شيئاً فشيئاً تظهر مؤشرات فشل رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالكثير من المجالات التي تستهدفها، وكان آخرها انسحاب شركة روسية من مشروع ضخم للتنقيب عن الغاز في السعودية لعدم جدواه اقتصادياً.

ويعد انسحاب شركة “لوك أويل” الروسية المختصة في استخراج وإنتاج ونقل وبيع النفط والغاز الطبيعي، ضربة قوية لطموحات بن سلمان الاقتصادية في هذا المجال، وتقضي على خطته في تصدير الغاز الطبيعي إلى دول العالم بحلول عام 2030، كما أعلن مسبقاً في أكثر من مناسبة.

الشركة الروسية عزت خروجها من مشاريع التنقيب عن الغاز في السعودية والتي دخلت به بشراكة مع عملاق النفط السعودي “أرامكو” في 2014، إلى عدم توفير سلطات المملكة الظروف لجعل المشروع مجدياً اقتصادياً.

ووقعت الاتفاقية للتنقيب عن الغاز الصخري ذي الجودة الاقتصادية بعد فشل عدة شركات عالمية في الوصول إلى ذلك الغاز الذي يحتاج إلى إمكانيات مالية كبيرة.

كذلك، أبرمت أرامكو اتفاقيات في 2017 مع شركات روسية بينها “غازبروم” و”غازبروم نفت ” و”سايبور” و “ليتاسكو”، وجميعها تابعة لـ”لوك أويل”، على هامش زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو، بهدف التنقيب عن الغاز الصخري.

وقبل الانسحاب، نقلت الشركة الروسية حصتها البالغة 80% من المشروع إلى شركة ​”أرامكو​”، لتنهي كل ما لديها في السعودية مقابل خروجها بشكل كامل منها.

 

مشروع لم يكتمل

ويعتقد أن المشروع السعودي للتنقيب عن الغاز الذي انسحبت منه الشركة الروسية، هو ما أعلنت عنه أرامكو في مايو 2014، والهادف لاستخراج الغاز الصخري في عدة مناطق بالمملكة.

ويتضمن المشروع، الذي لم يكتمل، منشآت لمعالجة الغاز ورؤوس آبار وخطوط أنابيب في محافظة طريف ستغذي مشرع “وعد الشمال” لتعدين الفوسفات في المنطقة.

واتجهت المملكة إلى التنقيب كذلك في حقول المنطقة الشرقية، وإجراء دراسات زلزالية في بعض أجزاء البحر الأحمر، حيث يعتقد البعض بوجود رواسب غاز طبيعي كبيرة.

وتقدر وزارة النفط السعودية احتياطات المملكة من الغاز الصخري بنحو 600 تريليون قدم مكعبة، بما يعادل ضعف الاحتياطات المقدرة للغاز التقليدي.

ويعود توجه السعودية إلى الغاز الصخري رغم امتلاكها كميات كبيرة من الغاز التقليدي، إلى جودته، وكمياته الكبيرة، إضافة إلى أن الغاز التقليدي حر مصاحب للنفط، أما الصخري فغير مصاحب للنفط في المكامن والآبار.

 

لماذا الفشل؟

وهناك عدة أسباب وراء فشل السلطات السعودية في التنقيب عن الغاز الطبيعي، هو ارتفاع تكلفة تقنية الحفر، وشح المياه في المملكة، لكون تلك الآبار تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه لتكسير الصخور والوصول إلى الغاز.

وتجعل تلك الأسباب من استخراج الغاز الصخري في السعودية أمراً مستحيلاً، خاصةً مع حديث للمدير العام للموارد غير التقليدية في شركة أرامكو السعودية، خالد العبد القادر، نشر في 13 مارس 2018، أكد فيه أن كميات الإنتاج من الغاز الطبيعي يجب أن تكون عالية حتى تكون تجارية.

واعتمدت أرامكو على تقنيات كثيرة لإيجاد حلول لضخ أشياء أخرى غير الماء لتكسير الصخور، مثل ثاني أكسيد الكربون، لكنها فشلت ولم تعطِ أي نتائج إيجابية.

 

ليس الانسحاب الأول

وأخفقت شركات نفطية عالمية أقامت مشروعات مشتركة مع أرامكو في اكتشاف مكامن للغاز الصخري ذات جدوى اقتصادية للسعودية، كما أحجم آخرون عن التنقيب؛ لكن “لوك أويل” الروسية أبدت استعدادها للمشاركة، وفق تقرير نشر في وكالة “رويترز” في 15 مايو 2015.

وتعد شركة “شل” أولى الشركات التي انسحبت من مشروع مشترك مع الحكومة السعودية للتنقيب عن الغاز الصخري؛ بسبب خلاف على الشروط مع السلطات السعودية.

وبعد انسحاب شركة “شل” من المشروع بدأت الشركة الروسية بحفر  أول بئر في الربع الأول من عام 2015، ثم الثاني خلال النصف الثاني من العام نفسه، لكن الشركة الروسية تراجعت محملةً المسؤولية للسلطات السعودية في فشل استخراج الغاز الصخري.

وقبل هذه التحركات، أعلن وزير الطاقة والثروة المعدنية السعودي السابق، خالد الفالح، في مارس 2019، اكتشاف كميات كبيرة من الغاز في البحر الأحمر، مع وجود نية لشركة أرامكو تكثيف أعمالها في المنطقة.

ولم يرَ السعوديون بعد إعلان الفالح أي كميات من الغاز تخرج من البحر، وهو ما عزاه الوزير إلى التكلفة العالية في عمليات الإنتاج؛ نظراً لوجوده في مناطق عميقة في قاع البحر ما بين عمق 1200- 1500 متر.