حذرت وكالة بلومبيرغ الأميركية من أن المستثمرين في الشرق الأوسط سيواجهون مخاطر عدة العام المقبل بسبب عوامل كثيرة، من بينها اضطراب أسواق النفط والحروب بالوكالة وسياسات السعودية في المنطقة.

وقالت إن الضغوط على مصدري الطاقة تتزايد مع تراجع أسعار النفط في الأسواق، مشيرة إلى أن مكانة السعودية العالمية باتت مشكوكا فيها، وأن واشنطن أدارت ظهرها لإيران، الأمر الذي مهد السبيل أمام روسيا لزيادة نفوذها.

وأضافت أن التجار الذين تهافتوا على الأصول السعودية ما لبث أن انقلب عليهم السوق بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مما جعلهم يستغرقون في معالجة الخسائر الفادحة التي تكبدوها.

وتمكن أصدقاء البحرين من إنقاذها بعد أن تعرضت سوق الأسهم في هذه المملكة الصغيرة إلى ضربات موجعة، واهتزت ثقة المستثمرين بعد قرار شركة أرامكو السعودية تأجيل بيع أسهمها.

مخاطر جمة
واستعرضت بلومبيرغ في تقريرها الاقتصادي بعض المخاطر الكبرى التي من شأنها أن تجعل المستثمرين في حالة تأهب العام المقبل.

ومن بين تلك المخاطر اهتزاز أسواق النفط، فالسعودية التي تعتبر أكبر مصدري النفط الخام في العالم بحاجة لأن يتجاوز سعر البرميل ثمانين دولارا لتفادي اختلال ميزانيتها، بحسب مؤسسة فيتش الدولية للتصنيف الائتماني.

وأحد المخاطر المحتملة العام المقبل يكمن في أن نشوة الفرح التي عمت الأجواء إثر الوعود التي أطلقها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بإصلاح اقتصاد بلاده سرعان ما استحالت إلى شكوك وقلق إزاء سياسة الرياض الخارجية “الصارمة التي يصعب التنبؤ بها”.

ثم إن الارتياب الذي ساد بعد مقتل خاشقجي يجعل قرار شركة “إم إس سي آي” لمؤشرات الأسواق بإدراج الأسهم السعودية في مقياس الأسواق الناشئة العام المقبل خطوة غير كافية لإغراء المستثمرين بالعودة، بحسب مارك موبيوس المستثمر المخضرم في الدول النامية.

أما بخصوص تركيا فإن مصرفها المركزي يرزح تحت ضغط ستزداد حدته من أجل تبسيط بعض القيود التي فرضها في النصف الثاني من هذا العام.

ووفقا لتقرير الوكالة الأميركية، فإن نمو الاقتصاد التركي يتباطأ سريعا لكن التضخم لا تزال معدلاته أعلى من المستهدف بكثير.

تحديات القيادة
يقول مارشال ستوكر نائب رئيس شركة إيتون فانس لإدارة الاستثمارات إن بعض دول المنطقة كالسعودية والكويت وسلطنة عمان إما أنها تمر بمرحلة انتقال القيادة فيها إلى الجيل الجديد أو هي في طريقها لذلك.

وبرأيه، فإن هذا الانتقال المتوقع يمثل الاستثناء وليس القاعدة في منطقة الشرق الأوسط.

وفي لبنان -حيث تعادل تكلفة خدمة الديون الحكومية نصف إيرادات الدولة تقريبا- ما فتئ السياسيون يتعاركون بشأن تشكيل حكومة جديدة، مما يعيق خطط تعزيز الموارد المالية.

الاستقرار السياسي
ثمة احتمال أن تتفاقم الخصومة بين السعودية وإيران اللتين تخوضان فعليا حروبا بالوكالة، أو أن يندلع الصراع مجددا بين إسرائيل وحزب الله اللبناني المدعوم من إيران، مما من شأنه أن يزيد المخاطر الائتمانية في المنطقة.

ويزداد التوتر بين إسرائيل وإيران بشأن تدخل الأخيرة في سوريا وخوضها قتالا عبر وكلائها في حزب الله دعما للرئيس بشار الأسد.

وهناك روسيا التي سيؤدي تورطها المتزايد في الشرق الأوسط إلى الحد من النفوذ الأميركي، مما يضفي مزيدا من التعقيد على السياسة الإقليمية لواشنطن، وفقا لعبد الملك أدجيرو نائب رئيس شركة أميركان سنشري إنفستمنت.

ويقول أدجيرو إن الرئيس الأميركي دونالد “ترامب يركز أكثر على التجارة وقضايا الولايات المتحدة المركزية أكثر من تركيزه على السياسة الدولية تاركا بذلك فراغا أكبر لنشاط روسي”.

ومن غير المتوقع -بحسب مارشال ستوكر- أن يشهد العام المقبل نهاية للحصار الذي تفرضه أربع دول بقيادة السعودية على قطر.

ويلفت ستوكر إلى أن هذا الحصار دفع الدوحة لتوطيد علاقاتها أكثر وأكثر مع تركيا وإيران لإيجاد وسائل “للالتفاف على الحصار الذي فرضته عليها تلك الدول عام 2017”.

غير أن مؤشر حالة أسواق الأسهم الذي نشرته وكالة بلومبيرغ يوضح أن السوق القطرية هي الأفضل أداء في عام 2018 من الدول التسع الواردة فيها، في حين كان أداء دبي الأسوأ.