قالت شبكة “بلومبيرغ” إنه على الرغم من الدعم الكبير الذي حظي به ولي العهد محمد بن سلمان، من والده العاهل السعودي، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عقب قضية اغتيال الكاتب جمال خاشقجي، فإنه ليس من السهولة التبنؤ بمستقبله ومصيره.

وبينت الوكالة الأمريكية في تقرير إخباري لها، أن ولي العهد يقضي وقتاً أطول مع والده الملك سلمان منذ حادثة اغتيال خاشقجي، في الثاني من أكتوبر الماضي، بقنصلية السعودية في مدينة إسطنبول التركية.

وأجرى العاهل السعودي ونجله جولة معاً في أرجاء السعودية، وافتتحا الأسبوع الماضي حديقة صناعية عملاقة.

وفي الوقت نفسه، تجنب ترامب إدانة بن سلمان مباشرة في قضية مقتل خاشقجي، وأشاد بالسعودية ودعمها الكبير لخفض أسعار النفط.

وتقول الوكالة: “من وجهة نظر بن سلمان، فإنه في ظل هذه الحماية التي يوفرها له الكبار؛ سلمان وترامب، فإنه سينجو من جريمة الاغتيال الوحشي لخاشقجي”.

وبالفعل توجه ولي العهد في جولة خارجية هي الأولى له منذ وقوع الجريمة، وبدأها من العاصمة الإماراتية أبوظبي، الحليف الرئيسي، وذلك في ظل حديث عن حضوره قمة العشرين بالأرجنتين، وعلى الرغم من ذلك فإن العديد من المراقبين يقولون إن مصير بن سلمان سيتحدد في الرياض.

وخلال النقاشات التي تدور بين مستشارين أجانب يعملون في شركات سعودية منذ سنوات، ودبلوماسيين سعوديين، فإن هناك سؤالان يطرحان بقوة؛ الأول: هل يمكن أن يبقى بن سلمان ولياً للعهد؟ وإن لم يكن، فما هو مصير الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي بدأها؟

تقول “بلومبيرغ” إنه من الصعب تحديد الكيفية التي ينظر بها أفراد العائلة المالكة وزعماء القبائل والأجهزة الأمنية إلى ولي العهد بعد سلسلة من الانتقادات التي تعرض لها في الخارج والقمع الذي يمارسه بالداخل، خاصة أنه سبق له أن بدأ حملة من أجل تهميش المنافسين في الداخل وعزز قبضته على السلطة، وحكم بالإعدام على خمسة من الأشخاص المتهمين بمقتل خاشقجي.

وتتابع الوكالة: “قد يكون لدى تركيا أدلة على تورط بن سلمان في قتل خاشقجي، وفي حال تبين ذلك فعلاً فإنه سيكون ذلك سبباً لخصومة أوروبية أمريكية”.

ويقول كامران بخاري، اختصاصي الأمن القومي والسياسة الخارجية في جامعة أوتاوا، إن جريمة قتل خاشقجي، سواء ثبت تورط بن سلمان بها أم لا، فإنها غيرت مجريات اللعبة.

وتابع بخاري: “لقد انقلبت حياة ولي العهد رأساً على عقب، ولم يعد لديه يقين بمستقبله، إنه ذهب من أجل الحصول على ضمانات لمستقبله، لم يعد متأكداً إن كان سيواصل مسيرته نحو الحكم أم لا، وهل سيكون قادراً على طي صفحة خاشقجي التي ستبقى وصمة عار تلاحقه؟”.

وترى الوكالة أن بن سلمان ما زال لديه هامش مناورة، فبعد تصريحات ترامب التي قال فيها إن الولايات المتحدة لن تسمح للعلاقة مع السعودية أن تتعرض للخطر بسبب مقتل خاشقجي، تراجعت أسعار النفط، وهو تراجع مفيد لإعادة تأهيل ولي العهد، لكن هذا التراجع يدفع الاقتصاد السعودي ثمنه، فهو يعاني أصلاً من تباطؤ في النمو.

وداخل السعودية شرع الملك سلمان هذا الشهر في جولة شملت عدة مدن، وهي الأولى منذ وصوله للحكم عام 2015، وكان العنوان الفرعي لها هو محاولة إصلاح الأضرار التي لحقت بالعلاقة بين العاهل السعودي والمؤسسة الدينية والقبائل والأمراء والتي تضررت بسبب سياسة ابنه.

وتقول الوكالة: “لقد استخدم الملوك في السعودية المال لحشد الدعم لهم في أوقات عدم اليقين، فعندما بدأت ثورات الربيع العربي أعلن الملك عبد الله عن تخصيص مليارات الدولارات بمحاولة منه لدرء أي اضطرابات قد تحدث في السعودية”.

ويقول أيهم كامل، رئيس مركز بحوث الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة أوروسيا، إن الملك يعرف بالضبط كيفية إقامة جبهة داخلية ويضمن عدم تحولها ضد ابنه، الزيارات التي نفذها العاهل السعودي للمحافظات المختلفة، والمال الذي تم ضخه، كل هذا جزء من حزمة شاملة لضمان حماية القيادة كما هي عليها اليوم، وهم يفعلون ذلك للدفاع عن خط الخلافة الحالي.

ومع ذلك لايبدو هذا كافياً، وفق ما تقول الشبكة، فولي العهد يتعرض لانتقادات من قبل الأقوياء في أمريكا، بمن فيهم كبار المشرعين، وفي أوروبا أيضاً، حيث يُنظر إليه بمزيد من العداء بسبب حرب اليمن وسجله في مجال حقوق الإنسان.

وعلى الصعيد المحلي، تقول بلومبيرغ، إن هناك حديثاً عن إمكانية تولي عمه الأمير أحمد بن عبد العزيز منصب ولاية العهد، حيث عاد من لندن مؤخراً.

ويقول بخاري إن القلق سيبقى مسيطراً على بن سلمان، رغم أنه سجن المعارضين ورشا آخرين، واستعمل العنف ضد أفراد في الأسرة، لكن ذلك لا يمكن له أن يضمن أن هؤلاء لن يتآمروا عليه خلف الكواليس.