قال الكاتب والباحث في العلاقات الدولية د. وليد شرارة: إن ولي العهد محمد بن سلمان حليف «مزعج» و«محرج» لإدارة جو بايدن، من دون أدنى شكّ.

وقال شرارة، في مقاله، إن الرئيس الأميركي الحالي لم يذهب إلى شخصنة الهجوم على وليّ عهد السعودية وحاكمها الفعلي، كما فعل مع نظيره الروسي عندما وصفه بـ«القاتل».

واستدرك: لكن خيبة الأمل الأولى أتت عندما لم يؤدّ اتّهام الاستخبارات الأميركية، بن سلمان، بالمسؤولية المباشرة عن عملية القتل الوحشية لجمال خاشقجي.

وتعاظمت الخيبة مع توارد المعطيات عن تورّط أميركي كبير في إدارة الحرب على اليمن في الأسابيع الأخيرة، وتشدّد مفاجىء في الموقف حيال «أنصار الله»، رغم رفع الإدارة الجديدة اسم الحركة من قائمة المنظّمات الإرهابية.

وأكد شرارة أن هذه المعطيات تتعارض مع التوقّعات التي سادت سابقاً حول دفْع أميركي لإنهاء حرب اليمن بسرعة، والتجاوب مع المطالب الإنسانية لليمنيين ونبذ الحليف المزعج.

بحسب التقرير الأخير لـ«معهد استوكهولم الدولي لدراسات السلم»، الصادر في 15 آذار من هذا العام، فإن الولايات المتحدة ما زالت تتصدّر قائمة الدول المُصدّرة للسلاح، مع 37% من مجمل الصادرات الدولية.

وأشار الكاتب اللبناني إلى أن السعودية منذ عقود بين أبرز مستوردي السلاح الأميركي، وهي، وفقاً للتقرير نفسه، كانت وجهته الأولى بين 2016 و2020، مع 24% من مجمل الصادرات الأميركية خلال هذه الفترة.

قد يعزو البعض «القفزة النوعية» في المشتريات السعودية، إلى الرغبة، خلال عهد دونالد ترامب، في تعزيز أواصر «الصداقة» معه، لكن الشركات الأميركية المنتِجة لهذه الأسلحة ليست مُلكاً لترامب.

هي أهمّ مكوّنات كارتيل السلاح، الذي يشكّل مع المؤسسة العسكرية الأميركية ما يُسمّى بـ«المجمّع الصناعي – العسكري»، أحد الأنوية المركزية للدولة العميقة.

يمتلك الكارتيل صلات عضوية بالحزبين الديموقراطي والجمهوري، وبأقطاب في إدارة بايدن.

وقال شرارة إن صناعات السلاح هي من أهمّ قطاعات الاقتصاد الأميركي، وتداخل مصالح أقطاب وأعضاء المؤسّسات الرسمية مع شركات المجمّع الصناعي – العسكري والروابط التاريخية المتينة بين هذا الأخير وحكّام السعودية، أحد أفضل زبائنه.

هي جميعها عوامل بنيوية حاسمة تدخل في حسابات أيّ إدارة أميركية، فكيف إذا كانت لبعض رموزها صلات وطيدة مع هذا المجمّع.

وقال الباحث في العلاقات الدولية: صحيح أن الحُكم السعودي أضعف تجاه واشنطن من روسيا والصين.

لكن الضغط عليه ومحاولة تهميش رأس المجموعة الانقلابية التي تتحكّم به اليوم، قد تدفع الأمير الجامح إلى توثيق الشراكات مع منافسيها الدوليين في موسكو وبكين، والذين يتمنّون ذلك.

 

صعوبة الانقلاب

وتطرق إلى انقلاب محمد بن سلمان الذي تمكّن من خلاله من إزاحة جميع منافسيه من أمراء آل سعود، وتغيير طبيعة حُكمهم، من نظام «متعدّد الأقطاب» ومراكز القوى، إلى نظام مركزي هرمي يُحكم قبضته الحديدية عليه.

وأضاف أن جميع سياسات بن سلمان العدوانية الهوجاء، كالحرب على اليمن، والتصعيد ضدّ دول الجوار في الإقليم، هدفت أوّلاً إلى اكتساب شرعية وطنية في الداخل تمهيداً للانقضاض على السلطة كما فعل، ومن ثمّ الاستئثار بها تماماً.

سياساته «الانفتاحية» في الداخل، ومشاريعه «الفرعونية» كمشروع «نيوم» مثلاً، تندرج في الإطار نفسه أيضاً، أي توسيع قاعدته الموالية داخلياً.

وختم الكاتب شرارة: لذا، من المرجّح أن تستمرّ واشنطن في التعامل مع بن سلمان الحليف «المزعج»، طبقاً لقاعدتها التاريخية المعروفة في علاقاتها مع حلفائها ولا سيما المزعجين في بلدان الجنوب: «هؤلاء أوغاد! لكنهم أوغادنا».