واجهت السعودية انتقادات واسعة وحادة خلال عام 2021 على خلفية ما يرتكبه نظام آل سعود من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

ورصد تقرير حقوقي صادر عن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أنه إلى جانب الانتقادات من قبل آليات الأمم المتحدة وخاصة مجلس حقوق الإنسان والمقررين الخاصين، انتقدت الدول انتهاكات السعودية وطالبتها بالالتزام بتعهداتها.

 

الأمم المتحدة وآلياتها:

في 28 يناير 2021، أرسل عدد من المقررين الخاصين للأمم المتحدة رسالة إلى السعودية حول الوضع الحالي للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في مراكز احتجاز مكتظة لفترات طويلة وغير محددة. وأشار المقررون إلى الحالة الرهيبة لمراكز الاحتجاز.

في فبراير 2021 أرسل المقررون الخاصون التابعون للأمم المتحدة رسالة إلى الحكومة السعودية، اعترضوا فيها على حكم الإعدام الذي أصدرته السعودية بحق القاصر عبد الله الحويطي وطالبوا بتعليقه بوصفه حكما تعسفيا.

وقالت الرسالة إن الحويطي يواجه حكم الإعدام الوشيك، بعد أن قبض عليه بشكل تعسفي وتعرض لمحاكمة غير عادلة، بجريمة يزعم أنها حصلت حين كان يبلغ من العمر 14 عاما.

في فبراير 2021 قدمت المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان ماري لولور تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان في الدورة 46. المقررة أشارت إلى أن السعودية مع 65 دولة أخرى أقدمت على قتل مدافعين عن حقوق الإنسان خلال الفترة من العام 2015 إلى 2019.

ولحظ التقرير أن حكومات عديدة لا تفي بالتزاماتها بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان من الاعتداءات والأفعال التي تؤدي إلى القتل.

في فبراير 2021 نشر المقررون الخاصون رسالة كانوا قد أرسلوها إلى الحكومة السعودية حول قضية القتل التعسفي للمواطن عبد الرحيم الحويطي.

والرسالة أشارت إلى أن الحويطي قتل في 13 أبريل 2020 في سياق تنفيذ عمليات إخلاء في قرية الخريبة كجزء من مشروع نيوم، حيث أبلغت إمارة تبوك سكان قرية الخريبة أنها ستخضع إلى الإخلاء الإجباري حيث تم الاستيلاء على الأرض لصالح مشروع نيوم الذي يهدف إلى بناء مدينة جديدة في تبوك.

في مارس 2021 اعتبر خبراء في الأمم المتحدة أن السعودية لا زالت تنتهك القانون الدولي في أحكام الإعدام التي تنفذها رغم القرارات الأخيرة.

وفي بيان صدر في 3 مارس 2021 حث الخبراء السعودية على إلغاء الأحكام الصادرة بحق 3 أفراد والإفراج عنهم وبذلك بعد قرار تخفيف أحكام الإعدام الصادرة بحقهم في جرائم يزعم أنهم ارتكبوها عندما كان عمرهم أقل من 18.

في مارس 2021 اعتبر خبراء في حقوق الإنسان تابعون للأمم المتحدة، أن عقوبة الإعدام التي صدرت بحق الشاب علي حسن آل ربيع، في حال نفذت تشكل قتلا تعسفيا تتحمل مسؤوليته الدولة.

في مارس 2021 نشر الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي رأيا اعتبر فيه أن تهديد حياة القاصر محمد عصام الفرج بالإعدام “أمر لا يغتفر” مطالبا السعودية بالإفراج الفوري عنه والتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها.

واعتبر الرأي أن السعودية تمارس انتهاكات واعتقالات تعسفية قد ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية.

في يونيو 2021 عبر مجموعة من المقررين الخاصين التابعين للأمم المتحدة، عن “قلقهم العميق”، من أوضاع العمال المهاجرين في السعودية.

وأبرزت الرسالة أن عددا من العمال المهاجرين يعيشون في ظروف من العبودية وإساءة المعاملة في العصر الحديث، وأن فمعاملة العمال المهاجرين في السعودية، ترقى إلى مرتبة انتهاكات في حقوق الإنسان وتضع المهاجرين “تحت رحمة أصحاب العمل”.

في يونيو 2021 راسل المقررون الخاصون السعودية بشأن الحكم بالإعدام بحق مصطفى الدرويش بسبب جرائم بينها ما يتعلق بالتظاهر، والتي حدث العديد منها عندما كان قاصرا.

وأشارت الرسالة إلى الانتهاكات المتعددة التي انطوت عليها القضية.

في يونيو 2021 نشرت رسالة كان قد أرسلها مقررون خاصون تابعون للأمم المتحدة إلى السعودية وأبدوا فيها مخاوفهم بشأن تسليم المغرب أسامة عباس طلال المحروقي الحسني إلى السعودية على الرغم من التدابير التي أمرت بها لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.

في سبتمبر 2021 أكد الأمين العام للأمم المتحدة في التقرير السنوي لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن السعودية لا زالت تمارس أعمال تخويف وانتقام ضد الأفراد الذين يسعون إلى التعاون أو التعاون مع الأمم المتحدة وممثليها وآلياتها في مجال حقوق الإنسان.

في 7 سبتمبر 2021 نشر خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة رسالة انتقدت بشدة السعودية على خلفية إعدامها مصطفى الدرويش في يونيو.

وكان الخبراء، بمن فيهم المقرر الخاص المعني بعمليات الإعدام، قد أعربوا عن قلقهم العميق من عدم الرد على البلاغات السابقة المتعلقة بقضية الدرويش، ومن أن السعودية نفذت حكم الإعدام بحق الدرويش على الرغم من مخاوف الأمم المتحدة الشديدة من خضوعه لمحاكمة غير عادلة.

في سبتمبر 2021 أكد تقرير للأمانة العامة للأمم المتحدة حول مسألة عقوبة الإعدام، أن السعودية ودول أخرى، لا زالت تنتهك المعايير والقوانين الدولية في تنفيذها لعقوبة الإعدام.

وركّز التقرير على موضوع النتائج المترتبة على انعدام الشفافية في تطبيق وفرض عقوبة الإعدام على التمتع بحقوق الإنسان.

في نوفمبر 2021 نشر المقررون الخاصون التابعون للأمم المتحدة رسالة طالبوا السعودية بعدم إعدام المعتقلين محمد الشاخوري وأسعد شبر.

كما أكدوا أن عدم احترام معايير الإجراءات والمحاكمات العادلة يشكل قتلًا تعسفيًا تتحمل الدولة مسؤوليته.

 

المواقف الدولية:

في فبراير 2021 أبدى الاتحاد الأوروبي قلقه من تضييق السعودية على الحقوق المدنية والسياسية. واعتبرت الكلمة أن هذا القلق يعززه استمرار استخدام قانون الإرهاب لملاحقة المدنيين والنشطاء.

في فبراير 2021 قالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليت أن السعودية لا زالت تحتجز أفرادا بشكل غير قانوني، وحثتها على دعم حرية التعبير والحق في التجمع السلمي.

في مارس 2021 دعا 160 برلمانيا أوروبيا في بيان السعودية، إلى إنهاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة وإلغاء نظام الكفالة والإفراج الفوري وغير المشروط عن كافة المدافعات عن حقوق الإنسان المعتقلات بسبب نشاطهن السلمي في مجال حقوق الإنسان وإسقاط التهم عنهن.

في مارس 2021 نددت لوكسمبورغ، بلجيكا وهولندا بالأعمال الانتقامية والترهيبية التي لا زالت الدول تمارسها بحق المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان على خلفية تعاونهم مع الأمم المتحدة.

في مارس 2021 أبدت الدنمارك قلقها من استمرار السعودية في مقاضاة نشطاء المجتمع المدني واشارت إلى أنها تلاحظ بقلق استخدام التعذيب.

وفي مارس 2021 دعت النرويج السعودية إلى حماية حقوق الإنسان واتخاذ تدابير من أجل ضمان الشفافية وسيادة القانون واستقلال القضاء.

كما دعت السويد السعودية إلى إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، وقالت إنه على الرغم من الخطوات الأخيرة لا زالت تشعر بالقلق إزاء استخدام تشريعات الإرهاب ضد الممارسات السلمية.

وفي 8 يوليو 2021، تبنّى البرلمان الأوروبي قراراً يدين انتهاكات السعودية في ملف حقوق الإنسان. القرار أدان استمرار السعودية بإعدام القاصرين وبالإعدامات التعسفية، ودعا أعضاء البرلمان، الاتحاد الأوروبي بكافة أجهزته إلى التحرك، كما دعوا مجلس حقوق الإنسان إلى تعيين مقرر خاص للنظر في حقوق الإنسان في السعودية.

وفي سبتمبر 2021 قالت الدنمارك أن التطبيق هو الأهم فيما يتعلق بوعود الإصلاحات التي قدمتها السعودية، وأنها لا زالت قلقة من ملاحقة السعودية لنشطاء المجتمع المدني.

كما شهد سبتمبر 2021 دعوة السويد السعودية إلى منح الأفراد حقهم في حرية الرأي والتعبير وخاصة المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان وأبدت قلقها من استخدام قانون الإرهاب ضدهم.

كذلك انتقدت النرويج انتهاكات السعودية المستمرة لحقوق الإنسان ودعتها إلى احترام كافة الحقوق وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان واتخاذ إصلاحات لضمان استقلالية القضاء.

ومنذ تسلم الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم عام 2015، تبذل السعودية جهداً وأموالاً، وتدير حملات تبييض عالمية لتغيير الصورة القاتمة لها.

وتحاول السعودية من خلال هذه الحملات جذب أنظار العالم، باستضافة المؤثرين فيه، وتطلق الوعود والتصريحات، لبعث رسالة أن البلاد الوحيدة التي كانت تمنع النساء من القيادة، تغيّرت.

واعتبرت المنظمة الأوروبية السعودية أن الأرقام والوقائع التي سجلت في 2021، أكدت أن حملات التبييض ترافقت في الداخل، مع الضرب بيد من حديد على المجتمع المدني ونشطاؤه، وانتهاك للحقوق، واستمرار في الإعدام والقمع، وزيادة فرض الصمت على كل من يحاول الانتقاد أو الحديث عن الحقائق.

وبالتالي لم تنعكس هذه الحملات على حياة الأفراد في السعودية، بل إنها في كثير من الأحيان، زادت حدة الانتهاكات بحقهم.

وتشير المنظمة إلى أن مسار الأحداث المتعلقة بحقوق الإنسان في السعودية وخاصة في 2021، يبين أن المزاجية السياسية هي ما يتحكم بالوعود والتصريحات، وبالتالي لا يمكن التعويل عليها.

وتعتبر المنظمة أن التغير في مسار بعض القضايا، وأي نتائج إيجابية في ملف حقوق الإنسان، هي تراكم لعدة عوامل بعيدة عن الوعود السياسية، أبرزها النضال الشعبي.