطنين أو عدم وجود وظائف مناسبة للخريجين.

فأين السلطة السعودية من كل هذا؟ وما هو الهدف الخفي وراء إعداد التقارير الزائفة وتزييف الحقائق على الشعب؟ وكيف تدهور بنا الحال لنصل إلى هذه النتيجة.

السلطة السعودية في ثوبها الجديد ودورها في زيادة البطالة

تحوّلت وزارة العمل في السعودية إلى وزارة تهتم بمصالح رجال الأعمال ولا تلقي بالاً لوظيفتها الأساسية المتمثلة في توظيف أبناء السعودية وتوزيعهم بين مختلف القطاعات، أما وزارة الخدمة المدنية فيجب أن نسميها وزارة (الخدعة المدنية) التي تقوم بتوظيف أجانب بشهادات مزورة، وفي ذات الوقت تقوم بعقد لجان واختبارات بهدف إعاقة المواطن السعودي من إيجاد وظيفة بأي طريقةٍ كانت.

فلماذا تتكفل الدولة بتعليم السعوديين وهي لا ترغب بتوظيفهم؟!

 

نسبة البطالة الحقيقية في المملكة السعودية

أعلنت الجهات الرسمية في المملكة العربية السعودية عن حدوث انخفاض في نسبة البطالة بين المواطنين لتصل إلى 10.5%، هنا نتساءل هل هذه النسبة صحيحة؟

وهنا كانت المفاجأة الكبرى التي أذهلت الجميع، وكشفت عن الغش والخداع الذي تمارسه الحكومة لإخفاء الحقائق، فقد أظهرت الاحصائيات الأصلية لمعدلات البطالة في المملكة السعودية أن هذه النسبة غير صحيحة وأن نسبة البطالة الفعلية 37%.