كشف المعارض السعودي البارز ومؤسس حركة الإصلاح الإسلامية، سعد الفقيه، عن تفاصيل جديدة حول اقتحام الحرم المكي على يد السعودي جهيمان العتيبي عام 1979، أبرزها أن الشيخ عبد العزيز بن باز، مفتي المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء السعودية حينها، طرح إجراء مفاوضات مع المقتحمين.

وأكد الفقيه أن الأمير فهد بن عبد العزيز، الذي كان ولياً للعهد السعودي في حينها، رفض اقتراح ابن باز، وأمر باقتحام الحرم واستخدام القوة لإنهاء محاصرته، وهو ما جاء بنتائج سلبية.

ولفت إلى أن ابن باز وعددا كبيرا من المشايخ في السعودية قدموا فكرة المفاوضات عن طريق مناظرة ابن عباس مع الخوارج، بمعنى لو قبلوا التفاوض يتم إنهاء القضية وإن لم يقبلوا يتم قتالهم، ولكن لم يتم قبولها من قبل السعودية خوفاً من الإحراج.

ووصف”الفقيه” الطريقة التي استخدمتها القوات السعودية في محاولة فك الحصار عن الحرم المكي، بـ”الغبية”، وتعكس انعدام التجربة والخبرة الأجهزة الأمنية في المملكة في التعامل مع ذلك الحدث.

وقال الفقيه: إن “جماعة جهيمان لم يكن لديهم رهائن بالمطلق كما روجت السعودية على مدار السنوات الماضية للناس وزورت التاريخ، فهذه الجماعة فتحت أبواب الحرم أمام جميع المصلين وطالبتهم بالخروج بخلاف مزاعم آل سعود”.

وأضاف: “لم يكن هناك أي مبرر لقتالهم ومواجتهم بهذه الطريقة، وعدم تنظيف الحرم منهم بشكل مبكر”.

وبين أن السلطات السعودية تغضب دائماً وتشعر بالحرج الشديد، حينما يتم الحديث عن استخدام القوات الفرنسية في إنهاء محاصرة الحرم من قبل جهيمان والمسلحين الذين كانوا معه، وتعمل على إنكار هذه الرواية.

وأشار إلى أن القوات الفرنسية وصلت إلى أماكن قريبة من الحرم المكي، ولولا تدخلها لما تم القضاء واعتقال جهيمان والمسلحين الذين معه.

وذكر أن السلطات السعودية دائماً تحاول إنكار رواية استخدامها للقوات الفرنسية في تحرير الحرم، مع محاولة القول إن الأداء السعودي كان ناجحاً جداً، في حين الأمر كان مختلفاً.

 

إرهاصات وأسباب

وظهرت بعض الإرهاصات قبل حدوث حادثة جهيمان وفق الفقيه “أبرزها سماح الأمير فهد بشيء من التفسخ والعري عبر نشرها في التلفزيون والصحف والمجلات والكثير من المظاهر التي لم تكن لائقة، والتغاضي عن بعض النوادي الرياضية التي وصل الحال بها إلى عرض أفلام إباحية، وهو ما تسبب بردة فعل قوية عند كثير من المتدنيين”.

ولفت إلى أن عناصر جهيمان تدربوا على إطلاق النار في المزارع وبعضهم عناصر من الأجهزة الأمنية، ولم يكن في حينها أي مراقبة من قبل السلطات السعودية، ولم يخطر في بالهم حدوث الأمر داخل الحرم.

وبين أن فواز بن عبد العزيز أمير مكة في ذلك الوقت، قام بإرسال القوات الأمنية إلى منطقة الحرم، ولكن حدث ارتباك أمني بسبب تعرض القوات للقتل، ثم قرر إنزال مظليين عليهم ولكن تم قتلهم جميعهم تزامناً مع اقتحام للحرم، وجميع تلك المحاولات فشلت.

وذكر أن القوات الفرنسية هي التي أنهت حصار الحرم بعد رمي قنابل غاز داخل المناطق المتواجدين فيها بعد أسبوعين.

وحول ما ستعرضه قناة الجزيرة، ضمن برنامجها  “ما خفي أعظم”، والذي يتناول في تحقيقه الجديد قصة اقتحام الحرم المكي بعنوان “جهيمان.. الرواية الأخرى”، رأى الفقيه أنه أحدث غضباً لدى السعوديين قبل عرضه خاصة بعد فشل الوساطة مع قطر.

وأشار إلى أن أسباب فشل المحادثات القطرية السعودية هو اشتراط الرياض دخول الإمارات في المحادثات وهو ما رفضته قطر.

وتعود قضية جهيمان العتيبي إلى فجر الأول من محرم 1400 هجري، الموافق 20 نوفمبر 1979، حين استولى أكثر من 200 مسلح على الحرم المكي، مدَّعين ظهور المهدي المنتظر، وذلك إبان عهد الملك خالد بن عبد العزيز.

الحادثة هزَّت العالَم الإسلامي برمَّته؛ فمن حيث موعدها وقعت مع فجر أول يوم في القرن الهجري الجديد، ومن حيث عنفها تسببت في سفك الدماء بباحة الحرم المكي، وأودت بحياة بعض رجال الأمن وكثير من المسلحين المتحصنين داخل الحرم، وحرَّكت الحادثة بسرعةٍ مشاعر كثير من المسلمين، وندد بها جميع المسلمين في العالم، وأنكروها.

وانتهت العملية في 4 ديسمبر 1979، بعد أن تدخلت القوات الفرنسية والسعودية ودخلت إلى المسجد الحرام، لتقضي على المسلحين المتحصنين بداخله، وتعتقل من تبقَّى منهم، ومن بينهم جهيمان، الذي أُعدم في 9 يناير من عام 1980، في حين قُتل خلال العملية محمد عبد الله القحطاني القحطاني، الذي طالب بمبايعته  خليفة للمسلمين، وإماماً على أنه المهدي المنتظر”.