هناك احتمالات بأن تؤدي التهديدات الإيرانية لمنطقة الشرق الأوسط إلى مصالحة بين قطر والسعودية. فإن السعودية ربما تدرك في النهاية أن تهميش قطر لم يؤد لشيء إلا تعزيز إيران فقط.
وذلك بحسب مقال لخبير الشؤون الإستراتيجية والأمنية للشرق الأوسط، طلحة عبدالرزاق، الذي قال في مقال له على النسخة الإنجليزية من موقع “تي آر تي” التركي، إن القمتين الخليجية والإسلامية انتهتا بكثير من الكلام، القليل منه قد يتحول إلى عمل، لكن مع ذلك، كانت هناك بعض التطورات المثيرة للاهتمام قد تشير إلى حدوث تحسن في العلاقات بين الدولتين الخليجيتين.
ولفت الخبير إلى أن أهم هذه التطورات؛ المصافحة التي جرت بين رئيس الوزراء القطري عبدالله بن ناصر آل ثاني والملك سلمان بن عبد العزيز وابنه وولي عهده محمد بن سلمان، موضحا أن هذه المصافحة البسيطة لم تكن متصورة قبل عام أو عامين. وقال الكاتب: إنه “في حين أن هذه التطورات مثيرة للاهتمام، من المهم الإشارة إلى أن التئام الكسور في دول مجلس التعاون الخليجي ما زال أمرا بعيد المنال”.
مخاوف مشروعة
وشدد المقال على أن التهديد الذي تشكله إيران على السعودية والضغط الذي تخلقه، قد يجبر الرياض في نهاية المطاف على إصلاح الخلافات مع قطر، إذا كان ذلك لازما لإعادة البيت العربي لمواجهة ما هو أكثر خطورة.
وتابع: “مهما كانت آثام الرياض -وهناك منها الكثير- فهناك الكثير مما يمكن قوله عن أن السعودية لديها مخاوف مشروعة بشأن سلوك إيران”. ومضى يقول: “يمكن القول إن إيران قد وسّعت نطاق قوتها الانتهازية منذ أن قررت الولايات المتحدة في عهد الرئيس جورج دبليو بوش غزو أفغانستان في عام 2001”.
وذكر بأن السعودية لم تشعر بالخطر الإيراني حتى الغزو والاحتلال اللذين قادتهما الولايات المتحدة للعراق عام 2003. وأردف موضحا: “مع زوال حكم صدام من العراق، واجهت السعودية فجأة كيانا معاديا يمكن أن يلحق الضرر بمصالحها على حدودها الشمالية. لقد استغلت إيران العراق كجسر بري إلى سوريا المجاورة، التي طالما كانت تتمتع بعلاقات ودية معها، مما زاد من تمكين وكيلها الأكثر شهرة حزب الله في لبنان”.
وأضاف: “ساعدت طهران حتى نظام بشار الأسد الهمجي عندما طالب السوريون بالديمقراطية في عام 2011. وبدون مساعدة من الإيرانيين، يمكن القول إن نظام الأسد كان سينهار منذ فترة طويلة”.
وزاد الخبير الشرق أوسطي: “كما لو أن نفوذ طهران في الدول السنية والعربية في الشمال والغرب من السعودية لم يكن خطيرًا بما فيه الكفاية، بما في ذلك الفظائع الطائفية التي ارتكبها وكلاء في كل من تلك البلدان، ثم بدأت إيران في النظر إلى حدود السعودية الشرقية والجنوبية”.
إجراءات غير مبررة
وأشار المقال إلى أن إيران استغلت الربيع العربي، إذ بدأت في تقديم الدعم للمتظاهرين الشيعة في البحرين خاصة بعد أن قتلت السلطات المتظاهرين في دوار اللؤلؤة المدمر الآن، مما أشعل التوترات الطائفية. وأضاف: “رغم إخماد هذه الثورة في أعقاب تدخل بقيادة السعودية واستمرار قمعها، إلا أن تهديد إيران بإثارة عدم الاستقرار بجوار المنطقة الشرقية التي يسيطر عليها الشيعة في السعودية يسبب توترات في الرياض حتى يومنا هذا”.
ونوّه عبدالرزاق، بأن الدعم الإيراني للمتمردين الحوثيين في اليمن وغزوهم العاصمة صنعاء أدى إلى التدخل الكارثي الذي تقوده السعودية اليوم. وأردف: “باستخدام الصواريخ والطائرات بدون طيار التي تم تطويرها بلا شك بمساعدة إيرانية، ضرب الحوثيون في الآونة الأخيرة أهدافًا متكررة في كل من السعودية وحليفتها الوثيقة الإمارات”، مضيفا: “يحاصر الوكلاء الإيرانيون السعودية بالكامل تقريبًا، لذلك فلا عجب أنها تشعر بالتهديد”.
واستبعد الكاتب أن يعني ذلك بأن السعودية يجب أن يكون لها الحق في فعل ما يحلو لها لتخفيف الخطر الذي تواجهه من إيران. معتبرا أنه، “يمكن القول إن تصرفات الرياض قد عززت التهديد الإيراني ولم تبدده”. ولتوضيح رأيه، قال الكاتب على سبيل المثال: “قد يكون الحصار المفروض على قطر أحد أكثر السياسات الخارجية سخافة التي شهدها العالم حتى الآن من قبل السعودية. ربما تكون الرياض غاضبة من دعم الدوحة لحركات الربيع العربي المؤيدة للديمقراطية، لكن هذا لا يعني أنه من المنطقي أن يبدأ السعوديون والإماراتيون باتهام قطر بأنها حليفة لإيران”.
وأردف “كانت قناة الجزيرة، التي يمولها القطريون، واحدة من الشبكات الوحيدة في العالم العربي التي كانت تغطي بشكل روتيني الفظائع التي ارتكبها وكلاء إيران في كل من العراق وسوريا، وكان لها تغطية واسعة النطاق لأعمال حزب الله الضارة والطائفية في لبنان”.
إخلاء الملعب
ولفت الخبير في الشؤون الأمنية، إلى أن المساعدة التي قدمتها إيران للدولة الخليجية عقب الحصار بتزويدها بالطعام والسلع وغيرها من الضروريات التي حظرها عليهم مجلس التعاون الخليجي، يجعلنا نتساءل “هل من المفاجئ أن تكون تغطية قناة الجزيرة الآن صامتة بشكل أساسي حول تصرفات إيران في الشرق الأوسط؟”.
قبل أن يستطرد، أنه في الأساس، “ومن خلال الغباء المطلق، أسكت السعوديون وحلفاؤهم عن غير قصد الصوت الأكثر نفوذاً في تسليط الضوء على أعمال إيران السيئة في المنطقة لمجرد أن غضبهم أعماهم لأن قطر تجرأت على دعم الربيع العربي”.
واعتبر الخبير أنه “بعد سنوات من بدء الحصار، أصبحت إيران أقوى من أي وقت مضى بعد أن أمنت الأسد في سوريا، وعززت قواتها في العراق، وطورت للحوثيين التكنولوجيا والقدرات الهجومية، واكتسبت شريكا قيما في قطر تعتمد عليه واشنطن للعودة إلى الخلف مع طهران”.
ومضى يقول: “إذا كانت السعودية ملتزمة بإضعاف إيران، فعليها أن تضع جانباً خلافاتها مع قطر للتركيز على التهديد الأكثر أهمية الذي تواجهه”.
وأضاف أنه مع ذلك، ومع تصريح وزير الخارجية السعودي إبراهيم العساف، خلال مؤتمرات القمة بأن الأزمة في قطر يمكن حلها إذا عادت الدوحة إلى الطريق الصحيح، “فإن مجرد المصافحة بين القيادات القطرية والسعودية لن تكون كافية لوضع حد لهذه الدبلوماسية والغباء الإستراتيجي”، بحسب المقال.