كشفت وكالة “بلومبرج”، الأحد، وجود خلافات تطفو على السطح بين السعودية وروسيا بشأن مستقبل تخفيضات إنتاج النفط بموجب اتفاقية تحالف منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفائها (أوبك+).

وأوضحت الوكالة الأمريكية أن السعودية ترى ضرورة تثبيت خفض الإنتاج رغم تحسن أسعار النفط لمستويات ما قبل جائحة كورونا، فيما تفضل روسيا زيادة تدريجية في الإمدادات.

وتعكس هذه المواقف ما كان عليه الوضع في الاجتماعات الأخيرة لـ”أوبك+”، إلا أن السعودية لديها هذه المرة ورقة مساومة جديدة، تتمثل في تخفيضات طوعية للإنتاج، بمقدار مليون برميل يوميا، ألزمت المملكة نفسها بها على مدى شهري فبراير/شباط ومارس/آذار.

وساهمت هذه التخفيضات في تعافي أسعار النفط، ما يعني أن عودتها إلى السوق مجددا سيؤثر على عائدات الدول النفطية الأخرى، لا سيما روسيا.

وفي هذا الإطار، يشير “بيل فارين برايس”، المدير في شركة الأبحاث “إنفيروس”، التي تتخذ من لندن مقرا لها، إلى أن المملكة يمكن أن تستخدم حصة المليون برميل كـ”ورقة نفوذ للحصول على صفقة”.

فبعد 10 أشهر من خفض إنتاج الخام بعد التداعيات الفادحة التي تسببت فيها جائحة كورونا على الطلب العالمي، لا يزال تحالف “أوبك+” يقلص إنتاجه بمقدار 7 ملايين برميل في اليوم، تمثل نحو 7% من الإمدادات العالمية.

وبحسب معظم التقديرات، فإن التخفيضات تسببت في تجاوز الطلب على النفط إنتاج هذا العام بهامش واسع، وقد سجلت هذه الفجوة المزيد من الاتساع الأسبوع الماضي بعدما تسببت موجة الطقس المتجمد بولاية تكساس في تراجع إنتاج الولايات المتحدة.

وعندما يعقد تحالف “أوبك+” اجتماعه في 4 مارس/آذار المقبل، سيبحث ما إذا كان سيرفع الإنتاج في أبريل/نيسان، وسيكون هناك قراران حاسمان، الأول يتمثل في اتخاذ التحالف قرارا بإضافة 500 ألف برميل للإنتاج يوميا، وهي الخطوة التالية في الاستعادة التدريجية لمستويات الإنتاج، والتي تم الاتفاق عليها في ديسمبر/كانون الأول الماضي وجرى تعليقها في اجتماع يناير/كانون ثاني.

أما القرار الثاني، فيتمثل في تحديد السعودية مصير الخفض الطوعي للمليون برميل التي كانت تعهدت بها لتقليص فائض المخزونات بسرعة أكبر.

ورغم أن السعودية أعلنت في البداية أن هذا التخفيض سوف يتم عكسه في أبريل/نيسان المقبل، لكنها لم تحسم قرارها الأخير بشأنه بعد، حسبما نقلت الوكالة الأمريكية عن مصادرها.

وأشارت المصادر إلى أن عرض الحفاظ على جزء من هذا التخفيض الطوعي في أبريل/نيسان قد يمنح الرياض ورقة مساومة مفيدة إذا كانت تسعى للحد من زيادة الإنتاج الإجمالية لـ”أوبك+”.

ومن جانبه، قال “بوب مكنالي” رئيس مجموعة “رابيدان إنرجي” الاستشارية والمسؤول السابق في البيت الأبيض: “من المرجح أن يتم تخفيف بعض القيود على الإنتاج في اجتماع مارس/آذار (..) المساومة الحقيقية لم تبدأ بعد”.

وبعد الاختلاف حول وتيرة زيادة المعروض النفطي في اجتماعي “أوبك+” الأخيرين، تشير تصريحات المسؤولين في الرياض وموسكو إلى أن نقاشًا آخر يلوح في الأفق.

من جانبه، صرح نائب رئيس الوزراء الروسي “ألكسندر نوفاك” في 14 فبراير/شباط الجاري، بأن “السوق متوازنة”، ودافع في اجتماعي “أوبك+” الأخيرين عن زيادة الإنتاج.

وفي المقابل، يبدو أن وزير الطاقة السعودي، الأمير “عبدالعزيز بن سلمان” متمسك بموقف مألوف، قد لا يحظى بشعبية بين دول “أوبك+”، حيث حذر من التراخي عبر زيادة الإمدادات النفطية مجددا، وقال إنه يتعين على التحالف أن يتذكر آثار أزمة العام الماضي، وأن يكون “حذرا للغاية” في خطوته التالية.

وقال الأمير السعودي: “المباراة ما زالت تُلعب، ومن السابق لأوانه إعلان أي انتصار على الفيروس (..) الحكم لم يطلق صافرة النهاية بعد”.

وتشير “بلومبرج” في هذا الصدد إلى أن حجج كل من السعودية وروسيا لها وجاهتها، فالمخزونات العالمية تنخفض “بسرعة كبيرة” ومن المقرر أن تتقلص بشكل حاد في وقت لاحق من هذا العام، وفقا لوكالة الطاقة الدولية، فيما يزدهر الطلب على المنتجات البترولية التي تلبي احتياجات المجتمعات التي تعمل وتستهلك في المنزل، ما يعني أن زيادة الإمدادات ستكون إيجابية.

لكن بعد انتهاء آثار الطقس المتجمد في تكساس، سيعود ما يصل إلى 40% من إنتاج النفط الخام الأمريكي إلى السوق، ما يعني أن الخطر لا يزال قائما بالنسبة لدول “أوبك+”.