تقرير خاص

منذ اعتلائه سدة ولاية العهد في السعودية، في منتصف 2017، حاول “محمد بن سلمان” فتح علاقات مع العديد من الفاعلين الدوليين، والشخصيات العامة الكبرى، في محاولة لإقناع الرأي العام العالمي أنه أمام شخصية منفتحة على العالم الغربي، بحضارته وثقافته المغايرة لكثير من الأصول والأعراف في المجتمع السعودي، وذلك لضمان التأييد الدولي له حين يأتي وقت اعتلائه لعرش المملكة.

ولكن للأسف تحولت صداقة هؤلاء الشخصيات والرموز بـ”ابن سلمان” إلى لعنة ظلت تطاردهم، حتى إنها قضت على تاريخ بعضهم الذي امتد لعقود.

1- الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”:

كان “ترامب” من أوائل الداعمين لـ”ابن سلمان”، وظهر ذلك جليًا في قضية مقتل الصحفي “جمال خاشقجي”، والتي قدم فيها “ترامب” الدعم اللامحدود والكامل لـ”ابن سلمان” للخروج من الورطة التي ورط بها نفسه بجرأته الغبية.

ولكن هذا الدعم تسبب في خسارة “ترامب” الكثير من الداعمين له في واشنطن، بل ومن داخل إدارته هو ذاته، حتى أن أعضاء بالكونجرس الأمريكي من ذات الحزب الذي ينتمي إليه “ترامب” قد طالبوه بوقف دعمه لـ”ابن سلمان”، وأن يتوقف عن توريط نفسه وإدارته في الوقوف ضد التحقيقات الجارية بشأن مقتل “خاشقجي”.

2- رئيس الوزراء اللبناني “سعد الحريري”:

فدومًا كانت العلاقات السعودية مع عائلة “الحريري”، فوق الممتازة، حتى حدث ما حدث مع “سعد الحريري” رئيس الوزراء اللبناني، الذي كان في زيارة للسعودية، وتواترت أنباء حول اعتقال “ابن سلمان” له بأحد القصور، وإجباره على تقديم استقالته من رئاسة الوزراء اللبنانية من السعودية، في موقف لم يحدث من قبل في عالم السياسة العربية والدولية!

ولولا التدخل الدولي، وخصوصًا من فرنسا، لما كان تم الإفراج عن “سعد الحريري”، والذي فور وصوله لباريس أعلن تراجعه عن الاستقالة التي تقدم بها من السعودية، في دليل واضح على صحة الأنباء حول اعتقاله بالسعودية، على يد “ابن سلمان”.

وحتى الآن لا زالت العلاقات بين الدولتين يشوبها حالة من التوتر، وذلك لرغبة “ابن سلمان” من “الحريري” والحكومة اللبنانية تحجيم دور “حزب الله” في الشأن اللبناني والإقليمي بشكل عام، وهو ما يراه اللبنانيون تدخلاً سافرًا من السعودية في الشأن الداخلي اللبناني.

3- الرئيس التنفيذي لشركة “سوفت بنك”:

قال ماسايوشي سون، الرئيس التنفيذي لشركة “سوفت بنك”، التي استثمر فيها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان 45 مليار دولار: إنه “أحمق” لاستثمار شركته التي تقدر بمليارات الدولارات في شركة “وي وورك”، التي تراجعت قيمتها إلى 2.9 مليار دولار من 47 مليار دولار العام الماضي.

وكان “سون” في لقاء تلفزيوني على قناة “بلومبيرغ” الأمريكي، سأله المذيع عن كيفية تمكُّن سون من إقناع “ابن سلمان” باستثمار 45 مليار دولار في ساعة واحدة، فقاطعه الأخير قائلاً: “قولك ساعة واحدة أمر غير صحيح، استغرق الأمر مني فقط 45 دقيقة، فأقنعته بـ45 مليار دولار”.

وقد رجح مراقبون اقتصاديون فشل صفقة “سون” و”سويفت بنك” بسبب تردد الأنباء حول حصوله على أموال من “ابن سلمان”، ما أثر على الاستثمارات التي دخلت فيها تلك الأموال، خصوصًا بعد قضية مقتل “خاشقجي”، ما جعل الكثير من المستثمرين يحجمون عن المشاركة في استثمارات “سويفت بنك”، بسبب اقترانها باسم “ابن سلمان”.

4- مدير مكتبه “بدر العساكر”:

نقلت صحيفة “العربي الجديد”، التي تصدر من لندن، عن مصدرين بالمعارضة السعودية أن  “بدر العساكر” المدير الخاص لمكتب ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” تعرض للاعتقال والإيقاف في الفترة الماضية.

وأضاف المصدران أن “العساكر” اعتقل برفقة عدد من أمراء الأسرة الحاكمة، دون توضيح من جانب السلطات عن سبب اعتقاله حتى الآن.

من جانبه، قام “العساكر” بنشر تغريدة عبر حسابه بـ”تويتر” للمرة الأولى منذ أكثر من شهر، تضمنت مقطع فيديو للمفكر المصري الدكتور “مصطفى محمود”.

وقالت المصادر إن “العساكر معتقل بلا شك، والتغريدة كتبت كرد على قيام المعارضة السعودية بإثارة الموضوع، وهو أمر سبق أن حدث مع الدكتور سلمان العودة، حينما قامت السلطات بإرسال رسائل نصية من جواله من دون علمه وهو معتقل”.

وأرجع أحد المصادر سبب الاعتقال إلى وجود “كراهية” شخصية بين “العساكر” الذي يرى نفسه منحدرًا من أسرة ثرية ومتعلمة وناجحة، وبين “سعود القحطاني” المستشار السابق في الديوان الملكي، وأن كليهما كان يتحين الفرصة لإسقاط الآخر، وجاءت أزمة “خاشقجي” لتبعد “القحطاني”، لكن “العساكر” تورط في قضية اختراق موقع “تويتر”، ما أدى إلى إبعاده نوعًا ما عن المشهد.

ولا يزال مسلسل سقوط أصدقاء “ابن سلمان” والمقربين منه مستمرا، بسبب سياسات وخطواته الخرقاء التي تضيف على كاهل هؤلاء الحلفاء والأصدقاء مزيدا من الأحمال بسبب استمرار علاقاتهم معه، ما جعل الكثيرين منهم ينفضون من حوله، ليبقى هو وحيدًا يعيث في المملكة الفساد دون رادع.