MBS metoo

بالمال والحج.. هكذا أوقف النظام السعودي تحقيقا أمميا في جرائمه بحرب اليمن

كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن النظام السعودي استغل ورقتي التحفيز بالمال والتهديد بمنع الحج في إجبار عدة دول مثل توغو وإندونيسيا، للتصويت ضد تحقيق للأمم المتحدة في انتهاكات حقوق الإنسان بحرب اليمن.

وأوضحت الصحيفة في تقرير استندت فيه إلى مصادر مطلعة، لم تكشف عنها، أن السعودية نجحت في حملة الضغط هذه، عندما صوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2021، ضد تمديد عمل الفريق المستقل للتحقيق في جرائم الحرب باليمن.

واعتبرت أن التصويت هو أول هزيمة لقرار في عمر المجلس الذي أنشئ قبل 15 عاما ويتخذ من مدينة جنيف السويسرية مقرا له.

وفي سبتمبر/أيلول 2017، شكل مجلس حقوق الإنسان فريقا من خبراء بارزين للتحقيق في انتهاكات للقانون الدولي يرتكبها أطراف الصراع في اليمن، وتحديد المسؤولين.

 

تهديد وتحفيز

وقالت الصحيفة إنه في إطار هذه الحملة حذرت السعودية إندونيسيا، وهي أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، من أنها ستخلق عقبات أمام قدوم الإندونيسيين إلى مكة من أجل الحج إذا لم تصوت ضد قرار 7 أكتوبر.

كما أعلنت دولة توغو قبل التصويت أنها ستفتح سفارة جديدة في الرياض، وستتلقى دعما ماليا من السعودية لدعم أنشطة مكافحة الإرهاب.

وصوت مجلس حقوق الإنسان، ضد مشروع القرار الذي قدمته هولندا، ويدعو لتمديد تفويض الفريق الدولي المعني بالتحقيق في جرائم محتملة باليمن، لمدة عامين إضافيين.

وحصل مشروع القرار على موافقة 18 دولة مقابل اعتراض 21 دولة خلال اجتماع للمجلس في جنيف.

ولفتت “الغارديان” أن كلا من إندونيسيا وتوغو امتنعتا عن التصويت على قرار المجلس حول اليمن في عام 2020. لكن هذا العام، صوت كلاهما ضد هذا الإجراء.

ونقلت عن مسؤول مطلع لم تسمه قوله إن “هذا النوع من التأرجح- من 12 صوتا إلى 21- لا يمكن أن يحدث دون أي تدخل”.

من جانبه، قال جون فيشر، مدير منظمة “هيومن رايتس ووتش” في جنيف: “كان تصويتا صعبا للغاية. عملت السعودية وحلفاؤها في التحالف واليمن على مستوى عال، لإقناع الدول من خلال مزيج من التهديدات والحوافز، لدعم محاولاتهم لإنهاء ولاية آلية المراقبة الدولية”.

وأضاف أن وقف التفويض ضربة كبيرة للمحاسبة في اليمن ولمصداقية مجلس حقوق الإنسان ككل. و”هزيمة التفويض من قبل أحد أطراف النزاع دون أي سبب سوى التهرب من التدقيق في الجرائم الدولية يعد مهزلة”.

 

تقارير مؤثرة

ووفق الغارديان، لم يمنح المحققون الأمميون إذنا بالسفر إلى اليمن، لكن تقاريرهم زادت من “إدانة” السعودية خلال السنين الماضية.

وفي تقاريرهم الأربعة التي نشرت حتى الآن، وثق المحققون الدوليون انتهاكات للقانون الدولي، بعضها يرقى إلى جرائم الحرب، ارتكبتها كل أطراف الصراع، بما في ذلك مليشيا الحوثي المدعومة إيرانيا وقوات التحالف بقيادة السعودية.

وفي عام 2020، أوصى المحققون لأول مرة بأن يحيل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القضية إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.

وعن تلك التوصية قال أحد المراقبين للغارديان: “هنا أدرك التحالف السعودي أن هذا المسار سيذهب بعيدا حقا”.

ويشهد اليمن حربا منذ نحو سبع سنوات، أودت بحياة أكثر من 233 ألف شخص، وبات 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.

وللنزاع امتدادات إقليمية، فمنذ مارس/آذار 2015، ينفذ تحالف بقيادة الجارة السعودية، عمليات عسكرية دعما للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، المسيطرين على عدة محافظات، بينها العاصمة صنعاء.

 

ملابسات التصويت

ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن كل الدول التي غيرت تصويتها لاحقا من الامتناع إلى رفض التمديد، لم تثر أي اعتراضات على القرار خلال مرحلة التفاوض.

وأضافت أن قرار 2021 المرفوض لم يختلف عن نسخة 2020 سوى بتفصيل واحد فقط، وهو السعي إلى تمديد تفويض المحققين إلى عامين بدلا من عام واحد.

وبدأت أجراس الإنذار لمؤيدي تمديد التفويض قبل حوالي أسبوع من التصويت، عندما أدركوا أن الحملة السعودية كانت مختلفة تماما عن السنوات السابقة، وصار واضحا أن الرياض أبرمت عدة صفقات مع صانعي السياسات في عدة عواصم حول العالم.

وتعليقا على ما جرى بالتصويت، نقلت الغارديان عن مصدر مطلع قوله: “كل شيء تغير، كان ذلك بمثابة صدمة”.

وعادة، تعرف نوايا التصويت قبل أيام من إجرائه، لكن في أكتوبر/تشرين الأول 2021، رفضت الدول الأعضاء الإعلان عن موقفها النهائي، وهو ما اعتبره المؤيدون علامة مقلقة على تعرض بعض الدول لضغوط شديدة.

فيما قال مصدر مطلع آخر إن “فوز السعودية في هذه المعركة على حساب الشعب اليمني أمر مروع. لكنه أيضا حالة نموذجية لدول أخرى مثل روسيا والصين لنسف أي تحقيق آخر. لقد صدم ذلك الجميع حقا.. يجب التدقيق مع أعضاء المجلس الذين لا يستطيعون تحمل الضغط”.

وينتخب أعضاء مجلس حقوق الإنسان لمدة ثلاث سنوات. ومن بين البلدان التي شغلت العضوية في كل من عامي 2020 و2021، غيرت أربعة أصواتها من الامتناع عن التصويت إلى “لا” على قرار اليمن: وهي إندونيسيا وبنغلاديش والسنغال وتوغو.

وللمفارقة، جاء التصويت عندما كان وزير خارجية توغو في زيارة رسمية إلى السعودية، معلنا افتتاح سفارة جديدة في الرياض، والحصول على تمويل لمكافحة الإرهاب من “المركز الدولي لمحاربة الفكر المتطرف” ومقره السعودية.

وفي حالة إندونيسيا، أبلغت الرياض جاكرتا أن شهادات التطعيم الإندونيسية الخاصة بفيروس كورونا قد لا يعترف بها للإندونيسيين الذين يسافرون إلى مكة للحج إذا لم ترفض الدولة هذ الإجراء.

وقال أحد المراقبين إن التهديد أظهر أن السعوديين على استعداد لـ”استغلال” وصول الناس إلى الأماكن المقدسة من أجل تحقيق أهدافها.

وبعد أسبوع من التصويت، دعت الإمارات، حليف السعودية في الصراع اليمني، السنغال لتوقيع مذكرة تفاهم لإنشاء مجلس أعمال إماراتي سنغالي مشترك. وكان الهدف من المجلس أن تعزز غرفة التجارة الإماراتية التعاون بين البلدين الصديقين.

ولم يرد ممثلو السفارتين الإندونيسية والسعودية في واشنطن ووزارة الخارجية في توغو والإمارات على طلبات للتعليق قدمتها الغارديان.

Exit mobile version