جاء إعلان منظمة الكرامة لحقوق الإنسان عن تقديم تقريراً حول السعودية إلى لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة عبرت من خلاله عن مخاوفها الرئيسية بشأن الانتهاكات الجسيمة التي شهدتها المملكة منذ الاستعراض الدوري لها عام 2016.

يأتي ذلك، في حين وضعت لجنة مناهضة التعذيب، وهي هيئة تعاقدية مسؤولة عن الإشراف على تطبيق اتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها السعودية في 23 سبتمبر / أيلول 1993، قائمة المسائل التي ستتناولها المملكة كجزء من هذه الاتفاقية خلال المراجعة الدورية الثالثة.

وتهدف قائمة المسائل، التي أعدتها اللجنة على أساس المعلومات الواردة في التقرير المقدم من الدولة الطرف، والمنظمات غير الحكومية، إلى ضمان إجراء حوار بناء مع الدولة الطرف خلال المراجعة الدورية التالية، ودعوتها إلى تقديم توضيحات بشأن مواضيع محددة تتعلق بالامتثال للاتفاقية.

وبهذه المناسبة، دعت الكرامة، في تقريرها المقدم إلى اللجنة، هذه الأخيرة إلى مخاطبة الدولة الطرف بشأن حالة المدافعين عن حقوق الإنسان المحكوم عليهم بأحكام سجن قاسية.

إذ نظرت اللجنة في الأمر من خلال سؤال السعودية عما إذا كانت ستنظر في الإفراج عن الأشخاص المعتقلين تعسفياً على خلفية انتقادهم السلمي للسلطات أو للدفاع عن حقوق الإنسان، من بينهم سعود مختار الهاشمي وسليمان الرشودي وخالد الراشد ومحمد عبد الله العتيبي ومحمد القحطاني ووليد أبو الخير.

وكانت الكرامة قد ذكّرت اللجنة بضرورة التحقيق في مصير هذه الشخصيات البارزة ، وجميعهم حُرموا تعسفيًا من حريتهم واحتُجزوا على الرغم من طلبات الإفراج عنهم من قبل فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاعتقال التعسفي، الذي أصدر عدة آراء تتعلق بالطبيعة التعسفية للاحتجاز الذي تعرضوا له، بموجب شكاوى أحالتها إليه الكرامة.

كما أثارت اللجنة قضية سفر بن عبد الرحمن الحوالي المحتجز تعسفيا لنشره كتابا انتقد فيه خيارات السياسة الدولية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مقدماً إليه جملة من التوصيات

وقد أحالت الكرامة بتأريخ 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2020 قضية الحوالي إلى لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، نظراً لحالته الصحية.

 

ممارسات منهجية للتعذيب

في السياق أيضاً، طالبت اللجنة بإيضاحات حول ظروف الاحتجاز والممارسة المنهجية للتعذيب، حيث سيتعين على السعودية أن تتحدث عن ظروف الاعتقال وممارسة التعذيب المنهجية والواسعة النطاق في مباني إدارة المباحث العامة التابعة لوزارة الداخلية.

وكانت الكرامة قد لفتت انتباه اللجنة إلى الممارسة المنهجية للاعتقال التعسفي بمعزل عن العالم الخارجي، مشيرة إلى أن المعتقلين يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة، انتقاما لانتقادهم العلني للسلطات الملكية أو مشاركتهم في مظاهرات سلمية.

ومن أبرز الحالات التي تناولتها اللجنة في قائمة المسائل للدلالة على هذه الممارسات، قضية سلمان العودة، الذي تعرض للتعذيب الجسدي والنفسي الشديد منذ اعتقاله.

كما دعت اللجنة الدولة الطرف إلى تقديم توضيحات بشأن القانون السعودي من أجل معرفة ما إذا كانت “جريمة التعذيب وأشكال المشاركة المختلفة في هذه الجريمة” ستدرج “في التشريع الوطني، وفقًا للتعريف المنصوص عليه في المادة 1 من الاتفاقية، والعقوبات المناسبة التي تأخذ في الاعتبار خطورة الجريمة”.

 

إحصاءات رسمية مطلوبة

وكانت الكرامة قد نددت في السنوات الأخيرة بممارسة التعذيب في سجون السعودية. حتى الآن، لم يتم التحقيق في أي من مزاعم التعذيب بشكل نزيه أو أسفر عن معاقبة الجناة.

وأشارت الكرامة في قائمة المسائل التي قدمتها إلى أن إفلات الجلادين من العقاب يعود جزئياً إلى هيكلية أجهزة المخابرات التابعة لوزارة الداخلية والمسؤولة عن التحقيقات ومراقبة السجون السعودية.

وشاطرت اللجنة قلق الكرامة بشأن افتقار هيئة التحقيق والادعاء العام إلى الاستقلالية، حيث شككت في اعتماد السعودية لإجراءات ممكنة لضمان الاستقلال التام لهيئة التحقيق والادعاء عن وزارة الداخلية، أو إنشاء هيئة مستقلة لمراقبة السجون.

وسبق أن دعت هيئة الأمم المتحدة الدولة السلطات السعودية إلى تقديم إحصائيات سنوية من عام 2016 حتى الآن حول عدد الشكاوى المقدمة إلى الجهات المعنية، والتحقيقات التي تم إجراؤها ونتائجها.