تقرير خاص
شهدت العلاقات السعودية – العربية تطورات بالغة الدقة والصعوبة عقب تولي “محمد بن سلمان” لولاية العهد بالمملكة في 2017، فمنذ وصول الابن المدلل إلى مقعد الحكم الفعلي تأزمت العلاقات مع معظم الدول العربية بسبب السياسات الطائشة والغير متزنة التي تنتهجها المملكة منذ توليه.
فقد تغيرت بوصلة السياسة السعودية من داعم للقضايا العربية الكبرى –حتى وإن كان هذا الدعم ظاهريًا-، إلى معادٍ لشعوب كثيرة بالمنطقة، كما شهدت أهم قضية بالمنطقة وهي القضية الفلسطينية تخليا سعوديا، بل وسعي لوأدها من خلال دعم “ابن سلمان” لما يُعرف بصفقة القرن، والضغط على الفلسطينيين للقبول بها وتمريرها، إرضاءًا للجانب الأمريكي.
كما شهدت العلاقات مع دول عربية عدة أزمات متعاقبة تسبب فيها عدم وضوح الرؤية السياسية للمملكة، وعدم وجود اتصال مباشر بين القيادة السعودية والقيادات العربية، ما تسبب في زيادة وتعميق الخلافات بين تلك الدول والسعودية.
العلاقات السعودية – اليمنية:
تضررت العلاقة المتينة التي كانت بين السعودية واليمن، بسبب الحرب التي تشنها المملكة على الحوثيين المسيطرين على العاصمة اليمنية صنعاء، وذلك بسبب الاستهداف السعودي للمدنيين، وعدم الالتزام بالضوابط العالمية والإنسانية في التعامل مع الأزمة الإنسانية التي تفاقمت بشدة في اليمن.
وأيضًا كان للتدخل السعودي في القرار السياسي اليمني الرسمي، عامل ساهم في إضعاف تلك العلاقة المتينة، حيث افتقدت الثقة بين السعودية والكثير من الأطراف السياسية اليمنية العاملة على الساحة، نتيجة لضعف المواقف السعودية الرسمية تجاه الحركات الإنفصالية في الجنوب التي تدعمها الإمارات.
كذلك ما تعرض له الكثير من اليمنيين المقيمين بالمملكة للتهميش، والبعض الآخر للاعتقال بدون تهم قانونية، كل ذلك أدى لإضعاف العلاقة بين البلدين.
العلاقات السعودية – القطرية:
بالطبع تضررت العلاقة بين البلدين كثيرًا عقب إعلان السعودية بالإضافة للإمارات والبحرين ومصر، لقطع علاقاتهم الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر في يونيو 2017، وكانت تلك الخطوة هي القاصمة للعلاقة التي شهدت توترا عقب دعم قطر للحركات الإسلامية السياسية بمصر بعد انقلاب الجيش المصري في 2013 على أول رئيس مصري منتخب الدكتور محمد مرسي.
كذلك انتهاج قطر لخط سياسسي مغاير للخط الذي تنتهجه كلاً من السعودية والإمارات، أدى في النهاية لإخراج تلك الخلافات للعن على شكل قطيعة رسمية بين البلدان الخليجية.
ولكن الأخطر في تلك الأزمة هو ما قامت به السعودية والإمارات في تعميق الهوة المجتمعية بين البلدان المقاطعة لبعضها البعض، ولعب الإعلام الرسمي السعودي الدور الرئيسي في تأجيج مشاعر العداء بين السعوديين ضد قطر وشعبها، كذلك إلقاء السلطات السعودية القبض على العديد من القطريين ممن كانوا يزورون أهلهم بالمملكة بحجة التجسس، أو المشاركة في أنشطة عدائية ضد السعودية وحكامها!
حتى وبعد الحديث عن قرب إعلان مصالحة خليجية –حتى وإن كانت بين السعودية وقطر فقط-، إلا أن الزيارات المكوكية لولي العهد السعودي للإمارات تعود بالضرر على ذلك الحل المأمول، ففي كل مرة تنتشر أخبار قرب إيجاد حل خليجي، تأتي زيارة سعودية رسمية لأبو ظبي فتعيد الأزمة إلى المربع صفر، وذلك ناتج بالطبع عن عدم استقلالية القرار السعودي الرسمي.
العلاقات السعودية – العُمانية:
يدور في كواليس العلاقات بين البلدين أزمة مكتومة؛ بسبب علاقة الطرف العُماني مع الجانب الإيراني، وموقفه من الأزمة اليمنية وكذلك حياده في الأزمة القطرية، وانتهاجه هو الآخر لخط سياسي مستقل عن الخط السياسي السعودي، وظهر ذلك من خلال عدم قيام العاهل السعودي بزيارة سلطنة عُمان في جولته الخليجية التي شملت جميع الدول الخليجية.
وتظهر تلك الأزمة المكتومة بين الفينة والآخرى، من خلال فلتات لسان بين ثنايا تصريحات لمسئولين من البلدين، وكذلك في وسائل الإعلام السعودية، التى شنت حرب إعلامية على النظام العُماني بسبب قربه من إيران.
ورغم ذلك تحاول السعودية الحفاظ على “شعرة معاوية” بينها وبين سلطنة عُمان لعلمها بأهمية الدور العُماني المحايد في حفظ استقرار المنطقة، وكذلك لحاجتها للوساطات العُمانية في كثير من قضايا المنطقة، وخصوصًا مع إيران والحوثيين، مرورًا بمحاولات عُمان تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الخليجيين، إلا أنه رغم كل تلك المحاولات إلا أن العلاقات بين البلدين تشهد حالة من الفتور والتململ السعودي من الدور العُماني في المنطقة.
العلاقات السعودية – الكويتية:
رغم نجاح البلدين في التوصل مؤخرًا لحل توافقي حول أزمة المنطقة النفطية المقسومة بين البلدين، إلا أن هناك حالة من (عدم التباين) بين سياسات البلدين.
فالكويت تسعى للتوسط في الحصار الذي تفرضه السعودية والإمارات والبحرين بالإضافة إلى مصر على قطر، كما سعت الكويت للبقاء على الحياد، لكن مساعي الأمير للتوسط في الخلاف لم يحالفها النجاح حتى الآن. كما حافظت الكويت، التي توجد بها أقلية شيعية كبيرة، على خطوط الحوار مفتوحة مع إيران. وتدعم السعودية وإيران أطرافا متعارضة في حربي سوريا واليمن.
وفي تحرك ربما يعقد العلاقات مع الرياض أكثر، وقعت الكويت أكتوبر الماضي، على خطة تعاون دفاعي مع تركيا فيما قيل إنه يهدف لتعزيز العلاقات الثنائية، وقال عضو البرلمان الكويتي صالح عاشور حول ذلك، إن “الوضع (الإقليمي) لا يبشر باستقرار، وبالتالي على كل دولة أن تفكر كيف تحمي نفسها”.