تقرير خاص
يصحو العالم كل يوم على جريمة جديدة ترتكب داخل السجون السعودية، فرغم أن عمليات التعذيب المستمرة بلا توقف تمضي داخل السجون والمعتقلات السعودية باستمرار، إلا أن “القتل البطيء” الذي تمارسه السلطات السعودية ضد معتقلي الرأي هو الذي يحصد العدد الأكبر منهم حتى الآن.
فبالإهمال الطبي والرعاية السيئة يتم تقديم هؤلاء المعتقلين الضحايا كقرابين من أجل أن ينال “ابن سلمان” عرشه المزعوم، فكم من شيخ مسن مريض مُنع عنه دواؤه! وكم من شاب أُهمل حتى أصابه العجز ومات قهرًا أو كمدًا على الحال التي وصلت إليها بلاده، وفي هذا التقرير سنحاول رصد وتوثيق حالات الوفاة التي استطعنا الوصول إليها والتأكد من مصداقية المعلومات حولها، والتي وقعت جراء التعذيب أو الإهمال الطبي والصحي داخل السجون السعودية:
1- الداعية “سليمان الدويش”:
في أغسطس 2018؛ كشف حساب “معتقلي الرأي” عن وفاة الداعية السعودي المعتقل “سليمان أحمد الدويش” داخل السجون السعودية جراء التعذيب، وتحفظ الحساب على ذكر تفاصيل التعذيب الذي تسبب بوفاة الدويش تقديراً لشخصه، وكان “الدويش” قد اعتقل في 22 إبريل 2016، بعد أقل يوم من نشر تغريدات حذر من خلالها الملك “سلمان” بشكل غير مباشر، من منح الثقة لابنه ولي ولي العهد ووزير الدفاع محمد بن سلمان آنذاك، الذي وصفه بـ “المراهق والمدلل”.
2- الشيخ “أحمد العماري”:
في يناير 2019؛ تم الكشف عن وفاة عميد كلية القرآن الكريم بجامعة المدينة المنورة سابقًا؛ الشيخ “أحمد العماري”، جراء جلطة دماغية أصابته داخل السجن وتم إهمال علاجها؛ ما أدخله في غيبوبة ثم أدى للوفاة، وكان “العماري” قد اعتقلته السلطات السعودية في أغسطس/آب الماضي 2018، في سياق حملة ضد المقرّبين من الدكتور سفر الحوالي.
3- الداعية “صالح الضميري”:
في أغسطس 2019؛ أُعلنت وفاة الداعية المعتقل “صالح عبد العزيز الضميري” داخل سجن الطرفية السياسي بمنطقة القصيم، وأوضحت مصادر حقوقية سعودية أن “الضميري” اعتقل لسنوات طويلة، وكان يعاني من إهمال طبي داخل السجن منذ ما يزيد على السبع سنوات، وأفاد “معتقلي الرأي” أن “الضميري” كان يقبع في زنزانة انفرادية طيلة المدة الماضية، رغم معاناته من مرض القلب.
4- الشيخ المحتسب “فهد القاضي”:
في نوفمبر 2019؛ توفي الداعية المحتسب “فهد القاضي” داخل محبسه، وهو باحث شرعي ومحتسب بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واعتقلته السلطات السعودية في سبتمبر 2016، على خلفية خطاب نصيحة سري وجهه للديوان الملكي معترضًا، وتم احتجازه في سجن الملز السيئ السمعة. وكان الشيخ “القاضي” قد وجه رسالة مناصحة قبل ذلك في 2013 إلى وزير التربية السعودي آنذاك، معترضًا على سياسة الوزارة في تعليم الفتيات، وعنوانها “ذوات الخدور وصهوات الخيول”.
وكشف حساب “معتقلي الرأي” في أواخر شهر أكتوبر الماضي، عن صدور حكم ضد الشيخ بالسجن لمدة 6 سنوات، رغم مرور أكثر من عامين على تبرئته في يناير 2017 ورد محكمة سعودية لدعاوى المدعي العام، وتأكيد أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونوه الحساب على أن القاضي “نبيل الجبرين” هو من أصدر الحكم الجائر على الشيخ الراحل.
كما أكد حساب “ميزان العدالة” أنه بعد صدور الحكم الثاني ضد الشيخ تعرض للإهمال الطبي، رغم أنه دخل السجن وصحته ممتازة، مضيفًا أنه “في الشهر الأخير أصيب الشيخ بانتكاسة صحية مفاجئة، وقبل وفاة الشيخ بأسبوع جاء أهله إلى السجن لزيارته في الموعد المعتاد، فلم يُسمح لهم بالزيارة بحجة انشغال الشيخ!!”.
وأشار الحساب إلى أن ذلك السبب لمنع الزيارة دفع أهل الشيخ للقلق عليه، وعادوا من الغد للسؤال عنه وعن سبب منع الزيارة، ومع إصرارهم قيل لهم: الشيخ متعَب ويعاني من ارتفاع يسير في درجة الحرارة.
وأكد الحساب أن إدارة السجن لم تنقل الشيخ “القاضي” للمستشفى إلا بعد أن أغمي عليه مساء يوم الاثنين 11 نوفمبر، حيث فحصه الأطباء، وأفادوا بأن صحته تدهورت بشكل خطير، بل رفعوا أيديهم وقالوا: هو في عداد الأموات.
5- الصحفي تركي الجاسر:
مطلع الشهر الجاري كشفت صحيفة “مترو” البريطانية عن قيام السلطات السعودية بتعذيب الصحفي السعودي تركي الجاسر حتى الموت، بعد قيام مكتب “تويتر” الإقليمي بدبي في الإمارات بالكشف هويته للسلطات.
وبحسب تقرير للصحيفة؛ فإن الجاسر اعتقل في السعودية باعتباره صاحب حساب (كشكول)، والذي كان متخصصاً في نشر معلومات عن انتهاكات حقوق الإنسان من قبل أفراد العائلة المالكة ومسؤولين في السعودية.
وأكدت الصحيفة أن السلطات السعودية توصلت إلى “الجاسر” بعد أن حصلت على معلوماته الشخصية من مكتب “تويتر” في دبي، الذي تورط في التجسس على حسابات المنشقين السعوديين.
واعتقلت السلطات “الجاسر” في 15 مارس الماضي بتهمة إدارة حساب على تويتر تحت مسمى “كشكول”، والذي كشف عن انتهاكات حقوق الإنسان من قبل السلطات السعودية وأفراد العائلة المالكة، ثم توفي أثناء تعرضه للتعذيب في الحجز، بعد أن أثار غضبًا بسبب تسرب مزعوم للمعلومات التي أدت إلى القبض عليه.
6- المعتقل “أحمد الشايع”:
في أغسطس 2019؛ كشفت حساب “معتقلي الرأي” على موقع التدوين المصغر “تويتر”، وفاة المعتقل “أحمد الشايع”، في سجن الطرفية، قبل وقفة عرفات، نتيجة للأهمال الصحي المتعمد من قبل السلطات.
وأوضح الحساب أن “الشايع تعرض خلال فترة سجنه لإهمال صحي متعمد وتعذيب جسدي ونفسي فاقم من معاناته”.
7- لاعب كمال الأجسام “حسين عبد العزيز الربح”:
في نوفمبر 2019، أفاد نائب رئيس المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان عادل السعيد، بوفاة لاعب كمال الأجسام المعتقل حسين عبدالعزيز الربح في محبسه، موضحًا أن “الربح” توفي داخل سجن المباحث السعودية، مؤكدًا أنه تعرض للتعذيب الوحشي منذ اعتقاله في أغسطس 2017، مشيرًا إلى أن “الربح” كان يعاني من شلل جزئي ومضاعفات أخرى نتيجة تعذيب السلطات السعودية له.
و”الربح” من معتقلي منطقة “القطيف”، اعتقل في 16 اغسطس/آب 2017، وتعرض للضرب المبرح منذ لحظة اعتقاله، ودمر باب منزله بطلقات نارية، وزج به في السجن الإنفرادي، وحرم من كافة حقوقة المكفولة ضمن الشرائع الحقوقية والقوانين الدولية.
وحتى الآن لا يزال ملف الوفيات داخل السجون السعودية جراء التعذيب أو الإهمال الطبي مفتوحًا، ولا صدى له سوى بعض الإدانات الدولية، والتقارير الحقوقية التي تزخر بوقائع يشيب لها الولدان، وسط صمت دولي يكاد يخترق الآذان بتورطه مع النظام السعودي في مقتل هؤلاء الأحرار.