جاء تقرير نشرته صحيفة “ديلي ستار” البريطانية حول اعتقال الأمير “سلمان بن عبد العزيز بن سلمان بن محمد آل سعود”، كحجر ألقي في المياة الراكدة، منذ اعتقاله على يد ابن عمه ولي العهد “محمد بن سلمان”، في يناير/ كانون الثاني 2018.

فقد كشفت الصحيفة البريطانية ذائعة الصيت، عن السبب الحقيقي وراء اعتقال الأمير الشاب، بعد أن تضاربت الآراء حول سبب اعتقاله المثير للجدل.

وفور نشر التقرير، بدأت حركات دولية من حقوقيين في أمريكا ودول أوروبية عدة، من أجل الضغط على “ابن سلمان” للإفراج عن الأمير “سلمان” ووالده، رغم عدم خوض الأمير الشاب في الشأن السياسي أبدًا، بحسب تعبير صحيفة “ربابليك”.

– من هو الأمير “سلمان”؟

الأمير “سلمان بن عبد العزيز بن محمد آل سعود”، وُلد بالرياض في 15- 1- 1403هجرية، الموافق لـ(1 نوفمبر 1982 )، وينحدر من فرع الإمام “تركي بن عبد الله بن محمد آل سعود”، مؤسس الدولة السعودية الثانية. والدته هي الأميرة “نوف بنت عبد الله بن عبد الرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود”، حيث إن والدها “عبد الله” هو الأخ الأصغر للملك “عبد العزيز” مؤسس المملكة العربية السعودية.

يجيد الأمير “سلمان” اللغة الفرنسية بطلاقة، وتخرج من جامعة الملك سعود بعد أن درس القانون، كما أتم الدراسات العليا في جامعة أكسفورد، وأكمل درجة الماجستير في القانون الدولي في جامعة سانت كليمنتس، وحصل على درجة الدكتوراه في جامعة السوربون الفرنسية.

وهو مؤسس “نادي المحركون” ويهدف النادي إلى جلب القادة الشباب في العالم معًا في منصة واحدة، لتبادل المعارف والأفكار والمعلومات، لبناء الشبكات والاتصالات، وتعزيز العلاقات ذات المغزى وتيسير التبادل الثقافي، كما أنه معروف عنه كونه “شيك فارغ” لتمويل الكثير من المشروعات التنموية بالبلاد الفقيرة.

– بداية قصة الاعتقال:

ليلة الرابع من يناير/ كانون الثاني 2018، كل شيء تغير، وفي الوقت الذي لا تتضح فيه كل الحقائق، إلا أن أصدقاء الأمير “سلمان” يقولون إنه كان في منزله قرب الرياض عندما تم استدعاؤه إلى قصر الحكم بالرياض، وسرعان ما تحول النقاش إلى مشاجرة مع سعود القحطاني، الذي كان حينها مستشارًا بالديوان الملكي السعودي ومن المقربين لولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، قبل أن يعفى من منصبه على خلفية قضية مقتل الإعلامي السعودي، جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

أصدقاء مقربون للأمير “سلمان” قالوا إنه احتجز بعدها، وأخذ إلى سجن “حائر” مشدد الحراسة خارج الرياض، في حين أتى التعليق الرسمي الوحيد على لسان الادعاء العام بالمملكة بأن 11 أميرًا احتجزوا على خلفية تجمعهم في قصر ملكي؛ احتجاجًا على قطع الحكومة مخصصات سداد فواتير المياه والكهرباء عنهم!

وبعد يومين على احتجاز الأمير سلمان، احتجز والده، الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن محمد آل سعود، بعد لجوئه إلى محامين دوليين في قضية ابنه.

وبعد احتجازه لنحو عام في سجن “الحائر”، وبعدها في فيلا خاصة مع والده الأمير عبد العزيز بن سلمان، تم نقل الأمير إلى موقع احتجاز سري في  مارس/آذار، بحسب ما أكدت عدة مصادر.

وذكرت ثلاثة مصادر للوكالة أنه تمت إعادته بشكل غامض إلى الفيلا الأسبوع الماضي، وما زال من غير الواضح سبب نقله إلى الموقع السري. وبحسب المصادر فإن الاستخبارات السعودية تقوم بمراقبة مكالماته الهاتفية مع أسرته، ولكن عودته قد تكون بمثابة مؤشر أولي على نجاح الضغوط الدولية لإطلاق سراحه.

– السبب الحقيقي وراء اعتقال الأمير الشاب:

مقربون منه قالوا إن الأمير الشاب كان يحشد تأييدًا لإطلاق سراح ابن عمه، الأمير تركي بن محمد بن سعود الكبير، الذي كان مستشارًا ملكيًا وعمل في وزارة الخارجية لـ30 عامًا، قبل أن يطلق سراحه بعد نحو 3 أشهر على اعتقاله.

بينما أكدت صحيفة “ديلي ستار” أن السبب الحقيقي وراء اعتقال الأمير “سلمان” هو لقاؤه مع عضو الكونجرس الديمقراطي، آدم شيف، قبل انتخابات عام 2016، رغم أن مكتب “شيف” نفى إجراء أي حديث سياسي في ذلك اللقاء، قائلاً إن الحديث: “كان عن السعودية بشكل عام”.

فيما يتردد في أروقة الديوان الملكي أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان يشعر بالغيرة الشديدة من ابن عمه الشاب بسبب امتلاكه لإمكانات ذهنية فريدة ومهارات وعلاقات خارجية، فضلا عن حيازته لدرجات علمية متميزة حصل عليها من خارج البلاد، وهو ما يفتقر إليه ابن سلمان في الوقت ذاته، فحرك ذلك في نفسه نيران الغيرة من ابن عمه فأمر بإلقاء القبض عليه، وهو سلوك درج عليه ابن سلمان في الفترة الأخيرة منذ توليه ولاية العهد بالمملكة بتعمد اعتقال وإهانة ذوي المهارات، لكي يكون هو المتميز الوحيد على الساحة.

وما زالت دائرة الاعتقال تدور حتى تطال الجميع في المملكة، بدون سابق إنذار أو حصانة تحميه، فـ”ابن سلمان” اعتقل الجميع، نساءً ورجالاً وأطفالاً، أمراء ومستشاريين، وأكاديميين وعلماء ودعاة، معارضين وحتى مؤيدين.

ولكن يبدو أن الأمور قد تغيرت في الخارج، وأن الضغوط زادت عليه نتيجة لآثار تلك الاعتقالات داخل العائلة المالكة، والتي جعلت أقوى حلفاء “ابن سلمان” يضغطون من أجل الإفراج عن الأمير “سلمان”، وغيره من الأمراء والأميرات الذين تم اعتقالهم منذ تولي “ابن سلمان” لولاية العهد.

ولكن هل ستسمر تلك الضغوط، وتصل لـ”معتقلي الرأي”، أم أنهم لا بواكي لهم، فلا ملايين ينفقونها للوبيات الضغط الأمريكية والأوربية، للضغط على صناع القرار هناك لتأييد الإفراج عنهم، ولا صوت لهم يدعمهم دوليًا للوصول لصناع القرار هناك!