أعاد بث فيلم وثائقي أميركي جديد يحمل اسم “المنشق”، الحديث عن انتهاكات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لا سيما في قضيتي اغتيال الصحفي جمال خاشقي، وسجن شقيقي الناشط المعارض عمر بن عبد العزيز في المملكة بلا جريمة.

وظهر مقطع صوتي لشقيق الناشط السعودي في الفيلم، الذي تدور أحداثه حول اغتيال خاشقي داخل قنصلية بلاده بإسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018.

وربط ناشطون بين ما جاء في فيلم “المنشق” من رصد لسياسات النظام السعودي المناهضة للناشطين والمعارضين واغتياله لخاشقجي، وبين اعتقال النظام للمعارضين وقمعهم وابتزازهم والضغط عليهم عن طريق اعتقال ذويهم والتنكيل بهم.

المقطع الصوتي الذي ظهر في الفيلم الوثائقي يظهر فيه صوت أحمد شقيق عمر وهو يرجو أخاه أن يعود إلى المملكة ويتوقف عن معارضة النظام السعودي، شاكيا الألم الذي يعانيه نتيجة التعذيب القاسي الذي تعرض له هو وشقيقه عبدالمجيد.

 

شقيقا عمر

وأعرب ناشطون عبر تغريداتهم على تويتر ومشاركتهم في وسمي “#المنشق” و”#الحرية_لأحمد_عبدالعزيز”، عن تضامنهم مع عمر وشقيقيه، مطالبين بالإفراج الفوري عنهما دون قيد أو شرط مسبق، وإسقاط النظام السعودي الذي وصفوه بأنه قمعي ومجرم.

وكانت السلطات السعودية قد اعتقلت اثنين من أشقاء “عمر”، وهما (أحمد وعبدالمجيد) وعدداً من أصدقائه في أغسطس/آب 2018، وهددت أسرته بسبب تغريداته عن الأزمة الدبلوماسية مع كندا، وذلك بحسب ما أكده “عمر” في تغريدة له على تويتر-.

واستبق الأحداث عمر، الذي حصل على حق اللجوء السياسي في كندا قبل سنوات، كاشفا عن اقتحام السلطات منزل شقيقه وطلبها منه أن يقنعه بالتوقف عن التغريد حول الأزمة الدبلوماسية بين كندا والسعودية، وتهديده بـ”إرساله إلى السجن” وهو ما حدث.

وسبق أيضا أن كشف “عمر” أن شقيقه أحمد قدم إلى كندا برفقة شخصين وفاوضاه على العودة، ونقلا له رسالة من ابن سلمان، يعطيه فيها الأمان حال عودته للبلاد.

الخلاف الدبلوماسي بين أوتاوا والرياض وقع في بداية أغسطس/آب 2018، عقب انتقاد كندا لاعتقال ناشطي مجتمع مدني في السعودية وحثها على الإفراج عنهم فورا، وهو ما اعتبرته الرياض تدخلا سافرا في شؤون المملكة.

وطردت السعودية على أثره السفير الكندي لديها، واستدعت سفيرها لدى أوتاوا، وجمدت علاقاتها التجارية مع كندا، وطالبت نحو 7 آلاف طالب سعودي بمغادرة كندا قبل 4 أسابيع فقط من بدء العام الدراسي الجديد.

 

انتهاكات ابن سلمان

الفيلم الوثائقي أعاد تسليط الضوء على انتهاكات ولي العهد السعودي المستمرة، وأعاد أصداء جريمة قتل خاشقجي، خاصة بعدما دعت المرشحة الأميركية السابقة لمنصب الرئاسة هيلاري كيلتون، لمشاهدته، محملة الحكومة السعودية مسؤولية اغتيال خاشقجي.

وأكدت كلينتون لمتابعيها أن الفيلم الوثائقي الذي بدأ عرضه في جميع أنحاء الولايات المتحدة تزامنا مع رأس السنة، “قوي بشكل لا يصدق”، متمنية أن يشاهدوه.

وهاجم ناشطون ولي العهد السعودي واتهموه بالإجرام والتنكيل بذوي المعارضين. وكانت صحف أجنبية قد ألقت الضوء على الوسائل المختلفة التي يتبعها النظام السعودي لإسكات المعارضين، وفي مقدمتها الاغتيال كما حدث مع خاشقجي.

وبعدما توجه الأكاديميين والناشطين المعارضين للخارج وأسسوا أحزاب وتيارات معارضة للنظام، لجأت السلطات لابتزازهم واستخدام ذويهم كورقة ضغط سياسية عليهم بداية من منعهم من السفر والتضيق عليهم وتتبع تحركاتهم وصولاً إلى اعتقالهم.

ونشر المعارض عبدالعزيز الحضيف المقطع الصوتي الذي جاء في فيلم المنشق ويظهر فيه توسل شقيق عمر له للتوقف، قائلاً إن التسجيل آلمه كثيراً، ولفت إلى أن إخوة عمر المعتقلين تم تعذيبهم وصعقهم بالكهرباء وكسروا أسنان عبدالمجيد.

وأشارت المستشارة الأسرية الدكتورة جوري، إلى أن السبب الوحيد لاعتقال الشاب أحمد بن عبدالعزيز وأخيه عبدالمجيد منذ 2018، أنهم إخوة أشقاء للمعارض عمر بن عبدالعزيز، قائلة: “لا تلوموا أحدًا يقول أن الحكومة السعودية حكومة قمعية ظالمة فاسدة، ولا رجاء بإصلاحها إلا باسقاط النظام”.

وأوضح صاحب حساب “طالب الحرية” أن “ابن سلمان” أمر باعتقال أخوة عمر وتعذيبهم للضغط على أخيهم حتى يتوقف عن معارضته ويتراجع عن مواقفه ويعود إلى المملكة ويُلْقى في السجن أو يَلْقى حتفه.

وتساءل آخر عن طبيعة النظام السعودي قائلا: “هل هذه حكومة أم عصابة؟”.

 

تنديد وتضامن

وأعرب ناشطون عن تعاطفهم مع إخوة عمر، وتساءلوا عن ذنبهم في أن يتعرضوا لهذا الكم من القمع والتنكيل، منددين بسياسة “ابن سلمان”.

وأوضح المعارض ماجد الأسمري، أن الشعب السعودي رهينة عصابة مافيا تحرمه خياره في المعتقلات أو المنافي ولا تتورع عن اعتقال النساء مثل عائدة الغامدي لنشاط ابنها الإصلاحي عبدالله الغامدي، وأخوة وأصدقاء عمر عبد العزيز لآراءه، مضيفاً: “أضعف الإيمان أن تكرهوا هذا الظلم بقلوبكم”.

ورأى مغرد آخر أن المقطع الصوتي لشقيق عمر يدين الندل العالمي “محمد بن سلمان” الذي يبني نيوم كلها على رفات أبناء السعودية ودمائهم، وفق تعبيره.

وطالب ناشطون بالحرية لأشقاء عمر ولكل المعتقلين في سجون السعودية ومحاكمة النظام محاكمة علنية، مستنكرين تعرضهم للتعذيب والاعتقال لمجرد أن شقيقهم له رأي مخالف عن رأي “ابن سلمان”.

وأوضحوا أن الواقع يؤكد أن “ابن سلمان” لم يترك أحدا معارضاً لسياسته إلا ونكل به، حتى أفراد الأسرة المالكة وكبار رجال الدولة، ورجال الدين، والأكاديمين، والسياسيين، الرجال منهم والنساء، متجاهلاً إدانات المنظمات الحقوقية الدولية.