خاص: تسببت حالة التوتر في العلاقات بين السعودية وباكستان الدائرة حاليًا بسبب الموقف السعودي المخيب للآمال الباكستانية والإسلامية من قضية إقليم “كشمير”، ذي الغالبية المسلمة، في تسليط الضوء على الصراعات التي تسبب فيها وجود ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”، في دائرة الحكم بالمملكة.

فمنذ صعوده المفاجئ والغير متوقع، لم يتوان “ابن سلمان” على افتعال المشكلة تلو الأخرى مع دول العالم الإسلامي، وكان آخرها ما حدث مع دولة باكستان.

1- الصراع مع باكستان:

كان تصريح وزير الخارجية الباكستاني، شاه محمود قرشي، وانتقاده الصريح لموقف السعودية ومنظمة التعاون الإسلامي من قضية كشمير، بمثابة إشعال لفتيل الأزمة بين البلدين.

فقد انتقد “قرشي” منظمة التعاون الاسلامي التي تسيطر عليها المملكة عمليًا، بسبب عدم اكتراثها وتأجيلها الدائم في عقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء، من أجل دعم الكشميريين ودعم سبل حل قضية الإقليم.

وهدد بأنه إذا لم تعقد منظمة التعاون الإسلامي اجتماعًا لوزراء خارجية دول المنظمة، فإن باكستان ستعقد مؤتمرًا بشأن كشمير خارج إطار المنظمة.

يأتي التصعيد الباكستاني الجديد ضد السعودية، تزامنًا مع الذكرى الأولى للقرار الهندي الذي ألغت فيه الحكومة الهندية مادة من دستورها، تكفل الحكم الذاتي في جامو وكشمير ذي الأغلبية المسلمة.

وبدلاً من أن يعمل “ابن سلمان” على لم الشمل وإيجاد مخرج للأزمة، إذا به يشعلها أكثر بقرارات منها: وقف دفعات النفط مؤجلة السداد التي كانت تقدمها المملكة لباكستان، وكذلك مطالبة الحكومة الباكستانية برد الوديعة التي أخذتها من المملكة مؤخرًا.

2- الصراع مع ماليزيا:

عقب وصول “مهاتير محمد” إلى الحكم في ماليزيا، بعد أن أطاح بحليفه السابق “نجيب عبد الرزاق” الذي اُعتقل بتهم فساد كبيرة، ويعد من المقربين من السعودية، تأزمت العلاقة بين البلدين.

فقد اتهمت جهات قضائية ماليزية جهات سعودية رسمية، بالمشاركة مع “نجيب” في صفقات فاسدة، ومنحه أموالا دون وجه حق، ما تسبب في أزمة كبيرة بين البلدين، وسعي “ابن سلمان” لافتعال مشاكل مع الحكومة الماليزية بقيادة “مهاتير محمد”، ظهرت مؤخرًا جليًا في رفض السعودية حضور القمة الإسلامية التي عقدت في ماليزيا بحضور ممثلو نحو 20 دولة إسلامية.

وتعللت المملكة بعدم حضورها بأن القمة ليست الساحة المناسبة لطرح القضايا التي تهم مسلمي العالم البالغ عددهم 1.75 مليار نسمة. لكن بعض المحللين رأوا أن المملكة تخشى العزلة الدبلوماسية في القمة من خصومها في المنطقة إيران وقطر وتركيا.

3- الصراع مع المغرب:

بعدما كانت العلاقة السعودية – المغربية تتّسم بالمتانة والاستقرار، تغيَّر هذا الواقع تغيرًا كبيرًا بسبب التأثير الإماراتي على سياسة السعودية الخارجية.

فقد اختلفت المغرب مع الإمارات والسعودية في قضايا كثيرة، من ضمنها مقاطعة قطر، والحرب في اليمن، والصراع الداخلي الليبي، بالإضافة إلى موقف المغرب من ثورات الربيع العربي.

وتسببت كل هذه العوامل، في فتور العلاقة بين المملكة والمغرب الذي يحاول أن يكون بعيدًا عن مشاكل المشرق العربي، وظهر ذلك في تلميح رئيس الحكومة المغربي “سعد الدين العثماني” في احدى تصريحاته، إلى تدخل خليجي في المغرب يستهدف وحدة ترابه، وهو أمر في غاية الحساسية مغربيًا.

كما قامت المغرب باستدعاء سفيرها في الرياض بعد بث وسائل إعلام سعودية (قناة العربية)، فيلمًا وثائقيًا ضد وحدة التراب المغربي، في إشارة إلى قضية الصحراء المغربية.

جاء ذلك بالتزامن مع استضافة المغرب للمشاورات الليبية في الصخيرات، والتي انبثق عنها حكومة “فايز السراج”، فيما دعمت السعودية والإمارات قوات اللواء المتقاعد “خليفة حفتر” في حربه ضد حكومة التوافق.

حتى في الملف الرياضي، أبى “ابن سلمان” إلا أن تتأزم العلاقات فيه بين الدولتين، حيث صوّتت السعودية ضد استضافة المغرب لكأس العالم 2026، ما اعتبرته الرباط خيانة لها وللعروبة.

4- الصراع مع الكويت:

وهو صراع مكتوم، فحتى وإن لم يظهر للعلن فمن الواضح أن علامات انفجاره قد وضحت وبانت، خصوصًا بعد موقف الكويت الرسمي من اتفاقية التطبيع التي أبرمتها الإمارات -الحليف الرئيسي للسعودية- مع الكيان الصهيوني.

ولا ننسى موقف الكويت من أزمة حصار قطر، والتي وقفت فيها موقفا محايدا، بل وسعت لحل الأزمة والتفاوض بين الطرفين أكثر من مرة، ما جعل العلاقات بين السعودية والكويت تتأزم.

وكذلك خسرت المملكة هذه الدولة بسبب الحماقات السياسية لـ”ابن سلمان”، ومحاولاته للاستيلاء على حقول النفط المشتركة، والأطماع في المناطق الحدودية.

ولا ننسى بالطبع حماقات “ابن سلمان” مع العراق، وإيران، واليمن، وليبيا، وقطر، وتركيا، كل تلك الدول وغيرها ناصبها “ابن سلمان” بكل صلف وعنجهية وغرور العداء، لصالح من؟! لا أحد يعرف سوى “ابن سلمان” نفسه، الذي يبدو أنه جاء لتنفيذ مخطط عزل المملكة عن محيطها الإسلامي، ووقف دعمها لكافة القضايا الإسلامية المحورية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي وأدها “ابن سلمان” بدعمه اللامتناهي لما يعرف بـ”صفقة القرن”، واعتقاله للنشطاء الفلسطينيين.

ولكن هل سينجح “ابن سلمان” في مسعاه هذا؟! أم ستفشل خططه كما فشلت كل محاولاته في كافة المجالات السياسية والاقتصادية الإقليمي منها والعالمي؟!