تحدثت صحيفة روسية عن حدوث توتر في العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، بسبب اتفاق “أوبك بلس” الذي يتعلق بأسعار النفط.

وقال الكاتب “إلنار بينازاروف” في مقال بصحيفة إزفستيا: “يؤثر الاتفاق بشكل سلبي على الولايات المتحدة وتفكر في وقف توريد الأسلحة إلى السعودية كعقاب على اتخاذها ذلك القرارات”.

وتساءل: هل ستتعاون المملكة العربية السعودية مع روسيا بدلا من الولايات المتحدة أم ستحافظ على العلاقات؟

حسب الكاتب، أعلنت الولايات المتحدة عن مراجعة العلاقات مع السعودية بسبب اتفاق أوبك بشأن خفض إنتاج النفط.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية “نيد برايس” إن تصرف المملكة “ليس في مصلحة الأميركيين” لأنه بسبب هذا الاتفاق سترتفع أسعار الطاقة هذا الشتاء.

تشمل الإجراءات التي اقترحها أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي لمعاقبة الرياض، حظر توريد الأسلحة وقطع الغيار وسحب أنظمة الدفاع الجوي.

وبينت صحيفة إزفستيا أن روسيا مستعدة للعمل كبديل للولايات المتحدة وزيادة إمدادات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية.

ومع ذلك، يعتقد الخبراء أن واشنطن ما زالت لا تريد إلغاء العقود لأن هذا قد يؤدي إلى فجوة أكبر في العلاقات وفقدان أكبر مشتر للأسلحة في الشرق الأوسط.

 

إعادة التقييم

اتفقت دول أوبك بلس في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2022 على خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا، وهذا ضعف ما توقعه المحللون.

ويضم التحالف المذكور 23 دولة (بينها أعضاء أوبك الـ13)، من بينها السعودية وروسيا، ويجتمع بصورة منتظمة لاتخاذ قرارات بشأن حجم إنتاج النفط الخام عالميا.

يمثل خفض الإنتاج، الذي سيدخل حيز التنفيذ في نوفمبر/ تشرين الثاني، حوالي 2 في المئة من إمدادات النفط عالميا.

يقول التحالف إن تخفيض الإنتاج يهدف إلى تحقيق استقرار في أسعار النفط التي تراجعت مع تباطؤ الاقتصاد العالمي.

وردا على ذلك، ذكرت إدارة الرئيس الأميركي “جو بايدن” أن العلاقات مع الرياض تنتظر “إعادة تقييم” فهي تعد حليف واشنطن الإستراتيجي في المنطقة.

كما شدد رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ “بوب مينينديز” مباشرة بعد بيان الاتفاق، على أن يجب على الدول أن تجمد على الفور جميع أوجه التعاون مع المملكة العربية السعودية وهو أمر ضروري جدا.

ومن ناحية أخرى، تصر الرياض على أن القرار كان اقتصاديًا بحتًا ويهدف إلى كبح الركود.

وأوضح وزير الدولة للشؤون الخارجية “عادل الجبير” في بيان أن: “فكرة أن السعودية فعلت ذلك لإيذاء الولايات المتحدة أو الانخراط في ملفات سياسية بأي شكل من الأشكال خاطئة تماما”.

فيما قال وزير الطاقة بالمملكة “عبد العزيز بن سلمان آل سعود”: “نحن مهتمون بالدرجة الأولى بمصالح السعودية”.

وبحسب قوله، يجب أن يعمل اتفاق “أوبك بلس” بشكل أكثر نشاطا، إذ تحركت البنوك المركزية الغربية لمحاربة التضخم بمعدلات فائدة أعلى وهذا يزيد من احتمالية حدوث ركود عالمي. وبالتالي يمكن أن يقلل الطلب على النفط ومن تكلفته.

وأضاف الكاتب أنه بحسب صندوق النقد الدولي، يجب أن تكون أسعار النفط العالمية حوالي 79 دولارا للبرميل لكي تتعادل ميزانية السعودية.

فقد انخفضت الأسعار في سبتمبر/أيلول 2022 إلى 85 دولارا للبرميل، على الرغم من أنها وصلت في فبراير/شباط ومارس/آذار إلى 139 دولارا للبرميل.

كما قال الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” في اجتماع مع رئيس الإمارات “محمد بن زايد آل” في 11 أكتوبر، إن قرارات “أوبك بلس” ليست موجهة ضد أي شخص ولكن فقط لخلق الاستقرار في أسواق الطاقة العالمية.

وأوضح الأستاذ في مركز البحرين الاقتصادي “عمر العبيدلي”، في مقال أن قرار أوبك بلس له منظور بعيد المدى على عكس المصالح السياسية قصيرة المدى لأعضاء مجلس الشيوخ قبل اجتماع الكونغرس الأميركي في 8 نوفمبر/تشرين الثاني.

وأشار الكاتب إلى تصريحات دول أوبك التي أعلنت أنها إذا لم تتدخل لوقف الانخفاض، فسيحدث انهيار جديد في الاستثمار النفطي وهذا سيؤدي إلى ارتفاعات جديدة في أسعار النفط في غضون سنوات قليلة.

وأضاف الخبير أن هذه ستكون أنباء سيئة للجميع خاصة لمستوردي النفط وبين أن “تخفيضات الإنتاج تعكس تقارب المصالح طويلة الأجل لكل من المصدرين والمستوردين، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي”.

ومع ذلك، يواصل الكونغرس الأميركي الإصرار على أن اتفاق “أوبك بلس” وتصرفات المملكة العربية السعودية كانت موجهة إن لم تكن ضد واشنطن، فبالتأكيد لصالح موسكو.

 

أدوات الضغط

وعلق الكاتب أن الحصار الدبلوماسي يعد إحدى الطرق الرئيسة لمعاقبة الرياض على صفقة غير مريحة لواشنطن.

فعلى سبيل المثال، أعلنت مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط “باربرا ليف” عن زيارة للمنطقة.

كما ستزور الكويت ومصر وقطر والإمارات العربية المتحدة دون توقف بعد المملكة العربية السعودية.

بناء على تصريحات الديمقراطيين في الكونغرس، الأمر لن يقتصر على المقاطعة الدبلوماسية.

فالكثيرون يضغطون من أجل تمرير مشروع قانون “نوبك” الذي سيسمح لوزارة العدل برفع دعاوى قضائية ضد دول “أوبك بلس” وشركات النفط الحكومية فيما يتعلق بقوانين مكافحة الاحتكار الأميركية.

وبحسب الكاتب، قدم عضوا مجلس النواب الأميركي “بيتي ماكولوم” و”آدم شيف” في 30 سبتمبر قانون “جمال خاشقجي” لحماية المعارضين والصحفيين.

بموجب هذه المبادرة، ستكون وزارة الخارجية قادرة على فرض قيود على التأشيرات للأفراد الذين يتصرفون نيابة عن حكومة أجنبية أو تهديد المعارضين والصحفيين.

كما أن هناك إجراء آخر مناهضا للسعودية وهو قانون شراكة التوترات والذي قدم في 5 أكتوبر من قبل أعضاء مجلس الشيوخ بقيادة “توم مالينوفسكي”.

ويُعتقد أن جميع القوات العسكرية الأميركية وكل معدات وأنظمة الدفاع الجوي، سيجرى سحبها من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

وبحسب واضعي المبادرة، لا داعي لحماية حقول النفط في “الدول التي تعمل ضدنا”.

كما اتهم سياسيون السعودية والإمارات بالتواطؤ مع روسيا فقد صرحوا: “إذا أرادتا مساعدة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فعليهما الاعتماد على حمايته”.

ومع ذلك، ليست هذه المرة الأولى التي يطالب فيها أعضاء الكونغرس بوقف توريد الأسلحة إلى المملكة.

فيما يتعلق ببدء الحملة العسكرية في اليمن عام 2015، حاول السياسيون الأميركيون تقييد تصدير الأسلحة الأميركية إلى السعودية.

ولكن حتى عام 2019، استمرت الولايات المتحدة في تزويد المملكة بالأسلحة.

وبالتالي تلقت القوات الجوية السعودية 30 طائرة من طراز “إف -15 إس إيه”، دون موافقة مسبقة في الكونغرس، وسُلمت الرياض 59 ألف قنبلة.

علق “بايدن” مباشرة بعد توليه منصبه تنفيذ العقود العسكرية التي أبرمها الرئيس السابق “دونالد ترامب”.

على وجه الخصوص، جمدت شحنات 3000 قنبلة ذات قطر صغير من طراز جي بي يو-39 من طراز “بوينج” بتكلفة إجمالية قدرها 290 مليون دولار و700 قنبلة جوية موجهة بدقة من “بافواي الرابع” من شركة “رايثيون تكنولوجيز” الأميركية مقابل 478 مليون دولار.

والولايات المتحدة لديها خمس قواعد عسكرية في المملكة العربية السعودية، وهناك حوالي 3 آلاف عسكري أميركي في البلاد.