كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية واسعة الانتشار عن تفاصيل خطيرة لما وصفته بتزايد الخلافات بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ونجله وولي عهده محمد بن سلمان، الذي قالت إنه ربما خطط للانقلاب على والده البالغ من العمر 83 عاماً خلال سفره الأخير إلى مصر.

وتابعت الصحيفة في تقرير لمراسليها في واشنطن ولندن ترجمه “الخليج أونلاين” أن الملك سلمان وولي عهده اختلفا في عدد من القضايا السياسية الهامة في الأسابيع الأخيرة بما في ذلك الحرب باليمن؛ حيث تحدثت المصادر عن قلق يتنامى من خلافات بين الملك وابنه منذ حادثة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في مبنى قنصلية بلاده بإسطنبول في الثاني من أكتوبر الماضي، حيث توصلت المخابرات الأمريكية إلى أن ولي العهد هو من أمر بتنفيذ العملية.

 

تغيير حرس الملك سلمان

وزادت التوترات، بحسب مصادر مطلعة نقلت عنها الصحيفة، بين الملك وابنه بشكل كبير في أواخر فبراير الماضي، عندما زار الملك سلمان مصر، حيث تم تحذيره من قبل مستشاريه من وجود خطر محتمل وتحرك ضده.

وكشفت المصادر عن أن حاشية الملك كانت تشعر بقلق شديد من تهديد محتمل لسلطة الملك؛ ما دفع إلى تكليف فريق أمني يتألف من 30 عنصراً من الموالين للملك تم اختيارهم بعناية من وزارة الداخلية ليرافقوا الملك في رحلته إلى مصر بدلاً من فريق الحراسة السابق.

الخطوة، وفقاً لتلك المصادر، كانت استجابة سريعة عكست المخاوف من أن بعض موظفي الأمن الأصليين ربما كانوا من الموالين للأمير محمد بن سلمان، كما أن مستشاري الملك رفضوا أيضاً تعيين أفراد من الأمن المصري لحراسته أثناء وجوده في مصر.

 

محمد بن سلمان لم يستقبل والده

وبين مصدر تحدث للغارديان أن قائمة الشخصيات التي استقبلت الملك في مطار الرياض لم تكن تشمل ولي العهد، وكانت خطوة يراد منها الإشارة إلى عدم رضا الملك عن ولي العهد.

كما أشارت الصحيفة إلى أن ولي العهد محمد بن سلمان، وخلال زيارة والده لمصر للمشاركة في القمة العربية الأوروبية، وبصفته نائباً للمك؛ أعلن عن تغييرات شملت تعيين الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرة للسعودية في أمريكا، وتعيين شقيقه خالد بن سلمان نائباً لوزير الدفاع، وهو المنصب الذي يحتفظ به محمد بن سلمان.

وكشف المصدر الذي تحدث للصحيفة أن تلك التعيينات تمت من دون علم الملك؛ ممَّا أثار غضبه بسبب ما اعتقد أنه تحرك سابق لأوانه لمنح الأمير خالد دوراً أكبر.

وأوضح أحد الخبراء أنه لم يسبق أن قام نائب الملك بتوقيع مراسم، كالتي قام بها محمد بن سلمان خلال غياب والده، منذ عقود، مؤكداً أن الملك وفريقه علم بتلك التعيينات من التلفزيون.

وقالت الغارديان إن الملك سلمان سعى لإصلاح بعض الأضرار التي لحقت بالسعودية من جراء جريمة القتل التي استهدفت جمال خاشقجي، كما أن فريقه دفعه من أجل المشاركة بشكل أكبر في صنع القرار لمنع ولي العهد من الاستحواذ على مزيد من السلطات.

 

صمت سعودي رسمي على محاولة الانقلاب

وأوضحت الصحيفة البريطانية أنها طلبت تعليقاً من السفارة السعودية في واشنطن، حيث رد متحدث باسم السفارة بالقول إنه من المعتاد أن يصدر ملك السعودية أمراً يفوض سلطة إدارة شؤون الدولة إلى نائبه كلما سافر للخارج، وهو ما جرى في سفر الملك إلى مصر مؤخراً.

ورفض المتحدث الإجابة عن أسئلة حول التغييرات التي طرأت على تفاصيل الأمن السعودي الخاص بالملك خلال رحلته إلى مصر، كما لم يعلق على فصل عناصر من الأمن المصري كلفت بمرافقة الملك.

وتقول الصحيفة إن الأمير محمد بن سلمان أغضب المسلمين الشهر الماضي عندما سار على سطح الكعبة في مكة المكرمة، أقدس بقاع المسلمين، كما أن بعض رجال الدين تقدموا بشكوى للملك بسبب تصرف ولي عهده الذي اعتبروه خطوة غير مناسبة.

وبين المصدر أن الأمير والملك اختلفا أيضاً حول العديد من المسائل السياسية الخارجية المهمة بما في ذلك التعامل مع أسرى حرب اليمن، ورد السعودية على الاحتجاجات في كل من السودان والجزائر. كما اختلف مع نهج ولي عهده المتشدد لقمع الاحتجاجات في كلا البلدين، مشيرة إلى أنه “رغم أن الملك سلمان ليس مصلحاً، فإنه أيد أن تكون التغطية حيال احتجاجات الجزائر أكثر حرية في الصحف السعودية”.

وتنقل “الغارديان” عن بروس ريدل، مدير مشروع بروكينغز، قوله إن هناك إشارات خفية من القصر الملكي السعودي، ولكنها هامة وتنبئ بشيء خاطئ يجري.

ويواجه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إدانة دولية واسعة بسبب مقتل خاشقجي، رغم نفي الحكومة السعودية أي تورط له في تلك الجريمة التي قالت وكالة المخابرات الأمريكية إنه هو من أمر بها.